كلمة ..محاربة الفساد بالديموقراطية 

محمد الطالبي 

سلطت الأضواء في الأيام الأخيرة على حجم ثروات مجموعة من الأشخاص على هامش ما بات يعرف بقضية «إسكوبار الصحراء»، والتي يتابع فيها أزيد من عشرين متهما من المحسوبين على السياسة وإنفاذ القانون وغيرهم، حيث لا تزال الأبحاث سارية لترتيب التهم وتحديد المذنبين والأبرياء في قضية صارت حديث الرأي العام الوطني والدولي.
كما أسلفت، فإن الغريب ليس أن يكون لدينا رجال أثرياء ومالكو ثروات، ولكن أن تكون مصادر هذه الأموال مجهولة و-معلومة – في نفس الآن، والأخطر أن هذه الأموال يتم تبييضها ليس فقط في العقار والصناعة، ولكن وصلت الحقل السياسي حيث اخترقت الأحزاب والنقابات، وصارت لنا صناعة فريدة في المغرب هي صناعة النخب، حيث يتم فرض منتخبين بل خلق أساطير انتخابية في مختلف الجهات والأقاليم يتحكمون في رقاب المواطنين ويلوون ذراع الديموقراطية المغربية بل محاولة وأدها وذبحها من الوريد إلى الوريد .
إن حجم الفساد وحجم المحاكمات الجارية في الحقل السياسي بالأساس، والتي وإن برهنت على يقظة الدولة وسلامتها من الاختراق القاتل فإن الأمر والحل الجذري هو حماية الديموقراطية وليس مطاردة الساحرات، وحماية الديموقراطية تقتضي إبعاد المشبوهين وإغلاق كل المنافذ للحيلولة دون اختراقهم للمؤسسات الدستورية المنتخبة وصيانتها من أي عبث، لأن الانتخابات النزيهة وحدها الكفيلة بحماية الوطن والدولة .
إن ما وقع في الانتخابات الأخيرة كان صفعة للديموقراطية وللديموقراطيين والوطنيين، وكان العنوان البارز هو أنه بالمال تكتسب المقاعد في البرلمان وفي الجهات والأقاليم، والنتيجة حصدنا فسادا مريعا ومتابعات بالعشرات .
كان المطلوب التفريق بين المال والسياسة فمن أراد المال والثروة بشكل مشروع وقانوني فله ذلك شريطة أداء مستحقات الضرائب وغيرها حتى تكتمل مواطنته، ومن أراد التطوع وخدمة المواطنين سياسيا ونقابيا بالعفة والنزاهة والمصداقية فله ذلك، وبينهما لا توجد منطقة وسطى، فالفساد اسمه الفساد وليس أي شيء آخر، وهو قاتل للأوطان وللإنسان وللكرامة .
ونجاعة محاربة الفساد تتطلب تضامنا وطنيا ودعما وثقة في مؤسسات البلاد، وفي قدرتها على فرض سلطة القانون، والقانون فقط، ولا توجد عدالة خارج نصوص القانون الذي نطوره ونبنيه كمجتمع، بشكل مستمر، وفي إطار ديمومة تقدمية .

الكاتب : محمد الطالبي  - بتاريخ : 11/01/2024