استمرار تأجيل تشغيل المحطة الطرقية العزوزية يفتح باب أسئلة التشييد والتدبير بات لغزا محيرا لساكنة مراكش

 

تحولت المحطة الطرقية الجديدة بمنطقة العزوزية بمراكش، التي أنشئت لتكون بديلا عن محطة باب دكالة التي أدت وظيفتها لأزيد من أربعين سنة، إلى أسطورة لدى المهتمين بالشأن المحلي بمدينة مراكش، وذلك بعد التأجيل الدائم لشروع العمل بها. فرغم اكتمال الأشغال بها منذ مدة ليست قصيرة، مازال مسؤولو المدينة عاجزين عن إطلاق العمل بها، ولاسيما بعدما أضحت المحطة الحالية المتواجدة في قلب المدينة نقطة سوداء من الناحية البيئية ومشكلا كبيرا في حركة السير.
غياب إجابة واضحة عن سؤال موعد الانتقال إلى محطة العزوزية لدى مسوؤلي الجماعة الحضرية، يكشف حالة الضبابية التي تلف هذا الملف، و لاسيما أن انطلاقة ورشه كانت محفوفة بكثير من المشاكل، وفي مقدمتها الفرق الكبير بين النموذج الذي قدم سنة 2015، والذي يتضمن مشروعا متكاملا يجعل منها محطة من الجيل الجديد المندمج في مجاله، والمتكامل بمرافقه، وبين ما تم إنجازه فعلا على الأرض. حيث بمجرد انطلاق العمل الميداني في إنشائها، انطلق معه مسلسل من الفضائح المتعلقة بشبهات الفساد، ولاسيما فيما يتعلق بتفويت عقارات مملوكة للدولة مجاورة لها كانت مخصصة لمرافق حيوية، كمحطة الطاكسيات، إلى أشخاص نافذين استفادوا من مواقعهم للحصول على هذه العقارات وأنشأوا مشاريع مربحة قبل حتى أن تبنى المحطة، وهي الفضيحة التي مازال التحقيق فيها جاريا مع مسؤولين وفي مقدمتهم والي سابق. ونتج عن هذا التصرف المشبوه في العقارات المجاورة، تحويل المحطة الجديدة من حل لمشكلة إلى مشكل معقد استلزم مجهودا إضافيا و نزيفا في الزمن، من أجل ترميم بعض آثاره.
وكان الموقع الذي اختير للمحطة الجديدة، جزءا من أزمتها وعاملا إضافيا في التشكيك في مدى نجاعتها في أن تشكل بديلا ناجحا عن محطة باب دكالة، متخلصا من المشاكل التي دفعت إلى تغيير موقعها. فهو مكان جد بعيد عن أغلب الأحياء السكنية، و هو ما يمثل مضاعفة لمحن الركاب، وزيادة في تكلفة السفر سواء بالنسبة للمغادرين أو الوافدين، عكس الموقع القديم المتواجد في وسط المدينة، والذي يشكل نقطة تقاطع لمختلف خطوط النقل الحضري.
والأسوأ من ذلك أن المكان الذي اختير لاستنبات هذه المحطة، هو منطقة معروفة باكتظاظها بفعل المرافق التي توجد في محيطها، فهي قريبة من الحي الصناعي سيدي غام، وسوق لافيراي، وتجمع بالمئات للميكانيكيين، والحي الصناعي المسار وسوق الجملة، حيث أن الآلاف من الشاحنات والعربات تعبر الطريق في كل يوم، فماذا سيحدث عندما يضاف إليها تجمع كل حافلات النقل؟ وهو ما جعل المراقبين يشككون في مدى نجاعتها في أن تكون بديلا، متوقعين أنها لن تكون في أحسن الأحوال سوى تصديرا للأزمة إلى حي آخر، ربما أسوأ من ذلك، لكون البنية الطرقية عرفت ترقيعا فقط، و لم يتم تطويرها لمواجهة الضغط المرتقب، وخاصة على مستوى طريق آسفي، حيث كان من المفروض إنجاز الأنفاق وتوسيع الطرق بشكل كافي، علما بأن هذا المحور، يعرف ضغطا كبيرا لكون الرابط الأساسي من مراكش إلى تمنصورت.
ويشير العارفون بخبايا الشأن المحلي إلى أن افتتاح المحطة الجديدة، يظل مسألة تدرج في حكم الغيب، لأن هناك عائقا إداريا يهم تصفية شركة المحطة الطرقية وإنشاء شركة للتنمية المحلية تشرف على تدبيرها. ويهم هذا المشكل بالدرجة الأولى تقاطب الرؤى بين المهنيين الذين يملكون حصة 60 بالمائة، و بين باقي الأطراف، وهو الأمر الذي دعا والي الجهة فور تحمله لمسؤوليته إلى عقد اجتماع بين الأطراف المعنية لتقريب وجهات النظر من أجل الوصول إلى حل. ومع ذلك ترجح الكثير من المصادر أن الوصول إلى هذه الغاية ما زال غامضا.
ويعكس ملف محطة العزوزية بجلاء محنة ساكنة مراكش مع مسؤوليها الجماعيين، مع ما تراكم منذ سنوات من ضعف الرؤية وغياب الحرص على التقدير الجيد، والتوقع الدقيق لتطور المدينة، وانعدام النظرة السليمة التي تخضع لمعايير جودة الحياة ملتزمة بمصالح السكان.


الكاتب : عبد الصمد الكباص

  

بتاريخ : 12/02/2024