تعاطٍ جاف مع الشكايات وتدبير «متكلّس» للملفات
أضحى عدد من المواطنين يطلقون اسم الصندوق الوطني للتماطل على المؤسسة العمومية التي تقوم بمهمة التدبير الإداري لأنظمة التقاعد وبعض الأنظمة والخدمات لحساب الغير، والتدبير المالي للأرصدة الاحتياطية لأنظمة التقاعد، وذلك بسبب الجمود الذي يعتري مساطر معالجة العديد من الملفات، وكذا طريقة استقبال وتدبير الشكايات، التي تطرح أكثر من علامة استفهام، وتجعل مؤسسة الصندوق المغربي للتقاعد خارج كل مسار ونسق إصلاحيين للإدارة، بشكل يجعل المتضررين يرون بأنها لا تنتمي إلى زمن إصلاح الإدارة، سواء في ارتباط بالقانون 55.19 نموذجا، أو بغيره من الخطوات التي جاءت لكي تعمل على تحسين وتعزيز العلاقة بين الإدارة والمواطنين وتعيد زرع الثقة بين الطرفين؟
وضعية يشتكي منها بالأساس، عدد من الموظفين الذين قدموا استقالاتهم من الوظيفة العمومية في قطاعات مختلفة، والذين وضعوا ملفات من أجل استرداد مبالغ الاقتطاعات التي كانت تتم مباشرتها من أجورهم، والتي بكل أسف تعرف تماطلا كبيرا في المعالجة بشكل يظهر كما لو أن مصالح هذا الصندوق تنهج نمطا تقشّفيا، يجعلها تجد صعوبة في إعادة الحقوق المالية لأصحابها، بالنظر إلى أن العديد من الملفات ظلت تراوح مكانها لأكثر من ستة أشهر، دون أن يتمكن أصحابها من استرداد مستحقاتهم.
ملفات، وجد عدد من أصحابها أنفسهم يترددون على أكثر من مصلحة إدارية، بهدف معرفة أسباب التعثر، ليخبروا في نهاية المطاف؛ أو لنقل في بداية مسار آخر من المماطلة؛ بضرورة الاتصال بالمصالح المركزية للصندوق لمعرفة مآلها، فوجد بعضهم، وفقا لشهادات تم تقديمها لـ «الاتحاد الاشتراكي»، أنفسهم أمام معطى يخبرهم بأن وثيقة ما ناقصة، دون أن تخبرهم قبل ذلك أي جهة بذلك حتى يقوموا بما يلزم، مما يدلّ على أن تلك الملفات لو ظلت لسنوات وليس لمجرد أشهر عند مصالح الصندوق ما كان أصحابها سيعلمون بهذا «النقص»، الذي سيتضح لاحقا بأنه غير موجود بتاتا، وبأن فتح الملفات رقميا من طرف بعض الموظفين هو الذي لم يتسم بالدقة، واقتصر على جزء دون غيره في إطار المرفقات، فتسبب ذلك في تعطيل كان يمكن تفاديه بتركيز قليل؟
تدقيق، تطلّب أكثر من شهر على المستوى الزمني في أحد الملفات للتأكد من توفر كل الوثائق التي تخصه، ليقدّم وعد لصاحبه هاتفيا بعد الاتصال بالصندوق، وهي الاتصالات التي يتم تسجيلها بالمناسبة، على أن الإشكال ستتم معالجته بعد شهر، وبأن المعني بالأمر سيتوصل بمستحقاته، الأمر الذي لم يتم في التاريخ الموعود، فتم الاتصال من جديد للاستفسار، ثم جاء الجواب يحيل على موعد لاحق، يمتد هو الآخر لشهر. وعود اتضح مع مرور الأيام والأسابيع بأنها لن تتحقق، وهذه المرة بداعي خوض موظفي الصندوق لإضراب منذ 14 نونبر الفارط، ليظل الوضع معلّقا حتى إشعار آخر، في غياب جواب شافٍ، وانعدام رؤية حقيقية للتعامل الجاد مع ملفات المعنيين، وفقا لعدد من التصريحات والشهادات التي استقتها الجريدة، التي تؤكد أن المؤسسة المعنية لا تستحضر الإكراهات التي قد تكون دفعت الموظفين المستقيلين للمطالبة باسترداد مستحقاتهم المالية، أو التزاماتهم الخاصة، التي قد يكونوا التزموا بها بناء على المواعيد التي تم تقديمها لهم هاتفيا، مع الإشارة إلى عدم التعاطي مع الشكايات التي تم إرسالها على البريدي الإلكتروني للصفحة الرسمية للصندوق؟
وضعية، ينهي الصندوق على إيقاعها الصندوق المغربي للتقاعد سنة 2023، ويستقبل سنة جديدة، يرى الكثير من المحتجين على التدبير الإداري لهذه المؤسسة، أنها ستستمر في غياب معالجة مسؤولة للملفات، خاصة وأن العديد من المتضررين، بمن فيهم الذين تمت تسوية وضعياتهم سابقا، قد أكد عدد منهم أنهم عاشوا نفس المعاناة والتسويف، بل إن بعضهم وأمام كثرة الاتصال طٌلب منهم القدوم إلى مقر الصندوق في الرباط لتتبع ملفاتهم، حتى وإن كانت تفصلهم عنها مئات الكيلومترات، مما جعلهم يكوّنون قناعة على أن إدارة الصندوق تحنّ إلى زمن كانت فيه البيروقراطية عنوانا للعديد من الإدارات، وهو الزمن الذي ولى في مجموعة منها بفضل الإصلاحات التي تمت مباشرتها والأوراش التي تم فتحها والخطوات التي تم قطعها، في حين أن هذه الإدارة يبدو على أنها لا تزال تعيش تكلّسا في مفاصلها. فإلى متى سيتواصل هذا التجميد وإلى متى سيستمر تعطيل مصالح المواطنين والإضرار بها؟