إصلاح القضاء 

مازال قانون المسطرة المدنية يتدحرج في ردهات المشرع المغربي منذ أن عقدت الحكومة الحالية ، في  24 غشت 2023، مجلسا للحكومة، خصص للتداول في عدد من مشاريع النصوص القانونية والاطلاع على اتفاق دولي، طبقا للفصل 92 من الدستور.
على مستوى قطاع العدل ، تداول مجلس الحكومة وصادق على مشروع القانون رقم 02.23 يتعلق بالمسطرة المدنية، أخذا بعين الاعتبار الملاحظات المثارة. ويهدف هذا المشروع إلى مراجعة قانون المسطرة المدنية، قصد تحيين مقتضياته لتتلاءم والمعطيات الاجتماعية والاقتصادية الجديدة، ولتستجيب للحاجيات التي يعبر عنها المتقاضون وباقي الفاعلين المرتبطين بالمحيط القضائي، تجسيدا للإرادة الملكية السامية التي عبر عنها جلالة الملك محمد السادس في خطابه ل 20 غشت 2009، بمناسبة تخليد ذكرى ثورة الملك والشعب وعيد الشباب المجيد، في إطار توجيه الحكومة للشروع في تفعيل مشروع إصلاح القضاء، وكذا تنفيذا لما جاء بالخطاب الملكي بتاريخ 8 أكتوبر 2010، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى للبرلمان، بتأسيس مفهوم جديد لإصلاح منظومة العدالة يقوم على قضاء في خدمة المواطن قريب من المتقاضي ويلبي حاجياته بنجاعة وفعالية.
كما يندرج هذا المشروع في إطار تنزيل أحكام دستور المملكة الصادر في يوليوز 2011، والتي تتلاءم في مقتضياتها مع المبادئ الدستورية المتطورة الرامية إلى التأكيد على الحق في التقاضي، وحماية حقوق الدفاع، وضمان الحق في حكم يصدر في آجال معقولة، وترسيخ مبدأ العلنية، وتعليل الأحكام، والتأكيد على الصبغة الإلزامية للأحكام النهائية في مواجهة الجميع. وكذا في إطار تفعيل توصيات ميثاق إصلاح العدالة التي تؤكد على ضرورة حماية القضاء للحقوق والحريات وتسهيل الولوج إلى القانون والعدالة، وتوفير عدالة قريبة وفعالة للمتقاضي مع الرفع من الأداء القضائي وتبسيط المساطر، وصدور الأحكام وتنفيذها.
وعلى هذا الأساس، فإن هذا المشروع الجديد يرمي إلى جعل قانون المسطرة المدنية قادرا على مواكبة مختلف التطورات، في أفق تحقيق المحكمة الرقمية للاستجابة لمتطلبات المتقاضين وطموحهم بغية بناء صرح قضاء سريع وعادل وفعال وسهل الولوج وشفاف ليتسنى له ضمان الحقوق وحماية الحريات، وتوفير مناخ ملائم للاستثمار، والمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة المنشودة
وسبق للفريق الاشتراكي أن نظم يرما دراسيا مع قطاع المحامين الاتحاديين حول أهم الاختلالات الواجبة التعديل أو الحذف ارتباطا بدور المعارضة الاتحادية التاريخي في قيادة الإصلاح . وكذا اعتبارا أن الفريق الاشتراكي، وفي أدبياته، يؤكد دائما أن فصل السلطات، والتوفر على سلطة قضائية مستقلة، شرط لازم لكل بناء ديمقراطي، و أن القضاء المستقل والنزيه هو الوحيد القادر على بناء مناخ الثقة، وبالتالي بناء السلم الاجتماعي وتحفيز الاستثمار، فالتوفر على سلطة قضائية مستقلة ليس فقط دعامة أساسية لترسيخ دولة القانون، بل لا بد مكن الانتباه لدورها الاقتصادي الكبير اليوم وإسهامها في إشعاع البلد وبالتالي التنمية فيه  .


الكاتب : م. الطالبي

  

بتاريخ : 04/01/2024