أكد عضو المكتب السياسي لحزب الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عبد الحميد جماهري، خلال مناقشته لموضوع ذي راهنية «حربان ومعايير مزدوجة للحالة الإنسانية: أوكرانيا وغزة «، أن الحرب القائمة بقطاع غزة والانتهاكات المُرتكبة في حق الشعب الفلسطيني كشفت وكبرت صورة التناقض الذي يعيش القانون الدولي والقوى الفاعلة.
وأوضح جماهري أن اللقاء الذي يأتي على هامش أشغال الملتقى الإفريقي اللاتيني الأول للشباب، حَاول الاقتراب من هذه الإزدواجية في المعايير كما سماها الشباب الإفريقي اللاتيني في «المينا لاتينا» و»الشبيية الإتحادية»، مشيرا إلى أن النقاش عرف أيضا وجود مقاربة لهذه المُفارقة واستشعارا لضرورة تجاوزها وما الذي يمكن للشباب والمنظمات في المجتمع الدولي تقديمه من أجل تغيير هذه المعادلة.
وأضاف جماهري قائلا: «نحن بالفعل نشهد وللأسف مواقف متناقضة بين الحربين حيث أن هناك قانونين وعالمين وضميرين يجعلان من صاحب الحق وهو الشعب الفلسطيني في حقه في دولته يعاني منذ عقود. والحقيقة أن العالم اتفق أن تكون لهذا الشعب دولته وأن تكون عاصمتها عي القدس الشرقية وأن يعيش بسلام وأن يمتلك أسباب العيش الكريم، لكن الذي يحدث هو عكس ذلك تماما. إذ نجد أن هنالك إبادة وتهجيرا وقرارا بأن يتم إقبار القضية ومحو شعب بكامله من أرضه وأعتقد أنه يجب أن تكون هنالك تعبئة أكثر كما قال الأخ الكاتب الأول إدريس لشكر، يا إما أن يكون هناك حل شامل أو سيكون هناك حريق شامل في الشرق الأوسط ولعل بعض البوادر قد بدأت وأن لعبة نيران كبرى في المنطقة سببها هو أن فلسطين لم تجد حلها وهي سُرة الكونK وإن لم تجد فلسطين حلها لم يعيش أحد في سلام».
من جهته، عبر ساهر حسن المصري عن اتحاد شباب النضال الفلسطيني جبهة النضال الشعبي الفلسطيني، عن تقديره للمواقف الفعلية للكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إدريس لشكر ومُناضلي ومناضلات الحزب والشعب المغربي، تجاه القضية الفلسطينية، مستنكرا سياسة الكيل بمكيالين التي تنهجها الدول الغربية وأمريكا في التعامل مع كلا القضيتين الفلسطينية والأوكرانية.
وأكد حسن المصري أن مواقف الحزب وكاتبه الأول اتجاه القضية الفلسطينية هو موقف نابع من حرصه الوطني على أن القضية الفلسطينية قضية مركزية، وانطلاقا من الحق الفلسطيني، مشددا على أن هذا التوجه يُعبر عن تطلعات الشعب المغربي أيضا، وليس فقط مناضلات ومناضلي حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، مُضيفا بالقول: «موقف الاتحاد الاشتراكي موقف جريء وبناء وموقف نحتاجه فعليا في مثل هذا الوقت من أجل تبني قرار وطني عربي تحديدا لإحداث قوة عربية لوقف العدوان والإبادة الجماعية في حق الشعب الفلسطيني بقطاع غزة».
من جهة أخرى، استنكر ساهر سياسة الكيل بمكيالين التي أضرت بالشعب الفلسطيني كثيرا، وعاملت المواطن الفلسطيني على أنه مجرد رقم، وليس إنسانا، مشيرا إلى أن 35 ألف فلسطيني استشهدوا خلال 130 يوما. وأضاف أن هذا الرقم المهول الذي ينضاف إليه تدمير البنية التحتية بشكل كامل، بسبب الدعم العسكري غير المحدود للكيان الإسرائيلي الصهيوني واستخدام صواريخ محرمة شرعيا ودوليا».
