التدبير الحكومي المختل لايساير المخططات والاستراتيجيات الملكية الطموحة
أكد إدريس لشكر أن الوضع السياسي بالبلاد، المطبوع بتدبير حكومي متغول، أضر بالتوازن السياسي للمؤسسات، بل تعدى الأمر إلى التحايل على القانون من أجل إقرار مكاسب حزبية ضيقة لصالح مكوناته، وأمام هذا الوضع المختل، وجهنا الدعوة لتأسيس جبهة وطنية من الأحزاب اليسارية والديمقراطية والوطنية والنقابات، التي ستتخذ عدة مبادرات سياسية وإعلامية وحدوية.
وأضاف إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي حل ضيفا على برنامج «ديكريبطاج» الذي ينشطه الإعلامي عبد العزيز الرماني، ويبث على راديو «ام ف م»، أن العمل المشترك والوحدوي قد انطلق بالتنسيق ما بين حزب التقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي، وسينفتح على اليسار والأحزاب الديمقراطية والوطنية والنقابات، وسيتم إطلاق مبادرات سياسية واضحة وملموسة لتعزيز البناء الديمقراطي بالبلاد، وتقوية المؤسسات وتطويرها، والعمل على ترسيخ الديمقراطية التمثيلية والعمل بالديمقراطية التشاركية خدمة للمصالح العليا للبلاد وقضايا التنمية الشاملة.
وبنفس المناسبة، كشف لشكر أن الترتيبات الأولية جارية من أجل إنضاج الشروط السياسية لرفع ملتمس رقابة بمجلس النواب على الحكومة الحالية، وستكون هذه الخطوة كفعل سياسي لإثارة الانتباه إلى أن الوضع السياسي للتحالف الثلاثي المتغول قد تعدى الحدود، وأصبح التدبير الحكومي المختل لعدد من القضايا السياسية سببا رئيسيا في إذكاء الاحتقان الاجتماعي، عوض أن يعم الارتياح والاطمئنان لدى مكونات المجتمع، خاصة والبلاد تشهد عددا من المخططات والاستراتيجيات الملكية التي ترسم خارطة طريق في عدد من المجالات من أجل تأمين الاستقرار وتلبية الحاجيات الضرورية والحيوية بالبلاد.
وفي ذات السياق، أوضح قيادي الاتحاد الاشتراكي، أن رفع ملتمس رقابة، هذه الإمكانية الدستورية التي يتيحها الدستور المغربي، سنعمل على تفعيلها سياسيا، ونحن واعون بأن الهدف الأول والأخير هو الإطاحة بالحكومة، فنحن نعي جيدا أن هذا الهدف قد طاله التغول الثلاثي هو الآخر عدديا، بحكم أن المعارضة لا تتوفر على العدد الكافي (الخمس من الأصوات 1/5) من أجل ذلك، وفي نفس الوقت هذه المبادرة ستكون بمثابة رجة سياسية، موجهة للرأي العام الوطني، وإلقاء حجرة في البركة الراكدة كما عبر عن ذلك مؤخرا خلال اجتماع المجلس الوطني الأخير للحزب المنعقد يوم 27 يناير 2024 بالرباط.
كما سبق للكاتب الأول لحزب الوردة أن أبرز أن الدستور يعطي إمكانية رفع ملتمس رقابة من خلال مجلس النواب، أما مجلس المستشارين فله إمكانية رفع ملتمس مساءلة للحكومة، وبهذا سنكون أمام معارضة داخل المؤسسات تسائل الحكومة أمام الرأي العام الوطني وتقوم بأدوارها السياسية والرقابية للحكومة، التي أتاحها لها أسمى قانون بالبلاد، في غياب الأدوات السياسية التي حرمها منها التغول الثلاثي الحكومي.
وتطرق قيادي حزب الوردة خلال برنامج « ديكريبطاج» إلى ما يمكن أن نسميه، إن صح التعبير، تكافؤ الفرص الانتخابية ما بين الأحزاب في استحقاقات 2026، وذلك بإثارة الانتباه إلى أن الدعم الاجتماعي المباشر، دعمناه كمعارضة انطلاقا من أنه مشروع اجتماعي يمتح من مرجعيتنا كحزب اشتراكي ديمقراطي يدعم كل ما هو اجتماعي ويخدم الطبقات الهشة والفقيرة، لكن التنزيل لهذا المشروع قد أبان على أنه يجري الترتيب كي يستفيد البعض منه مستقبلا في الاستحقاقات القادمة.
