تفاصيل قصة “المالي” الذي جر الناصري ورئيس جهة الشرق إلى سجن عكاشة

اعتقل بمطار محمد الخامس وحكمت عليه زجرية الدار البيضاء بـ 10 سنوات سجنا نافذا

 

 

كان ذاك الصباح الخريفي لا يزال يلتحف السواد عندما حلت فرقة خاصة تنتمي إلى المديرية العامة لحماية التراب الوطني بالرباط من أجل الاستماع إلى شخص أجنبي في عهدة المندوبية العامة لإدارة السجون يقضي عقوبة حبسية تصل عشر سنوات في السجن الفلاحي العدير، بعد أن حوكم نهائيا بغرفة الجنح الاستئنافية بالبيضاء وقضى جزءا من عقوبته بالسجن المحلي عين السبع المعروف بعكاشة .
لم يكن السجن الفلاحي العدير إلا نقطة تحول ومرور في حياة هذا السجين، فقد كان التحضير جاريا لنقله إلى السجن المركزي «مول البركي»، كما هو منتظر في خريطة التنقيل السجني بالمندوبية العامة للسجون، إلا أن هذا السجين الذي ظل يعتصر عقله لعدة أيام من أجل وضع العديد من الأفكار والمعلومات القيمة اضطر معها مدير مؤسسة السجن الفلاحي العدير إرسالها إلى الإدارة العامة للأمن الوطني تحت إشراف مباشر منها وإخبار مصالح النيابة العامة، وكل من له حق الاطلاع
على المعلومات القيمة، التي توصلت بها المديرية العامة للأمن الوطني، والتي كانت بمثابة كنز ثمين أوفدت من أجل الحصول عليه فريقا من المحققين المتميزين، الذي مكثوا داخل مكتب خاص هيأته مؤسسة السجن لضيوف من نوع خاص لم يمكثوا أكثر من اثنتين وتسعين ساعة استمعوا خلالها إلى سجين من نوع خاص جدا على جميع المستويات،
سجين مدان بعشر سنوات حبسا نافذا من أجل الاتجار الدولي في المخدرات القوية، سجين من نوع خاص لأنه أجنبي وجنسيته من بلد يعيش انقساما سياسيا، كما تعرف العديد من مناطقه تجارة المخدرات والأسلحة، فمن يكون هذا الرجل المهم الذي جعل مسؤولين كبار من مديرية مراقبة التراب الوطني ينتقلون من الرباط إلى العدير لفتح بحث معمق في ادعاءات كان الجميع يعتبرها مجرد فقعات غير أنه سيظهر في ما بعد أن الأمر كان مجرد بداية البدايات؟
مباشرة بعد وضوح الرؤية حول صاحب الشكاية وبأن الأمر أكثر من جدي فوجئ الرأي العام بصدور مقال طويل ومفصل يتطرق لما عاشه أجنبي من طرف بعض رجال الأعمال المغاربة الذين حاولوا الاستيلاء على بعض من ثروته المالية والعقارية بل استولوا على جزء منها.

