نظرا للضغط الذي عرفته السدود الكبرى بجهة سوس ماسة، نتيجة للحاجة الملحة لمياه الشرب من جهة، ولمياه السقي الفلاحي من جهة ثانية، شهدت هذه المنشآت المائية تراجعا في مخزونها المائي وبنسب كبيرة، بسبب توالي سنوات الجفاف وقلة التساقطات المطرية مما كان له تداعيات سلبية على الفلاحة بسوس، وخاصة بالكَردان وماسة وهوارة وغيرها.
وبسبب تراجع المخزون المائي بكل من سدّ عبد المومن، والمختار السوسي، ويوسف بن تاشفين، وخوفا على فقدان الماء الشروب، أوقفت وكالة الحوض المائي بسوس ماسة السقي الفلاحي بكل من حوض إسن من سدّ عبد المومن منذ سنة 2017، وحوض ماسة من مياه سدّ يوسف بن تاشفين في نونبر2023، وحوض الكردان من مياه سدّ المختار السوسي في دجنبر2023، على أساس أن تستغل الكميات المتبقية من المياه للشرب. كما اتخذت الوكالة قرارا من أجل وقف السقي الفلاحي من سدّ يوسف بن تاشفين في نونبر2024، وسدّ أهل سوس بأيت باها في يوليوز2024، وذلك بهدف توفير ما تبقى من المخزون المائي لشرب الساكنة.
بالمقابل اتخذت الوكالة إجراء يقضي بمواصلة سقي حوض أوزيوة من مياه سدّ المختار السوسي بتارودانت، وحوض إمي الخنك من مياه سدّ إمي الخنك، ومواصلة سقي حوض اشتوكة من المياه المحلاّة عبر محطة تحلية ماء البحر التي توفر أيضا حوالي 70 في المائة من حاجيات ساكنة أكادير الكبير من الماء الشروب. وحسب مصادر موثوقة، فإن وضعية السدود المزوّدة للسكان بالماء الشروب تظل مقلقة في ظل توالي سنوات الجفاف وقلّة التساقطات المطرية، حيث من المرتقب أن تتوقف هذه السدود عن توفير مياه الشرب في يوليوز2024، كسدّ مولاي عبد الله، المزود الرئيسي لساكنة أكادير إداوتنان بالماء الشروب.
وفي ظل الخصاص الذي تعانيه عدة أقاليم بالجهة، اتخذت وكالة الحوض المائي بسوس ماسة بمعية الوزارة الوصية على الماء، تدابير استعجالية منها على الخصوص توقيف السقي الفلاحي من ماء السدود المذكورة أعلاه لضمان الماء الشروب من جهة، ولتوفير مياه السقي للفلاحة المعاشية والبورية ببعض الأحواض من جهة ثانية، مع البحث عن أثقاب مائية جديدة بأقاليم جهة سوس ماسة وبأقاليم أخرى كالصويرة وسيدي إفني التابعة لوكالة الحوض المائي لسوس ماسة، وفي هذا الصدد، واستنادا إلى معلومات حصلنا عليها من ذات الوكالة، فقد تم خلال سنة 2023، فتح حوالي 63 بئرا جديدة موجبة بستة أقاليم، وهو رقم مهم ، تقول مصادر الجريدة، بالمقارنة مع عدد الأثقاب المستكشفة خلال سنة 2022 (52 بئرا موجبة مستكشفة).
ووصل صبيب الآبار الجديدة المستكشفة خلال سنة 2023، حوالي 157.82 لتر ماء في الثانية، حيث استحوذ إقليم تارودانت على الحصة الكبرى من هذه الآبار الجديدة، بـ 31 بئرا موجبة، متبوعا بعمالة أكادير إداوتنان بـ 12 بئرا، ويليها إقليم تيزنيت بـ 9 آبار، ثم إقليم سيدي إفني بـ 5 آبار، وإقليم اشتوكة أيت باها بـ 4 آبار، ثم أخيرا إقليم الصويرة ببئرين موجبتين، مما سيساهم على الأقل في توفير مياه الشرب لساكنة الأقاليم والعمالات المذكورة… ويبقى المخزون الحالي للسدود التسعة بجهة سوس ماسة، إلى حدود 22 يناير2024 ضعيفا جدا، بحيث لا تتجاوز الكميات المائية الموجودة بها حوالي 74.924 مليون ملم مكعب، نظرا لقلة التساقطات المطرية خلال هذا الموسم، وقلة نسبة الملء من مياه العيون المجاورة لكل سد بنسبة تبلغ 10.1 في المائة من الملء، في الوقت الذي كان في السابق يصل الحجم الإجمالي لسدود جهة سوس ماسة ما قدره 740.774 مليون ملم مكعب، مما يبين الوضع الحالي والكارثي لهذه المنشآت المائية.
