الشاعر العربي الحميدي يُصدر» لا شيء أخافُ سوى الخريف»

عن» عبور الثقافية للنشر»، صدر للشاعر المغربي المبدع العربي الحميدي، مجموعة شعرية تحمل عنوان:» لا شيء أخافُ سوى الخريف»، ليُراكم بذلك مسارا إبداعيا متميزا يُحسب لمشهد الشعرية العربية الحديثة.

وقد جاء المنجز في 190صفحة من القطع المتوسط، وزخر بجملة من النصوص المنفتحة على العديد من القضايا والهواجس والأسئلة، متخذة من تيمة الخلود الذي قد تكتبه القصيدة الصادقة، الواعية بواقعها تمام الوعي، ثيمة أساس لها، ومركزا جمّل كهذا مشروع يراهن على إنسانية الكائن، في الكتابة والنضال.

هذا والجدير بالذكر  أن التقديم لهذه المجموعة الباذخة، كتبه الشاعر والناقد المغربي أحمد الشيخاوي، من خلال دراسة مطولة ومعمقة نُشرت في العدد 116 من مجلة نزوى الفصلية العُمانية، نقتطف له:

«فبوادر الاستثناء، ليس تنبت سوى في مِخيال الشخصية المتردّدة، أو الذات الشّكَّاكة القلقة، بمعزل عن الاضطراب بالطبع، أو الطّبعْ المرضي، الذي ليس هذا سياقه.

فالشّك» الشعري»، هنا، هو بمثابة النار الهادئة التي تُنْضج حمولات بلاغة التجاوز، وتتماهى مع عوالمها المغرقة في الوهم الذاتي، فينقل الذات، بالتالي من خندق العذابات والمكابدات، إلى ربيع الإبداع، المعطّل لصيرورة الزمن، والمجمِّل للعبور الحالم في كل الأمكنة.

الذات الشاعرة، من خلال هذه الأضمومة، تحصر خوفها في الخريف، الذي بتملّي ما خلف ألوانه، يتحدد الغرض، وعلى النحو الذي يُقال فيه الشيء ويُقصد خلافه، إذا الظاهر من ترديد لفظة» خريف» بدءا من العنوان، ومرورا بتمفصلات عدّة من المتن، هو ترديد قد يُفيد أشواط انقطاع العمر، وتذيّله بفَناء حتمي ومؤكد، ظاهريا مثلما بيَّنا، بيد أنه ماهياتيا خوف حدّ الهوس من الشيخوخة الإبداعية، وغِبُّ العطاء، وقد تمّ الاستهلالُ بما يدلُّ على هذا، وفي ذلك مدعاة للتّمني، بل إنه أشبه بالتجديف الجواني، قصد خلق مخرج، أو منعطف إلى قناعة واهمة أيضا، بالتوحّد مع الموت كلغز وجودي كبير، ضاجّ بكل ما هو فلسفي وعميق.

ومن طقوس الديوان نقرأ:

في خلوتي.

منه أَتِيه فِي رَحم الدّجى

تَفِرّ الْقَصائِد مِنّي

مَاء غُرُوب السحاب.

بِمَن لا أَرى أهتدي

أنشطر كبَرق الصّمت في العراء

أَتَمزق بَيْن فكّيْ الضباب

وَروحي حقل جثة

ترتوي بِسكر الغِياب

مِزَاج الظَّنّ يَعْصف بِي

أَنِين سُرَادقه يزن في أذني

فَتطول مَسافة عذاب المخاض.

 


بتاريخ : 23/12/2023