فمن يكون هذا الرجل الذي فجر الحكاية؟

لقبه ؟ «المالي»، هويته الحقيقية؟ الحاج أحمد بن إبراهيم، تاريخه؟ لسنوات طويلة كان يتربع على عرش المخدرات بشتى أنواعها إفريقيا، يعتبره المقربون منه، وكذلك الفرقة الوطنية للشرطة القضائية «البارون» و»الأب الروحي»لتجار المخدرات الكبار مغربيا وإفريقيا…
اعتقل «المالي» في مطار محمد الخامس الدولي عام 2019، وحكمت عليه زجرية الدار البيضاء بعشر سنوات لينقل سنة 2021 من السجن المحلي بالبيضاء إلى السجن الفلاحي العدير ضواحي الجديدة، حيث أجمع مسؤولو السجن الفلاحي على أن الحاج بن إبراهيم لم تسجل في حقه أية مخالفة قانونية داخل المؤسسة، طلباته كانت جد محدودة، رأسه دائم الانحناء، محترم لباقي زملاء الزنزانة، لا يشاركهم أي شيء، يستثمر وقته في قراءة القرآن ومشاهدة التلفاز، زياراته القانونية التي كان يتمتع بها قليلة جدا ومتباعدة من طرف أفراد العائلة إلا أنه كان دائم الاستياء إلى أن انفجرت القنبلة .
ولد في الصحراء المالية عام 1976، في كيدال، عاصمة الطوارق، حيث تسود الرياح وتمتد الصحراء على مد البصر، وكانت إدارة الأحوال المدنية في ذلك الوقت في بداياتها، لدرجة أن أوراقه الثبوتية لا تذكر، حتى اليوم، يوم وشهر ميلاده. والدته مغربية الأصل من مدينة وجدة بالمنطقة الشرقية، الأم التي كان قريبًا جدًا منها، والتي منحته تعليمًا ممتازًا، والده مالي الجنسية ومن هنا لقبه، وليصبح الحاج أحمد بن إبراهيم الذي كان يعيش حياة بسيطة وتقليدية، راعيا ومربيًا للإبل إلى أن حل لقاء غير متوقع في إحدى محطات، رالي باريس-داكار، حيث التقى رجلا فرنسيا يهوديا وشريكه، محطمين وتائهين في وسط الصحراء واستطاع بدهائه ومعرفته للمحاور الطرقية بالصحراء أن يعيدهما إلى المسار الصحيح، وكنوع من الشكر، عرض عليه الفرنسي سيارته، حتى يتمكن من بيعها والحصول على المال، باع السيارة بثمن بخس، لكنه سارع بإرسال المبلغ إلى المتبرع الذي تعجب من هذه البادرة التي قام بها «المالي»، لقد فهم أنه يواجه رجلاً أمينًا، ليتفق الاثنان على مرحلة جديدة ستمكنه من الدخول في عالم الأعمال…
بدأ الحاج أحمد في استيراد وتصدير السيارات بين أوروبا وإفريقيا، حسب مجلة «جون افريك»، ومن خلال هذا النشاط تعلم كل شيء عن دوائر النقل والطرق والجمارك وما إلى ذلك.

مثل سمكة في الماء

وبعد السيارات انتقل «المالي» إلى مجال أكثر مالا وخطورة هو الذهب، حيث تمكن بمكره وذكائه وطموحه، أن ينسج شبكته تدريجيًا في منطقة الساحل والصحراء، التي تعتبر مركزًا للجريمة المنظمة، مكان يصعب السيطرة عليه، ويتميز بتجارة متنوعة تبدأ بالاتجار بالمساعدات الإنسانية المنهوبة، والوقود، والأسلحة، والذهب، والمخدرات… كما أصبح الطريق الأول لتهريب الكوكايين في السنوات الأخيرة. في هذا السياق شديد الحساسية والمتفجّر، يبدو «المالي» مثل سمكة في الماء، حيث يعرف قبائل المنطقة، ويتقن جميع لهجات المجتمعات الأصلية في أزواد، ويعرف خرائط منطقة الساحل والصحراء مثل ظهر يده. المهارات نادرة بقدر ما هي ثمينة، وربما هذا هو السبب وراء طلب سيف الإسلام القذافي، الابن الثاني لـمعمر القذافي، بالإضافة إلى شخصيات أخرى قوية جدًا من القارة، خدمات هذا الناقل الدولي إلى الخارج.
«فالمالي» وبسرعة كبيرة ينتقل إلى المستوى التالي، وعلى متن طائرات صغيرة، بدأ بنقل الكوكايين من أمريكا اللاتينية إلى غرب إفريقيا (ساحل العاج والسنغال وغينيا كوناكري وغينيا بيساو وسيراليون). ويتم بعد ذلك نقل كمية معينة من المخدرات إما عن طريق البر عبر مالي والنيجر إلى الجزائر وليبيا ومصر، وإما عن طريق البحر إلى الساحل المغربي، ثم إلى أوروبا.

المالي المغرم بجمال الأجنبيات ومفاتنهن

بالنسبة إلى «المالي»، فقد فتح أمامه فصل جديد، اكتشف العالم الجديد، وخاصة بوليفيا، حيث تعاطف مع الجنرالات المنخرطون في السياسة وتهريب المخدرات. وهناك، سيقع في حب ابنة ضابط رفيع المستوى، حيث وافق هذا الأخير على تزويجه منها، وهو الزواج الذي لم يكن سوى زواج تحالف ومصلحة، هنا مرة أخرى، ينتقل «المالي» إلى الطبقة الراقية: فهو يتحول من كونه ناقلًا «لسعادة» كبار الشخصيات إلى كونه رئيسًا يتحكم في سلسلة الإنتاج والمعالجة والتوزيع بأكملها. ذئب وحيد حقيقي، مشبوه بطبيعته، يفعل كل شيء بنفسه: الاستراتيجية والعمل القذر، فهو يراقب الشحنة، وينقلها بالطائرة، وبالقارب («وحتى بالغواصة»، بحسب المقربين منه)، ويتفاوض ويساعد في الدفع. طريقة بلا شك لتجنب خيبات الأمل والخيانات. خاصة أنه اشتهر بأنه رجل خجول ومحب مع المقربين منه، عنيف جدًا مع خصومه.

