الأبعاد التاريخية لانتخاب المغرب على رأس مجلس حقوق الإنسان الأممي

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

كل الأبعاد التاريخية متوفرة في انتخاب المغرب لرئاسة مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة برسم سنة 2024؛
ـ أولها أن المغرب انتصر على مناهض إفريقي متعنت ضد حقوقه، ممثلا في جنوب إفريقيا.. هي التي تأتي دوما إلى المحافل الدولية كاملة، باعتبارها رمزا إنسانيا ضالعا في مناهضة العنصرية والكراهية، لا سيما وأن الدولة الإفريقية، تعاملت بفجاجة وسوء ذوق مع ترشيح المغرب.
ومما يجعل الانتصار عليها انتصارا تاريخيا، هو:
أولا، تحالفها مع دولة الجزائر في سياق تعبئة مضادة جابت فيها الدولتان أنحاء العالم،وقد تلقتا معا صفعة دولية في المجلس الحقوقي.
ثانيها: في حجم الانتصار والفارق الجوهري في عدد المصوتين على كلا المرشحين، حيث أن التصويت الذي جرى يوم أمس الأربعاء بجنيف، أعطى للمغرب 30 صوتا من مجموع الأعضاء الـ 47 بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، مقابل 17 صوتا لصالح جنوب إفريقيا، إذ يقارب الفرق 100 % من الأصوات، وهو حدث بالنسبة للمغرب وللدبلوماسية المغربية يجب بالفعل الافتخار به..
-ثاني الأبعاد هو أن المغرب الذي طالما شعر بالألم إزاءه في قضية حقوق الإنسان يحظى الآن باعتراف أممي لأول مرة في تاريخه، بالرغم من أنه البلد الإفريقي والعربي المسلم الوحيد الذي كرس ثقافة حقوق الانسان، وعليه فالخارجية المغربية على حق عندما تقرأ التصويت اعترافا من قبل المجتمع الدولي بالرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، في مجال حماية وتعزيز حقوق الإنسان˜.
ثالثا: لا يمكن أن نفصل هذا الانتصار عن سياق أوربي، كانت فرنسا قد لعبت فيه دورا شريرا عندما استصدرت قرارا في البرلمان الأوربي على قاعدة حقوقية، واستصدرت إدانة للمغرب في المجال الحقوقي، وكان ذلك في يناير من السنة الماضية. والتوقيت هنا له هذا البعد الأممي مقابل البعد الأوربي المحصور والضيق.
وبإمكان المغاربة اليوم أن يقولوا إن العالم يرد على أوربا وتحالف فريقها الماكروني في البرلمان الأوربي.
رابعا: لا يمكن أن نغفل أن هذا الانتخاب المستحق تدعيمٌ للموقف المغربي الحقوقي في قضيته الوطنية. ونحن ندرك بأن الجبهة القانونية، كما يريد خصومه، كانت هي الجبهة التي رست عليها ممارستهم، بعد الفصل في الجبهتين الديبلوماسية والعسكرية في موضوع الدفاع عن الوحدة الترابية. هذه الجبهة الحقوقية ترسخ فيها الدعم الأممي للمغرب، والاعتراف الدولي بالتقدم الحاصل في المسألة الحقوقية، كما أنه دعم للمغرب في الملف الحقوقي حتى أمام مجلس الأمن والأمانة العامة التي تفرد دوما قسطا وافرا من تقريرها الدوري حول الصحراء لهذه المسألة.
خامسا: هو اعتراف تأكيدي بما حققه المغرب من تجربة متقدمة في القضية الحقوقية، بعد حمايته قانونيا ودستوريا للمكتسبات الحقوقية من خلال دستور 2011، والمغاربة يدركون أن دستور المجلس الوطني لحقوق الانسان، ثم توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة التي اعتبرتها كل المنظمات الحقوقية متقدمة حتى عن تجربة جنوب إفريقيا التي كانت تقدم نفسها كتجربة مكرسة دوليا في مجال طي صف الماضي العنصري»الأبارتايد».
سادسا: هو تكريس لاختيارات المغرب في تقديس حقوق الإنسان المتعارف عليها دوليا كما ينص على ذلك دستوره، وتوقيع دولي على اختيارات ملك المغرب، الفريدة في الدائرة العربية الإسلامية، والمتقدمة في القارة الإفريقية من حيث أنه جعل من المسألة الديموقراطية والحقوقية اختيارا ثابتا، بل جعله «رابع مقدساته بعد الله والوطن والملك»، كان جلالته قد أعلنه في إحدى خطبه الرفيعة .
وهو الذي جعل المغرب يعتبر «ترسيخ دولة الحق والقانون واحترام حقوق الإنسان، خيارا لا رجعة فيه، ويتجلى هذا الخيار، المدرج ضمن دستور سنة 2011، في زخم متواصل من الإصلاحات الرامية، بالخصوص، إلى تعزيز الديمقراطية والمساواة بين النساء والرجال، والعدالة الاجتماعية والمجالية، وضمان فعلية حقوق الإنسان في شموليتها، والمشاركة الدامجة وتمكين الشباب»، كما في بلاغ الديبلوماسية…

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 11/01/2024