واسترسل قائلا: « بالتالي فسياسة الكيل بمكيالين نسفت كل القوانين الدولية وكل المبادئ التي تغنى بها العالم والقوانين التي وضعتها أوروبا. في المقابل، فإن أوروبا التي تدعم إسرائيل لإبادة الشعب الفلسطيني هي التي دعمت أوكرانيا في الحرب الأوكرانية الروسية. غير أننا نجد أن الرئيس الأوكراني هو أول من دعم الكيان الصهيوني في حربه وإبادته ضد حق الشعب الفلسطيني.
وأفاد المتحدث أن «سياسة الكيل بمكيالين هي سياسة تنم عن هشاشة وضعف المجتمع الدولي لفرض قوانينه وسيطرته، وإلجام حكومة اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو. الحكومة الفاشية التي لا نجد لها أي وصف، بل حتى الرئيس الأمريكي وأمريكا لم تستطع إلجام هذا الابن العاق».
بدورها، أوضحت رئيسة منظمة اليوزي، هند مغيث، أن هذا اللقاء حاول بناء تصور حول المدى التاريخي للقضية الفلسطينية والقرارات التي لم تحترم على مدار السنين، مشيرة إلى قرارات المجتمع الدولي الذي طالما حاول إقناع بعض الأطراف بحلول غير واقعية.
وتحدتث مغيث عن الأرقام المفزعة التي سجلتها الحرب على قطاع غزة، مما دفع الشباب والمجتمع الدولي ومنظمات دولية إلى المطالبة بوقف إطلاق النار والإبادات الجماعية والانتهاكات والمجازر التي تحدث، ليس فقط بفلسطين وإنما في إفريقيا والسودان ومالي وغيرها أيضا من الدول التي يتم التعامل معها بازدواجية المعايير، مشيرة إلى أن هذه الازدواجية تشكل أهم تناقضات المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة وغيرها من الجهات التي تضم الدول والمجتمع على مدادِ حقوق الإنسان وحق الشعوب في تحرير أراضيها، معتبرة أن تحديد القانون الدولي والقرارات التي وجب أخذها في حال تجاوز هذا القانون الدولي، وما يراه العالم من الكيل بمكيالين أنتج هذه الحرب المفتوحة في مناطق عديدة.
وأكدت رئيسة اليوزي على أن ما يحدث من حرب مفتوحة ومتواصلة ساهم في وقوع مجازر للأطفال والمدنيين الذين لا ذنب لهم. وما يحدث من اغتيالات وتدمير للبنيات التحتية والوحدات السكنية وغيرها من مظاهر الخراب، هو أبعد من أن يكون مجزرة فقط، بل هو تدمير لمنطقة كاملة خدمة لتصورات أخرى وأهداف أخرى، عكس ما قد يزعم البعض أنه ردة فعل لما حدث في السابع من أكتوبر، قائلا :» إننا نعلم أن ما حدث هو نتاج لعدم سماع الأطراف لبعضهم البعض، وغياب التوافق بين الجهات المتفاوضة.. كيف للتفاوض أن يكون مع كيان محتل ورافض للحلول السلمية والعقلانية. وهنا أجدد ما وجب علينا كأحزاب وقيادات في دول مختلفة من دول الجنوب خاصة، ومن الدول التي تعمل بدورها في هذا المسار أن نعمل على تفادي انعكاس هذه القرارات والمعايير المزدوجة وغض البصر على ما يجري. ماذا سيحدث في هذه المناطق وهذه الدول؟ فنحن نساهم في تفشي ظاهرة العنف وتفشي ثقافة التشفي، ولا يجب علينا التعويل على هذا القانون الدولي والمنظمات الدولية بل ستجعلنا ندخل في مفاوضات أخرى وتحالفات من الممكن أن تعود بنا إلى الخلف لا أن تسير بنا للأمام. هنا أطراف نرى في الظاهر أنها ستساعد، لكن هدفها الحقيقي هو تقسيم المنطقة وزيادة خطورة الوضع، مما يعني أننا كمنظمات ومجتمع دولي من المهم جدا أن نتحمل مسؤولية هذه المنظمات الدولية لأنه في غياب تحمل المسؤولية لن تتخذ هذه المنظمات قرارات حاسمة لوقف الإبادات ووقف المجازر وتحمل المسؤولية».