«إسكوبار» إفريقي؟

بدءًا من لا شيء، يتذوق «المالي» الحياة الراقية من كل شيء وفي كل شيء. بالنسبة للنساء، فالأسطورة تؤكد أنه كان سيكون لديه «طفل في كل بلد» وأنه كان سيغوي كاثرين دونوف، وأنجلينا جولي وكذلك «مغنية مغربية عظيمة جدا».
والبذخ أيضاً: كانت له جزيرة خاصة في غينيا، وشقق في البرازيل وروسيا ـ التي فقدها منذ بداية الحرب في أوكرانيا وأرض في بوليفيا، وفيلا فخمة في الدار البيضاء، وشريكا في فندق فخم في ماربيا بإسبانيا. .. والقائمة تطول وتطول. إنه يجمع سيارات «بورش باناميرا» وغيرها من سيارات «مازيراتي»، ولا يشرب سوى «دوم بيريجنون»، ولا يرتدي سوى ساعات «شوبارد» وبدلات «سمالتو»… «إنه هو الذي أدخل العديد من مدمني المخدرات المغاربة إلى كل هذه المنتجات الفاخرة»، يؤكد أحد أقاربه.
في سن السادسة والثلاثين، يقرر تاجر المخدرات المليونير تثقيف نفسه وإجراء القليل من التغيير على نفسه. حصل (أو عرض على نفسه) درجة الماجستير في إدارة الأعمال في العلوم المالية من إحدى الجامعات الإنجليزية، ومارس الرياضة واعتنى بأسنانه. «في الواقع، لم يكن يريد أن يظهر على أنه متخلف أو من الأثرياء الجدد. عندما تتعامل مع أشخاص أقوياء، يجب أن تتمتع بالحد الأدنى من الصقل والثقافة والمحادثة، كما يقول أحد أصدقائه. لقد كان جزءاً من نادٍ للسيجار في أمريكا اللاتينية لفترة طويلة، وفي تلك الأماكن، إذا لم يكن لديك الحد الأدنى من الخلفية، فسوف تتعرض للسخرية.» جسديًا، مثل معظم أباطرة المخدرات الكبار، لا يبدو «المالي» كثيرًا. إنه يشبه أي أب. ومع ذلك، فإن البعض ممن يعتبرونه «بابلو إسكوبار إفريقيا»، يعتقدون أن اعتقاله يشكل «خسارة لمنطقة الساحل»، لأنه كان سيساهم في تهدئة العديد من الصراعات القبلية، مثل معظم أباطرة المخدرات الكبار…
اتصالاته في المغرب أدت بـ « لو ماليان»أن يستفيد من دعم كبير، أدى به إلى السقوط الأكبر، منذ عام 2010، تعاون مع مسؤول جماعي من وجدة، والعديد من القادة السياسيين من شمال المغرب وزاكورة لنقل الشيرا إلى بقية القارة، من سواحل السعيدية أقصى الشمال الشرقي للمملكة إلى ليبيا ومصر، ومن الجديدة وبوجدور إلى الشواطئ الموريتانية، تتم عمليات العبور ثلاث أو أربع مرات في السنة، في كل مرة يتم نقل 30 إلى 40 طنًا من الشيرا. كانت الأمور تسير على ما يرام، المغاربة يبيعون أسهمهم في المشاريع الكبرى، و»المالي» يشتريها ليستخدمها في غسل أمواله، وعلى وجه الخصوص، اشترى عدة شقق في «مارينا» السعيدية واستثمر في مختلف الأعمال وفي المصانع وأقرض مبالغ كبيرة بالفائدة.
وفي عام 2015، تم اعتقال “المالي” المبحوث عنه بمذكرة حمراء من «الإنتربول» بعد مطاردة مع رجال الدرك الموريتانيين في صحراء موريتانيا، على الحدود مع المغرب، على متن سيارة تحتوي على 3 أطنان من الكوكايين ومبالغ مالية كبيرة باليورو. وكان معه مغربي وجندي سابق في البوليساريو، وضع «المالي» رهن الاحتجاز في نواكشوط، ثم أحيل على المحكمة لمحاكمته إلا أنه استخدم،مرة أخرى، شبكته التي تضم جنودًا وقضاة موريتانيين، وخلافاً لكل التوقعات، أعلنت محكمة نواكشوط عدم صلاحيتها للحكم في القضية، وتم إطلاق سراح «المالي»، لكن في اليوم الذي كان فيه هذا الأخير ينوي عبور الحدود ومغادرة موريتانيا، أثناء تجواله في الصحراء، تم اعتقاله مرة أخرى من قبل قوات الدرك، حيث كان «المالي» مثيرًا للانقسام، أراد البعض رؤيته حراً والبعض الآخر معتقلا، وكان يومها النظام القضائي يعرف عملية تطهير…

