كلمة : تحرش المال بالسلطة 

محمد الطالبي

بدت ملفات المتابعة القضائية الأخيرة لمجموعة من الفاعلين والشخصيات العمومية على علاقة بملف ما بات يعرف ب»اسكوبار الصحراء» في إحالة على ملف مواطن مغربي مالي محكوم بعقوبة سجنية بسبب الاتجار الدولي بالمخدرات، كبيرة للغاية، وتذكر بملفات سابقة من حيث حجم الاتهامات، بل وأكثر من حجم الأموال، التي يتم الحديث عنها بمئات الملايير، لكن الملف الجديد غير مسبوق من نواح أخرى، حيث إن المتهمين والتهم الموجهة إليهم، مع احترام قرينة البراءة، كانوا إلى حد قريب مجرد مواطنين بسطاء، اجتماعيا واقتصاديا، لكنهم تحولوا إلى مليارديرات ورجال أعمال عابرين لمفاصل الاقتصاد الوطني في رمشة اختطاف ثروة وطن، والأخطر أنهم تحولوا إلى قوة سياسية عابرة للمؤسسات المنتخبة، حيث اعتلوا قيادة أحزاب ونقابات وجمعيات، ودخلوا البرلمان والجهات والمجالس الإقليمية والجماعات الترابية، بل أصبحوا يتحكمون في مدن وعواصم الجهات ومدنها، في تحد صارخ للسلطات العمومية، عبر ادعاء أنهم وأنهن محميون ومحميات، وأن يد القانون لن تطالهم أبدا، لكن ما تأكد ويتأكد الآن، الحقيقة التي تدحض ادعاءاتهم، وهذا ما يجب أن يكون، لأن الدولة المغربية هي حامية المجتمع ولا يمكن لأي جهة أن تعبث بها أوتنال منها .
إن من مكامن الخلل أن النخب السياسية والوطنية المعروف جذورها وتاريخها، دخلت في حالة كمون ومهادنة، بعد أن أضحى المال الحرام لاعبا أساسيا في الحياة العامة، وخاصة في الانتخابات، يوزع ذات اليمين وذات اليسار، وأصبح مول «الشكارة»  ضروريا دون أن يعني ذلك أننا أمام يمين ليبرالي صاعد وحامل لمشروع سياسي، بل الحقيقة أننا أمام أناس حمالي أموال، وجب أن يقال لهم من أين لكم هذا وما مصدر أموالكم ؟؟!…لأن عدو الديموقراطية هو الفساد المالي والأخلاقي، وهو عدو الأوطان أيضا …
ما يتم تداوله من ضخامة الملف زكم الأنوف، ويتطلب والحالة هاته مقاربة عميقة وحقيقية للأمور بحس وطني وباحترام للقانون وبقضاء ينتصر للعدالة، ويضمن ألا يتكرر هذا المشهد في حياتنا العامة .
إذا كان مطلب فصل المال عن السياسة يجد تبريره في أن يبتعد السياسي عن ممارسة التجارة والاقتصاد ليظل محايدا ومستقلا عن أي تأثير، وبلغة الراحل عبد الرحيم بوعبيد، فالسياسي دوره دفع الناس للاستثمار والربح لا أن يكون هو في دور من يحصل المال ..
هنا الحديث عن فصل المال عن السياسة بالشبهة فقط أما والحال ونحن أمام ثروة مجهولة المصدر والنسب والهوية فالأمر أخطر من الخطر نفسه، بل نحن أمام محاولة تحرش المال الفاسد بالسياسة كفعل نبيل مبني على الأخلاق أولا  .
حمى الله هذا البلد الآمن !

الكاتب : محمد الطالبي - بتاريخ : 28/12/2023