إلى هذا، انتقد لشكر التدبير الحكومي في معالجة ملف التعليم والبطء الذي طبع ذلك، والاحتقان الذي عرفه المغرب وأضاع الوقت المدرسي على أبناء الشعب، كما حذر من جديد على أن النهج الحكومي الذي تسير فيه لمعالجة الاحتقان داخل بعض القطاعات بشكل تجزيئي من شأنه أن يخلق مشاكل عديد داخل قطاعات أخرى، على اعتبار أن الأمر يتطلب حلا شاملا وتصورا عاما لكل موظفي الوظيفة العمومية أو القطاع الخاص، لأن السبب الرئيس في هذه الاحتقانات الاجتماعية هو التضخم الاقتصادي، الذي عرفه الاقتصاد الوطني، وانعكاسه سلبا على هذه الطبقات والضرائب الاجتماعية، وعلى القدرة الشرائية لديها، ناهيك عن الانعكاسات للاقتصادات الدولية والتغيرات التي طرأت عليه بسبب كوفيد 19 والحرب الأوكرانية الروسية والظرفيات الدولية الاقتصادية المتغيرة.
وفي ذات الصدد، عزا لشكر جو التوتر والاحتقان المتزايد إلى هذا النوع من التدبير الحكومي لعدد من الملفات، مبرزا أنه بقدر ما نرى أن هناك استراتيجيات وطنية تخص الدعم الاجتماعي المباشر، ودعم السكن والطاقة والماء عبر ربط أحواض مائية بالمملكة من خلال طرق سيارة للماء ومشاريع تحلية مياه البحر لضمان مياه الشرب والسقي، بقدر ما نجد هناك تعثرات واحتقانات داخل الأوساط الاجتماعية، ما يدل على أن هناك اختلالات في التدبير الحكومي وعدم التفاعل والتجانس مع وتيرة الإصلاح والبناء الاستراتيجي للدولة.
وسجل الكاتب الأول للحزب، خلال نفس البرنامج الإذاعي، أن إصلاح القوانين الانتخابية التي ستنظم الاستحقاقات القادمة ل 2026، من الضروري فتح ملفها من الآن، خاصة مع المستجدات القانونية والإدارية والتوجيهات الملكية، من أجل ملاءمتها، والتوافق على ما يمكن إصلاحه وتعديله في عدد من التفاصيل التي تهم العمليات الانتخابية بالبلاد، مشيرا في هذا الإطار إلى أن التجربة السابقة للاستحقاقات الانتخابية مكنت البلاد من إجراء الانتخابات الجماعية والتشريعية في وقت موحد، مع العلم أن الانتخابات التشريعية تجرى بعد مرور خمس سنوات أما الانتخابات الجماعية فتجرى بعد 6 سنوات، وانعقاد المؤتمرات الحزبية في قانون الأحزاب من اللازم أن يتم في أربع سنوات، كل هذه المعطيات تفرض علينا التفكير فيها مبكرا من أجل التوافق القبلي على ذلك وملاءمتها.
كما نبه قيادي الاتحاد الاشتراكي في إطار التفاعل مع تدخلات بعض المحاورين بالبرنامج، محمد الخمسي والمهدي فقير ومحمد الكرتيلي وجمال براوي، إلى أن سلطة المال تلعب لعبها في إفساد العمليات الانتخابية، وساق مثالا صارخا، أن الحزب الأول والحزب الثالث لا يتوفران على إعلام حزبي لكنهما يتحكمان في جزء من الإعلام بطرق غير مباشرة، وبهذه الطريقة تصعب محاسبة تلك المؤسسات الحزبية، في حين نتوفر، كأحزاب للمعارضة، على مؤسسات قائمة الذات ذات وضعية قانونية واضحة، تؤدي واجباتها وحقوق المشتغلين بها، وتفي بكل التزاماتها تجاه مؤسسات الدولة.