من العاصمة الفساد الزبالة
محمد الطالبي
شكل زلزال بوزنيقة القضائي، بعد اعتقال الرئيس الذي حكم الجماعة بالحديد والنار لأزيد من عشرين سنة ويكاد يطيح بصاحب شركة لتجميع وتدبير النفايات وحتى تسيير أعرق الفرق المغربية ولو لمدة وجيزة، رجة قوية ستجر آخرين، لكنه أظهر أن المال العام غير محمي وغير محصن من الفاسدين والمفسدين، وأن ضعاف النفوس يستطيعون الوصول إليه والعبث به كما يشاؤون، ويؤكد أن ترسانتنا القانونية قابلة للاختراق، ومؤسساتنا الإدارية والمالية والمحاسباتية بها خلل أو اختلالات تتطلب الوقوف عليها ودراستها والقضاء عليها، واتخاذ كل الخطوات القمينة بحماية هذه المؤسسات من مثل هذه الاختراقات والاختلالات الخطيرة…
هي إجراءات وتدابير يمكن تطويرها إذا حضر حسن النية والمواطنة وأساسا المساطر القانونية التي تضمن الشفافية ووضوح التدابير وتهيئ الظروف كل الظروف لمؤسسة القضاء والأمن ومؤسسات الحكامة كي تلعب دورها كاملا ودون معيقات مادية أو معنوية ليكون شعار الجميع الانتصار للقانون وللمصلحة العامة.
اختلاس أموال «الزبالة» ببوزنيقة الحزينة، والتي تحولت إلى مرتع للبناء العشوائي و»الرشوائي» بحر وبرا وداخل جميع مفاصلها، يؤكد مرة أخرى الحاجة إلى بناء مواطن مؤمن بقيم كونية كحقوق الناس واحترام المؤسسات، ولن يتأتى ذلك إلا بالتعليم الجيد والتربية وسط بيئة سليمة وحقوق اقتصادية ومادية واجتماعية، الدولة الاجتماعية أولا وأخيرا، وحق الجميع في الولوج إلى كل الخدمات المتاحة دون تمييز .
وخلاصة قصة بوزنيقة، والتي سبق لوزارة الداخلية أن نبهت إليها، أن هناك شبهات كبيرة في صفقات تجميع الأزبال من المدينة بأثمنة صاروخية، أي نعم، ثمن نقل الكيلو يقارب ثمن العديد من الخضر والفواكه، جماعتنا الموقرة حولت الأزبال إلى تجارة ملفوفة بالغش، فحتى حمولات الشاحنات تدمج مع الأحجار والتراب لأجل أن تزن أكثر وأكثر، وأن يقتسم المعنيون الغنيمة من عائدات «الزبالة».
أتمنى أن تطال التحقيقات كل نفايات ومزابل البلد لأن رائحة كريهة ومزكمة للأنوف تنبعث منها، غير رائحة «الزبل»، إنها رائحة الخبث واللصوصية، ومعلوم أن هناك مزابل أخرى إذا قارناها بـ«زبالة» بوزنيقة فسنجد هذه الأخيرة صغيرة جدا أمامها !
الكاتب : محمد الطالبي - بتاريخ : 10/02/2024