كانت سنة 2020 ، سنة فاصلة بالنسبة للمشردين والذين بدون مأوى، فقد جاءت جائحة كورونا بالأسباب، حيث أقدمت السلطات الإقليمية على إقامة فضاءات خاصة لهؤلاء من أجل وقايتهم من الإصابة بالعدوى، فتم بداية استغلال فضاء قاعة نجيب النعامي لإيوائهم بعد إخضاعهم للفحوصات الطبية، مع إطعامهم والتكفل بالمرضى منهم ، ليأتي الفرج بعد ذلك بإقامة مأوى مؤقت بعد اختيار بناية مستشفى محمد الخامس القديمة .
خطوة تلتها عملية استغلال قاعات التمريض والاستشفاء لإقامة كل الأشخاص الذين يوجدون في وضعية الشارع، من نساء ورجال، وأسندت مهمة التسيير والتدبير إلى الجمعية الإقليمية للشؤون الاجتماعية بإقليم الجديدة، التي عمدت إلى تهيئة الفضاء، وذلك بإعادة صباغته، واقتناء الأسرّة، وتجهيز مطعم خاص، وفضاء للأطفال، وإدارة المأوى، وسيارة إسعاف خاصة بنقل المواطنين من الشارع٠
ويضمّ المأوى إلى حدود اليوم أكثر من 130 مشردا تم العثور عليهم في وضعية الشارع، فيما عمل المركز على إعادة أكثر من خمسين فردا كان قد تم العثور عليهم بالشارع منذ سنة 2000 تاريخ بداية الأشغال به، ومن بينهم مرضى نفسانيين وعقليين كمرض الزهايمر، إلى عائلاتهم حيث كان المركز بمثابة صلة وصل بين النزلاء وأسرهم، كما حدث لمقيمة مصابة بالزهايمر تمت استعادتها من طرف عائلتها المقيمة بآسفي٠
ويعمل المركز المؤقت لايواء الأشخاص في وضعية الشارع كليا بميزانية يعود أصلها إلى مالية المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لعمالة الجديدة، التي تضخها في مالية الجمعية الإقليمية للأعمال الاجتماعية لإقليم الجديدة المكلفة بإدارة المأوى٠ وقد انطلقت عملية محاربة ظاهرة الأشخاص في وضعية الشارع هذه السنة منذ شهر أكتوبر، حيث عمدت اللجنة المكلفة بمحاربة الظاهرة على عملياتها الميدانية بتعاون مع السلطات المحلية مدعومة بالقوات المساعدة، وذلك بالبحث في الأماكن المهجورة التي يتخذها الكثير من الأشخاص الذين يوجدون في وضعية الشارع مقرات للإقامة والمبيت، كجنبات المحطة الطرقية، وشارع ابن خلدون، وشاطئ الجديدة، والحدائق العمومية، إضافة إلى بعض البنايات المهملة ٠
وتمت إلى حدود نهاية 2023، إعادة إدماج أكثر من عشرين فردا في المركز، يستفيدون رفقة باقي الأشخاص من خدمات المبيت والإطعام والتطبيب، وحتى التمدرس بالنسبة للأطفال، الذين تم العثور عليهم سواء رفقة ذويهم في وضعية الشارع أو لوحدهم٠لكن يبقى عمل المركز محدودا في محاربة ظاهرة الإقامة بالشارع، خاصة خلال فصل الشتاء وقساوة الطبيعة، في غياب دعم بعض الشركات والخواص، المفروض فيهم دعم هذه البرامج والمبادرات، ماديا ومعنويا، من أجل الرقي بها، وكذلك العمل على توسيع خدماتها وتطوير عملها٠
إن الحديث عن محاربة الأشخاص الذين يوجدون في وضعية الشارع بالجديدة، خاصة خلال هذا الفصل الذي يتميز بقساوة الطبيعة، يتطلب تظافر جهود العديد من الجهات، من بينها جماعات الإقليم، والمكتب الشريف للفوسفاط، الذي يتوفر اليوم على مؤسسة خاصة بالأنشطة الاجتماعية والرياضية، والعديد من العلامات التجارية الكبرى التي تعمل بالجديدة، ومختلف الفاعلين في المجال الاجتماعي، وكذلك جمعيات المجتمع المدني، والأفراد الذي يعملون في مجال الإحسان العمومي، للقضاء بشكل نهائي على هذه الظاهرة التي تظهر في كل وقت وحين، وحتى لا ننظر لها في فصل الشتاء فقط، خاصة وأن البعض من أفراد وضعية الشارع لا يستحملون البقاء في مراكز الإيواء.
لقد مكّن إنشاء هذا المركز المؤقت، الذي سقنا مثاله، والذي يجب أن تتعدد المراكز المماثلة له، للاستجابة لحجم الطلب الكبير، من الحد ولو جزئيا من ظاهرة مواطني الشارع الذين كانوا عرضة للاغتصاب والأمراض وحتى الوفاة، كما حدث قبل سنتين، وبالتالي فإن المركز لم يحد من وضعية مواطني الشارع بشكل نهائي ولكن ساهم بشكل كبير في محاربة الظاهرة وذلك بتوفير مبيت وغداء لا يتوفر في الشارع.
في غياب دعم الشركات والمؤسسات الكبرى:مركز الإيواء المؤقت لمواطني الشارع بالجديدة .. مردودية محدودة أمام ظاهرة مستمرة
الكاتب : مصطفى الناسي
بتاريخ : 09/01/2024