بداية النهاية

لم يتم إطلاق سراح «المالي» إلا بعد أربع سنوات. «لا بد أنه أعطى الكثير من المال للحصول على هذا السراح. ربما كان هذا عام 2019 عندما خرج من السجن، لم يخطر على بال «المالي» سوى فكرة واحدة، استعادة منصبه واسترداد ديونه، لأنه عندما لا تكون القطة هناك، ترقص الفئران… وجميع «شركائه التجاريين» المغاربة يستغلون وجوده في الظل للاستيلاء على ما يملكه، قروضه التي لم يتم سداد أي مبلغ منها، والتي تفوق 3.3 مليون يورو، على حد قوله. فيلته في الدار البيضاء التي استولى عليها رئيس نادي كرة قدم كبير، شقته في الدار البيضاء المجاورة لفيلا «زيفاكو»؟ تم سلبها من قبل المشتري الأول، وهو مسؤول منتخب من الشرق، يتواصل مع “أصدقائه”، ويبلغهم بنيته استعادة أمواله وممتلكاته، بل ويسأل بسذاجة تامة إذا كان غير مطلوب في المغرب لكن أصدقاءه الذين طلبوا مهلة للسؤال أرادوا التخلص منه فأكدوا أن لاشيء في سجله، لكن بمجرد أن وطأت قدمه مدرج مطار محمد الخامس بالدار البيضاء، حتى تم اعتقاله من قبل المكتب المركزي للأبحاث القضائية المعروف اختصارا «بالبسيج»، كان على يقين وباعتباره «عرابًا» جيدًا، فهو متأكد تمامًا من أن السلطات المغربية ليس لديها أي شيء ملموس ضده، ولا يوجد دليل مباشر في أي حال على تورطه في الاتجار بالشيرا، ولكن هذا ليس هو الحال. بكل بساطة لأنه، بحسب روايته، نصب له المدينون فخًا. وقبل سنوات قليلة من اعتقاله، صادرت الشرطة المغربية 40 طنا من الشيرا في باحة الاستراحة بالجديدة. وتم نقل هذه الشحنة بواسطة شاحنات مرتبطة بشركة «إيفيكو»، وهي شركة يملكها “المالي”، لكنه باعها منذ ذلك الحين للمسؤول المنتخب الشهير في الجهة الشرقية. ومع ذلك، وبما أن الأخير لم يغير وثائق التسجيل مطلقًا، فقد توجهت الشرطة مباشرة إلى «المالي». وهكذا يدعي «المالي» أنه تعرض للخيانة، ضحية مؤامرة دبرتها عدة شخصيات مغربية. لقد قدم ثماني شكاوى ضد الشخص الذي يتهمه – الممثل المنتخب بالشرق – ومنذ يونيو الماضي، تم الاستماع إليه عدة مرات وبشكل مطول من قبل رجال الحموشي قبل تسليم الملف كاملا إلى الفرقة الوطنية للاستماع إلى كل من له صلة بادعاءات الحاج أحمد بن إبراهيم..

