تثبت الوقائع في كل يوم أن الغرف المهنية هي مجرد مؤسسات جامدة ولا يكلف المدبرون أنفسهم حتى التفكير في الاستشارة معها ، وهو أمر يدعو للتساؤل ذي التأويلات المتعددة ، خاصة وأننا بصدد مؤسسات دستورية وجب تفعيل دورها ، كما هو حال الغرف المهنية في كل أقطار الدول التي نصبو لأن ننافسها أو تلك التي نريد أن نلحق بركبها ، حتى تمثيليتها في غرفة المستشارين نجدها ضعيفة في الوقت الذي نمنح فيه لجمعية الباطرونا وهي فقط جمعية ستة مقاعد .
عطب هذه الغرف وهي الصناعة والتجارة والخدمات ، وغرف الصيد البحري والصناعة التقليدية والفلاحة ، سيظهر مؤخرا بشكل جلي على مستوى جهة الدارالبيضاء سطات ، أي أكبر جهة في المملكة ، حينما تقرر تنقيل أسواق الجملة للخضر والفواكه وسوق الأسماك وسوق الحبوب والقطاني وسوق البيض وسوق الدواجن وسوق اللحوم الخضراء من الدارالبيضاء إلى منطقة سيدي رحال ، وخلق أقطاب اقتصادية مكانها ، بمعنى أننا أمام تحول اقتصادي كبير يهم مئات المهنيين ومع ذلك عندما نطل على مشروع الاتفاقية نجد هذه الغرف غائبة وغابرة تماما ، ليس هذا فقط بل إن هذه الغرف لم يتم حتى إعلامها أو الإستئناس برأيها ولو في إطار تنفيذ المقاربة التشاركية ، ما يجعلنا أمام سؤال الجدوى من وجودها أصلا ، تحول اقتصادي من منطقة إلى أخرى يعني في المقام الأول التجار والفاعلين الاقتصاديين ، كما يعني النهوض بالتنمية وأول مغيب هو المؤسسة التي تحتضنهم ، حتى وزارة الصناعة والتجارة في هذه الاتفاقية نجدها مجرد ممول ليس أكثر ،كذلك الشأن بالنسبة لوزارة الفلاحة والصيد البحري ، فيما تغيب وزارة الصناعة التقليدية بشكل نهائي ، وكأن الصناع التقليديين ليس من حقهم أن يستفيدوا من هذه المنصة ويعامل معهم كما لو أن لهم تخمة من الأسواق التي يروجون فيها منتوجاتهم .
بلغة الأرقام نحن نتحدث عن 1.5 مليون طن يستقبلها مثلا سوق الجملة للخضر والفواكه سنويا ، وكذلك باقي الأسواق المعنية بالمنصة الجديدة ويتم التخطيط في غياب الفاعل الأساسي ومؤسسته الطبيعية ، رئيس غرفة الصناعة والتجارة والخدمات حسان بركاني سيصدمنا في تصريح لجريدتنا عندما قال ، ليس فقط لم يستشيرونا بل إنه لا علم لنا بالمشروع أصلا وكسائر المواطنين اطلعنا عليه عبر وسائل الإعلام ، حينما نواجههم بهذه الملاحظة تكون الإجابة بأنه ليس دوركم فانتم فقط لكم مهمة التكوين وما شابه ، وهو أمر غير مستساغ إذا ما قارنا أنفسنا كغرف مع أخرى بلدان صغرى ن المهنيون مسجلون لدينا وكل من له الباطونطا فهو بالضرورة تابع للغرفة ، ومع ذلك لا نشرك في مشروع استراتيجي وهو أمر غريب صراحة ، وأضاف ، الغرف هي شبيه برجل المطافئ لا يتم الاحتياج إليها إلا في المهام المعقدة ، حينما يكون إضراب ما أو إحصاء للمهنيين وغير المهنيين أو تجميع أصحاب سوق أرادوا ترحيله ، كما هو الحال بالنسبة لتجار درب عمر أو إنجاح عملية التسجيل في صندوق الضمان الاجتماعي اما ان نباشر دورا فعالا واستراتيجيا فالقوانين تقزمنا ، وهذا أمر مؤسف ، لقد سبق منذ 9 أشهر تقريبا أن قدمنا كغرفة مقترح قانون لجعل الغرفة رافعة تنموية لكننا إلى حدود الآن لم نتلق أي جواب..
غرفة الصناعة التقليدية والصناع التقليديين ، لا تدخل البتة في الحسابات ، فهي متروكة لمصيرها دون ان تتدخل أي جهة لفك مشاكلها ، وقد نضحك حد تبرز النواجد إذا علمنا أن مشروعا بني في منطقة حد السوالم من طرف الجهة ، ليكون سوقا كبيرة للم الصناع التقليديين ومزاولة نشاطهم ، هذا المشروع تقرر في سنة 2009 ، وبني بمواصفات علي لكنه لم يفتح إلى حدود الآن بسبب 15 مليون سنتيم ، نعم 15 مليون سنتيم أوقفت مشروعا حيويا ، لأن المقاول لم يتوصل بهذا المستحق ودخل في دعاوى قضائية وهي مازالت قيد رفوف المحاكم ، المدبرون لم ينقدوا حتى هذا المشروع فما بالك في أمر استشارة هذه الغرفة أصلا.
ما قيل على غرفة الصناعة التقليدية يقال على غرفة الصيد البحري والفلاحة ، فهذه الأخيرة بدورها لم تعلم بما يجري إلا عبر الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي ، رغم أنها هي المرتبط الأصلي بالمهنيين .
من جهتهم التجار المزاولون داخل هذه الأسواق ، يتساءلون عن مآلهم ، وما هي الصيغة التي سيتعاملون معهم بها ، هل ستكون لهم الأسبقية في الاستفادة من الأماكن أم ستكون هناك شروط أخرى ؟ منهم من استغرب كيف لم يتم الاستماع إلى وجهة نظرهم بخصوص المنصة الجديدة خاصة أنهم أهل خبرة وتجربة وحرفة في المجال
ثم تغييبها من قرار نقل أسواق الجملة الغرف المهنية, هل هي مجرد ديكور جاثم على تراب الجهات ؟
الكاتب : العربي رياض
بتاريخ : 06/12/2023