ودعت مغيث إلى إدراج أطراف أخرى للمفاوضات يمكن لها طرح حلول وبدائل للحد من هذا الدمار والمجازر، وقالت: «لن تكون لنا القدرة على أي تعايش سلمي أو إحداث دولة أو الاعتراف بحقوق شعب دون سلام واستقرار في المنطقة. وهذا من المهم جدا، وما قمنا به كاتحاد عالمي للشباب الاشتراكي أو الاتحاد الدولي للاشتراكية تم في ظرف صعب، لكن من المهم أن نعمل على تحمل مسؤولياتنا كمجتمع دولي وكمنظمات دولية مبنية على إديولوجيات وقيم معينة، أي أن تحقق السلم والاستقرار في المنطقة، وألا ندع ثقافة التشفي تنتشر، وأيضا كي لا ندخل في أزمات وانعكاسات».
وأشارت هند مغيث إلى أن هذه الحرب لم تكن على قطاع غزة فقط بل على المنطقة ككل وعلى مستويات عدة قائلة :» إذا أردنا أن نقف ونحُد من ازدواجية المعايير والمجازر التي ستتواصل إن لم يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته، أجدد الطلب لكل المناضلين والمنخرطين سياسيا في مختلف الأحزاب والدول للحرص على إيصال فكرة أنه في حال إذا لم يتحمل المجتمع الدولي المسؤولية، فإننا سندخل بشكل مفتوح إلى أزمات.. وأزمات متواصلة».
تطوير الديمقراطية والعمل السياسي
إلى ذلك، أوصى مشاركون في ورشة على هامش الملتقى الافريقي اللاتيني الأول للشبيبات الاشتراكية، بضرورة العمل على تطوير الديمقراطية والعمل السياسي وتجاوز كل المعيقات التي تحول دون تمكين الشباب والمرأة من المشاركة في القرار السياسي وتدبير الشأن العام.
وفي هذا السياق، تحدثت المشاركة بيرتا بايطريز أكرابي من دولة بوليفيا، عن الديمقراطية الشاملة في البلاد، والتحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تواجه المجتمع البوليفي.
وذكرت المتحدثة في مداخلتها خلال هذه الورشة تحت عنوان «أمريكا الجنوبية: الديمقراطية تحت التهديد (المخدرات، التهريب الشعبوية…) «الانقلابات التي عرفتها البلاد في مراحل سابقة من التاريخ، والتي أفرزت الهيمنة والديكتاتورية على كافة المجالات، ووضعت السلطة في يد الطغمة الديكتاتورية الحاكمة».
ولفتت إلى أن هناك دينامية ديمقراطية، واستحقاقات انتخابية وتدبير الشان العام ومصالح الشعب والمشاركة السياسية للمرأة. وأضافت «أن هناك التزامات واضحة بخلق مناصب الشغل وخلق الثروة والتنمية وتحقيق الاستقرار بالمجتمع البوليفي، الشيء الذي لم يتم بسبب السياسات المجحفة التي جرى إقرارها».
وأشارت، في هذا الصدد، إلى أن النساء حظين بميزة «الكوطا» وسياسة التمييز الايجابي الذي سعى إلى تمكين المرأة سياسيا، وصارت تشارك في صناعة القرار السياسي. وخلصت في هذا السياق، إلى أن بلدان أمريكا اللاتينية غنية بالموارد الطبيعية والمعادن، مما يؤهلها إلى تحقيق التنمية والمضي قدما في مسلسلة الاستقرار والتنمية الشاملة، مسجلة أن سوء تدبير هذه الثروة الطبيعية، أرخت بظلالها على الأفراد والمجتمع.