سعيد الناصري
قنبلة موقوتة

النزر القليل الذي يعرفه العامة عن من يكون هذا الخمسيني الذي أصبح أحد أكبر رجال المال والأعمال في البيضاء قبل أن يبرز كأحد المنافسين الأشاوس حول رئاسة الوداد في مواجهة أكرم، ومن الوداد إلى الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم،فرئاسة العصبة الاحترافية لكرة القدم لولايتين ، المعروف عن الرجل خلال الألفية الثانية أنه كان وسيطا في بيع السيارات والعقار، وكان يحصل على عمولته كباقي الوسطاء في مجال التجارة، والبعض يتحدث عنه بأنه كان صاحب سيارة لنقل البضائع والسلع ومواد البناء، وآخرون أكدوا أنه كان وسيطا في صفقات التمور بين منتجيها بزاكورة والبيضاء إلا أن الجميع يجمع أنه كان ذكيا ومستعدا للقيام بأي شيء من أجل الحصول على منفعة ما، وبتأسيس الأصالة والمعاصرة برز نجم سعيد الناصري مرة أخرى مع تحكم إلياس العماري في الحزب ودواليبه، فقد كان الناصري المخاطب الوحيد في البيضاء والمتحكم في تزكيات الحزب بها ليبسط سيطرته على كل الدار البيضاء والنواحي إلى حدود سطات والجديدة، فقد كان هو الآمر والناهي في الانتخابات الجماعية والبرلمانية، وهي الاستحقاقات التي درت عليه الأموال الطائلة قبل أن ترسم خريطة تقسيم البيضاء ما بين أحزاب التوغل الحاكم…
سعيد الناصري، الذي لا يتوفر على أي مشروع في البيضاء لا مقاولات ولا معامل ولا أي شيء، يعتبر من بين أكبر رجال الأعمال في المغرب، الفيلا التي يقطنها في كاليفورنيا تبلغ سومتها أكثر من عشر مليارات، وتم تأثيثها بمئات الملايين قبل أن يختفي صاحبها من المشهد المغربي، ويفقد سعيد الناصري أي اتصال به، والذي لم يكن سوى الحاج أحمد بن إبراهيم، الذي تعرف عليه منذ أكثر من عشر سنوات، وكانت البداية بتحويل مهرجان زاكورة الصيفي، الذي كان المالي يطمح من خلاله إلى الوصول إلى أجندات أخرى بحكم أنه زير نساء، إلا أن هذه الخطة لم تدم إلا أشهرا معدودات ووقع الانفصال بينه وبين مطربة مغربية.
ومن زاكورة إلى البيضاء كان المالي قد بدأ يخطط للقيام بعمليات كبرى في عالم الاتجار في المخدرات وقرر أن يبيض جزءا من هذه العائدات في العقارات والشركات بالمغرب، واختار البيضاء وشمال وشرق المغرب بحكم أن هذه المناطق ستكون منطلقه لعملياته الدولية في مجال الشيرا والكوكايين ٠
كان عبد النبي بعيوي لحظتها قد عاد من فرنسا، بعيوي المزداد شرق المغرب سنة 1971، تحديدا بمدينة وجدة، نشأ وترعرع وسط عائلة متوسطة وفي حي شعبي من أحياء عاصمة الشرق، هاجر في سن مبكرة نحو الديار الفرنسية من أجل العمل والبحث عن لقمة العيش، وبعد سنين عاد إلى منطقته الأصل باستثمارات ومشاريع جعلت اسمه ينتشر في مدن الجهة الشرقية والمغرب كرجل أعمال، يقطن بمدينة وجدة، بعد أن انتشر اسمه على المستوى الوطني في الاستثمارات والأشغال، قرر عبد النبي بعيوي خوض التجربة السياسية، والتحق بعيوي بحزب الأصالة والمعاصرة، ونجح بعد أن كسب ثقة سكان مدينة وجدة في الوصول إلى قبة البرلمان في الفترة الممتدة ما بين 2011 إلى 2015 واستطاع، عن حزب الأصالة والمعاصرة، أن يظفر بمنصب رئيس مجلس جهة الشرق في 4 شتنبر 2015، حيث لا يزال في هذا المنصب حتى الآن. وفي المؤتمر الرابع لحزب الأصالة والمعاصرة المنظم بمدينة الجديدة أيام 7-8-9 فبراير 2020، تمكن عبد النبي بعيوي من الحصول على عضوية المكتب السياسي وعضوية اللجنة الوطنية للانتخابات، كما يشغل حاليا منصب الأمين الجهوي لحزب الأصالة والمعاصرة بجهة الشرق. علاقة بعيوي بالناصري لم تتوقف عند السياسة فقد انتقلت إلى الاستثمار، ومنها إلى عالم الحاج أحمد بن إبراهيم، حيث استفاد هو الآخر من اختفاء المالي واستولى على شقة راقية كانت في ملكيته، ونظرا لعلاقاته المتشعبة فقد استطاع القيام بجميع الإجراءات مع الذين يشتغلون معه في مشاريعه، والذين قدموا للاثنين يد المساعدة بدءا من تزوير الوثائق إلى القيام بتحرير اتفاقات إلا أن ما خفي أعظم، وقاد 25 شخصا أمام الوكيل العام بالبيضاء حيث أمر باعتقال 20 فيما وضع شخص واحد رهن المراقبة القضائية وأربعة آخرين أحيلوا من جديد على الفرقة الوطنية، من جديد، لتعميق البحث،
وكانت المتابعات جد ثقيلة من بينها الاتجار الدولي في المخدرات والتزوير في محررات رسمية والاتجار في البشر، وهي المتابعات المتداخلة بين جنح وجنايات سنفصل فيها في الجزء الثاني من هذا التحقيق .