وتؤكد هذه الأرقام كيف أن وضعية السدود التسعة عرفت تراجعا كبير خلال السنوات الأخيرة، بسبب الضغط عليها وتزايد حاجيات السقي الفلاحي والشرب من جهة، وتوالي سنوات الجفاف، وقلة تعبئتها من مياه الأمطار، فمثلا سد يوسف بن تاشفين بإقليم تارودانت كان حجمه الإجمالي يصل في السابق إلى 298.200 مليون ملم مكعب، في حين الآن لا يوجد به إلا حوالي 30.727 مليون ملم مكعب. أما سدّ عبد المومن بتارودانت فقد كان الحجم الإجمالي السابق له يبلغ 198.400 مليون ملم مكعب، في حين لا يوجد به اليوم إلا 7.606 ملايين ملم مكعب، وسد أولوز بتارودانت كان حجمه في السابق يصل إلى 89.000 مليون ملم مكعب بينما لا يتوفر فيه حاليا إلا 6.971 ملايين ملم مكعب. أما سد مولاي عبد الله بإيمسوان والذي يزود مدينة أكادير إداوتنان بمياه الشرب، فقد كان حجمه الإجمالي يصل إلى 90.600 مليون ملم مكعب، غير أن هذه الكمية تراجعت وتقلصت حاليا إلى حوالي 10.934 ملايين ملم مكعب.
ونظرا لتراجع حقينة السدود من الملء شرعت وكالة الحوض المائي لسوس ماسة في تنفيذ المخطط الاستعجالي من أجل توفير مياه الشرب بالبحث عن استكشاف آبار جديدة من جهة، وإحداث وحدات إضافية لتحلية ماء البحر بشمال أكادير من جهة ثانية، بكل من إيمسوان وتامري وإمي ودار وتغازوت.. وذلك لتلبية حاجيات سكان الجماعات القروية بإداوتنان من مياه الشرب، عبر إمدادها بصهاريج مائية يتم تعبئتها من مياه البحر المحلاة. كما قامت وزارة ووزارة التجهيز والماء، ببرمجة مشاريع في إطار الشراكة مع وزارة الداخلية، بهدف إحداث وإنجاز مجموعة من السدود الصغرى والتلية بجهة سوس ماسة، ما بين أكتوبر2021 ونهاية 2023، وهكذا شرعت في إنجاز سدّ «أخفمان»بالجماعة الترابية زاكموزن بإقليم تارودانت، وإنجاز سدّ «أوكنيضيف» بالجماعة الترابية إدا أوكنيضيف بإقليم اشتوكة أيت باها، وسدّ «كورايزن»بالجماعة الترابية أربعاء الساحل بإقليم تيزنيت، من أجل ضمان الماء الشروب للساكنة وإنعاش الفلاحة البورية والمعاشية.
وكان لابد والحالة هاته، من الشروع في إنجاز السدود الصغرى لتقريب الماء من الساكنة وضمان استقرارها، وإيجاد حلول استعجالية لمشكل ندرة الماء بالنسبة للشرب والسقي الفلاحي، خاصة أن عدة مناطق تضررت كثيرا بعد توقيف مياه السقي الفلاحي، كان أبرزها منطقة الكردان وهوارة، مما يقتضي الإسراع بإحداث محطة لتحلية ماء البحر لضمان السقي الفلاحي بالكردان وهوارة. والشروع في إنجاز أشغال تعلية سد المختارالسوسي بأولوز، في إطار البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب والسقي، لأن هذه التعلية ستمكن من الرفع من حقينة السدّ من 50 مليون ملم مكعب إلى 281 مليون ملم مكعب، بالإضافة إلى الإسراع أيضا في إنجاز سدّ تامري، الذي انطلقت الأشغال به منذ شهرشتنبر2022، حيث من المرتقب أن يبلغ حجم حقينة هذا السدّ بعد إنجازه بما قدره 204 ملايين ملم مكعب لضمان الشرب والسقي الفلاحي.
وبالموازاة مع مشاريع المنشآت المائية، لابد للوزارة الوصية من إطلاق حملات توعية وتحسيس مكثفة وسط الساكنة للاقتصاد في الماء، وإجبار المؤسسات العمومية والخاصة، بما فيها الفنادق والجماعات الترابية على ضرورة سقي المناطق الخضراء وملاعب الكولف بالمياه العادمة المعالجة حاليا بمحطة المزار، ومواصلة البحث عن الأثقاب المائية من أجل تقوية تزويد أقاليم الجهة بالماء الشروب.