وختمت بأنه «علينا الدفاع عن الشعب الفلسطيني ضد ما يتعرض له من عدوان همجي من طرف إسرائيل، ونظمنا مظاهرات ووقفات تضامنية، شارك فيها كل أطياف المجتمع البوليفي دفاعا عن حقوق الفلسطينيين وما يتعرضون له من قصف وإبادة جماعية».
بدوره، تحدث لويس باريز ألتاميراندا من دولة كولومبيا، عن السياق الداخلي الذي يطبع هذا البلد بالقارة الامريكية، خاصة مع تفشي الاتجار في المخدرات. مسجلا في هذا السياق، بأنه كانت هناك مبادرات قوية من طرف الحكومة والبرلمانية والأجهزة الأمنية للحد من هذه الظاهرة التي تنخر المجتمع.
وأوضح المتحدث، خلال هذه الورشة التي أدار أشغالها النائب البرلماني الإسباني والكاتب العام للشبيبة الاشتراكية بإسبانيا فيكتور كامينو، أنه يجب تعزيز الحماية ضد هذه الآفة ومكافحة الاتجار بالمخدرات، وتعزيز التعاون بين الدول في هذا المجال.
على مستوى الديمقراطية المحلية بكولومبيا، أكد المتحدث، أن المشهد السياسي عرف تطورا بارزا نحو تعزيز الديمقراطية وإشراك الشباب، وذلك خدمة للمصلحة العامة للمجتمع. كما شدد على وضع حد للبلقنة السياسية على حد تعبيره، والعمل على تحقيق نوع من التقدم للوصول إلى التنمية الشاملة الحقيقية للكولومبيين.
من جانبه، أشار رودي كاسيمرو إلياز من دولة غواتيمالا، إلى التعددية التي يعرفها المجتمع المحلي «التنوع اللغوي، تجربة ديمقراطية مهمة، الموارد الطبيعية..». وأكد المتحدث، أن التجربة الديمقراطية لغواتيمالا حديثة العهد، ومرت من مراحل هامة وأساسية، وصولا إلى ماهو عليه الحال اليوم. مضيفا في هذا السياق، أنه كانت هناك انتخابات مشاركة سياسية، في وقت كانت هناك ممارسات غير أخلاقية باستعمال المال وشراء الذمم، وهو ما أفرز ممثلين بعيدين عن المجتمع والأفراد، على حساب النخب والمثقفين.
ولم يخف المتحدث أنه بالرغم من التقدم الملموس في هذه التجربة الديمقراطية، فقد كانت هناك مظاهرات قوية حول «التشكيك» في مصداقية هذه الانتخابات التي عرفتها غواتيمالا.
وبدوره، تحدث لويس ألفريدو فلوريس من دولة نيكاراغوا، عن السياق السياسي الذي طبع البلاد والتراجع الذي حدث في الانتخابات والديمقراطية المحلية. مؤكدا أنه لفهم الوضع القائم يجب إعمال القانون وإرساء مبادئ الديمقراطية وإشراك الساكنة في تدبير الشان العام.
وشدد المتحدث، على ضرورة العمل على تنزيل القوانين من قبل السلطة وإنفادها، وإخضاع المسؤولين للمساءلة والمراقبة والقضاء على الفساد ومحاربة الرشوة التي تتفشى في الادارة.
وخلص إلى «أننا بصدد البناء الديمقراطي، ولدينا تحديات كبرى تثقل كاهل مسيرة الديمقراطية والتنمية والاستقرار.» مشيرا في ذات الوقت، إلى المقاومة المدنية السياسية، التي من شأنها التصدي لهيمنة السلطة الحاكمة الديكتاتورية والتصدي للمارسات المضرة بالعملية الديمقراطية.
وختم المتحدث، بأن «هناك قناعة للعمل قصد الوصول إلى مجتمع ديمقراطي وعصري، قوامه التوزيع العادل للثروة».