بلاغ الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء

في بلاغ له أعلن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء للرأي العام،أنه في إطار الأبحاث التي أنجزتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تحت إشراف هذه النيابة العامة للكشف عن باقي الأشخاص المشتبه تورطهم مع أحد المعتقلين من جنسية أجنبية توبع في إطار قضية تتعلق بالاتجار الدولي في المخدرات ويقضي حالياً عقوبته في السجن، كشفت نتائج الأبحاث عن الاشتباه في قيام بعض الأشخاص بارتكاب أفعال لها ارتباط في أغلبها بذات الوقائع التي سبق أن توبع في إطارها الشخص الأجنبي المذكور وآخرون لهم ارتباط به أدينوا بعقوبات سالبة للحرية. وذلك في إطار الحق في الحصول على المعلومة المكرس بمقتضى الدستور والقوانين ذات الصلة.
وبالنظر لتعقد هذه الأفعال وتشابك امتداداتها، يضيف البلاغ، فقد استغرقت الأبحاث الوقت الكافي الذي اقتضته ضرورة ذلك في إطار الاحترام التام للمقتضيات القانونية ذات الصلة وتحت الإشراف المباشر لهذه النيابة العامة.
وقد أفضت نتائج الأبحاث المنجزة عن تقديم 25 شخصاً أمام النيابة العامة، من بينهم من يتولى مهام نيابية أو مسؤولية جماعات ترابية أو مكلف بإنفاذ القانون بالإضافة إلى أشخاص آخرين ارتكبوا أفعالاً لها ارتباط بالموضوع.
وتكريساً لمبدأ المساواة أمام القانون فقد آلت نتائج دراسة الأبحاث المنجزة، يردف ذات البلاغ، إلى تقديم هذه النيابة العامة لملتمس إلى قاضي التحقيق بإجراء تحقيق معهم من أجل الاشتباه في ارتكاب كل واحد منهم لما هو منسوب إليه من أفعال معاقب عليها قانوناً، والتي يتمثل تكييفها القانوني إجمالاً في مجموعة من الجرائم من بين أهمها: المشاركة في اتفاق قصد مسك المخدرات والاتجار فيها ونقلها وتصديرها ومحاولة تصديرها، الإرشاء والتزوير في محرر رسمي، مباشرة عمل تحكمي ماس بالحرية الشخصية والفردية قصد إرضاء أهواء شخصية، الحصول على محررات تثبت تصرفاً وإبراء تحت الإكراه، تسهيل خروج ودخول أشخاص مغاربة من وإلى التراب المغربي بصفة اعتيادية في إطار عصابة واتفاق وإخفاء أشياء متحصل عليها من جنحة…
وبعد استنطاقهم ابتدائياً، قرر قاضي التحقيق إيداع عشرين (20) منهم السجن مع إخضاع شخص واحد لتدبير المراقبة القضائية، فيما عملت هذه النيابة العامة على تكليف الشرطة القضائية المختصة بمواصلة الأبحاث في حق الأربعة الآخرين منهم بهدف استجلاء خيوط بعض جوانب وقائع هذه النازلة، وحالما تنتهي الأبحاث المأمور بها ستعمل النيابة العامة أيضاً على ترتيب ما يجب في حقهم.
هذا، وستواصل النيابة العامة في إطار الحق في الحصول على المعلومة إطلاع الرأي العام على نتائج إجراءات البحث والتحقيق حال الانتهاء من ذلك في إطار التقيد الكامل بمقتضيات القانون تجسيداً لدولة الحق والقانون مع ضمان احترام قرينة البراءة.


الكاتب : مصطفى الناسي

  

بتاريخ : 25/12/2023