الملك والأمين العام.. وشلل مجلس الأمن!

عبد الحميد جماهري

إن سوء تسمية الأشياء يزيد من بؤس العالم – ألبير كامو

لم تمض إلا أيام قليلة، حتى أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، يوم أمس الأحد أمام منتدى الدوحة، ما سبق لجلالة الملك أن نبه إلى خطورته في رسالته، يوم 29 نونبر الذي ودعناه، من وجود انقسامات في أعلى هرم الأمم المتحدة تَحولُ دون فرض وقف إطلاق النار الهمجي في غزة.
هي معاينة بين قائدين يشتركان في كونهما قامتين عالمتين في صلب الانشغال بهاجس السلام وعدم إغلاق المستقبل بحاجز من حديد ونار يجعل هذا المستقبل بلا جدوى، أو متأخرا عن وقته بكثير.
فقد سبق لجلالته أن نبه ودعا، في رسالة إلى رئيس اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، شيخ نيانغ، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، القوى الفاعلة ومجلس الأمن إلى الخروج من حالة الانقسام، والتحدث بصوت واحد من أجل اتخاذ قرار حاسم ملزم بفرض الوقف الفوري والمستدام لإطلاق النار…
وشدد العاهل المغربي على أبعاد ذلك بالتنصيص، على أن الوضع المشار إليه «يسائل ضمير المجتمع الدولي، وخاصة القوى الفاعلة، ومجلس الأمن باعتباره الآلية الأممية المسؤولة عن حفظ الأمن والاستقرار والسلام في العالم».
فما الذي حدث؟
الذي حدث هو أن هذه الدعوة الحاسمة، التي جاءت في فترة مفصلية من الوضع الدولي، عموما، ومن الوضع في المنطقة الشرق أوسطية على وجه الخصوص، لم يتأخر صداها دوليا، ولقيت كل مداها عندما كشف الأمين العام للأمم المتحدة عن دقتها في شرح ما يقع، وصرح بأن المعاينة الحالية، على ضوء إفشال قرار وقف الحرب، تبين أن الآلية الأممية أصابها «الشلل بسبب الانقسامات الجيواستراتيجية»، ومعناها بالعربي الفصيح أنها مطبوعة بحالة انقسام مزمنة، حرمتها من الحديث بلسان واحد و«صوت واحد من أجل اتخاذ قرار حاسم ملزم»، كما دعا إلى ذلك ملك البلاد.
لقد أسهب الأمين العام ـ تصريحا لا تلميحا ـ في وصف حالة البشرية اليوم، من خلال وضع شلل مجلس الأمن، حيث اعتبر أن:
ـ سلطة مجلس الأمن الدولي ومصداقيته قد تم تقويضهما بشدة…
ـ العالم يواجه خطرا شديدا لانهيار النظام الإنساني…
ـ الوضع يتدهور بسرعة ويتحول إلى كارثة ذات آثار محتملة لا رجعة فيها على الفلسطينيين ككل وعلى السلام والأمن في المنطقة…
وهي كلها معطيات تبين أن قواعد الاشتباك في طورها إلى التحول، وأن رقعة الاضطراب الحربي لن تقف عند قتل الفلسطينيين وتهجيرهم، بل سيكون ذلك مقدمة لانهيار شامل، قد يشبه الانهيار الذي ساد العالم بعد الحرب العالمية الثانية بدون الحاجة إلى المرور عبر الحرب العالمية الثالثة…
إن الحرب، في تعبيراتها الأكثر مباشرة، تكمن في غياب أفق للسلام، وهذا حاصل الآن، وقبل العدوان الإسرائيلي على غزة…
وفي الحالة التي نتابعها اليوم، نضيف اليأس من السلام إلى ملموسية الإبادة الجماعية والتقتيل الشامل والعقاب الجماعي والتهجير، وكل ما نشاهده من تكثيف درامي في غزة…
وكل ما سبق يمكن إدراجه ضمن مقومات» مرحلة فاصلة« بتعبير ملك المغرب. لا تخص المنطقة لوحدها بل تنسحب على مجموع توازنات العالم برمته.

الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 11/12/2023

التعليقات مغلقة.