في مدونة الأسرة، هناك ست مواد استعملت مصطلحات غير حقوقية من قبيل «المعتوه» و «المجنون» . مواد يفهم من مضمونها أن الإعاقة حالة مرضية … لذلك كان أول مطلب لـ»التحالف من أجل النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة»، وهو يقدم مذكرته للهيئة المكلفة بمراجعة المدونة، أن تستعمل التعديلات المرتقبة مصطلحات ذات حمولة حقوقية.
مذكرة التحالف طالبت بعدم اعتبار الإعاقة الذهنية أو الاضطرابات ذات الصلة بالتوحد، مبررا للإقصاء من الحق في الأهلية القانونية، ولا سيما أهلية الأداء ن من قبيل الإرادة في الزواج أو بناء أسرة؛
وانصبت الاقتراحات على «الإذن بالزواج» ( يستلزم هذا الإذن، تقييم وضعية الإعاقة الذهنية، وفق منهج مزدوج، يعتمد مدخل درجة الإعاقة من جهة، وخلاصات تقرير تقييمي وظيفي اجتماعي لقدرات الشخص المعني في علاقتها بحواجز ببيئة محيط العيش …) .
وفيما يتعلق بالنفقة، ورد من بين اقتراحات التحالف إخضاع قيمتها، لفائدة الأطفال بناء على تقييم شامل وموضوعي.
أما بالنسبة للحضانة فيرى التحالف في مذكرته بأن يضاف إلى المادة 166 التي ورد فيها أنه بعد انتهاء العلاقة الزوجية، يحق للمحضون الذي أتم الخامسة عشرة سنة أن يختار من يحضنه من أبيه وأمه. أن يضاف اليها : «…مع تقديم كل الأفضليات الممكنة للموافقة الحرة والمستنيرة، ويمكن للمحضون التراجع وتغيير الأفضلية» ..
وفيما يلي نص مذكرة التحالف :
1 – المرجعيات:
بناء على تصدير الدستور ، الذي يحظر التمييز على أساس الإعاقة؛ والفصل 32 منه، الذي ينص على أن الأسرة هي الخلية الأساسية للمجتمع، والفصل 34 منه ، الذي ينص على وضع سياسات عمومية لتأهيل الأشخاص في وضعية إعاقة ؛
وتذكيرا بتعهد المغرب، كدولة طرف في اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، باتخاذ جميع التدابير الملائمة، بما فيها التشريع، لتعديل أو إلغاء ما يوجد من قوانين ولوائح وأعراف وممارسات تشكل تمييزا ضد الأشخاص ذوي الإعاقة (المادة 4- الالتزامات العامة- ب)؛
وتذكيرا بالتزام المغرب بأنها ستتخذ التدابير اللازمة لضمان تمتــع النساء والفتيات تمتعا كاملا وعلى قدم المساواة بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية. (المادة 6- النساء ذوات الإعاقة)، وكذلك توخي اتخاذ أفضل مصلحة للطفل، في جميع
التدابير المتعلقة بالأطفال ذوي الإعاقة، اعتبارا أساسيا ( المادة 7- الأطفال ذوو الإعاقة)، والالتزام بالتكفل بتوفير بجميع التدابير المرتبطة بممارسة الأهلية القانونية من خلال الضمانات المناسبة والفعالة، وتكفل هذه الضمانات حقوق الشخص المعني وإرادته وأفضلياته، وأن تكون مجردة من تضارب المصالح ومن التأثيــــر الذي لا مسوغ له، ومتناسبة ومتماشية مع ظروف الشخص،. (المادة 12- الاعتـراف بالأشخاص ذوي الإعاقة على قدم المساواة مع آخرين أمام القانون)؛
وكذلك الالتزام باتخاذ تدابير فعالة ومناسبة للقضاء على التمييز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة ، في جميع المسائل ذات الصلة بالزواج والأسرة والوالدية والعلاقات، وعلى قدم المساواة مع الآخرين، وكفالة حق جميع الأشخاص ذوي الإعاقة الذين هم في سن الزواج في التزوج وتأسيس أسرة برضا معتـزمي الزواج رضا تاماً لا إكراه فيه؛ والاعتراف بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في اتخاذ قرار حر ومسؤول بشأن عدد الأطفال الذين يودون إنجابهم وفترة التباعد بينهم وفي الحصول على المعلومات والتثقيف في مجالي الصحة الإنجابية ؛ وحق الأشخاص ذوي الإعاقة، بما في ذلك الأطفال، في الحفاظ على خصوبتهم على قدم المساواة مع الآخرين، و عدم فصل أي طفل عن أبويه رغما عنهما، إلا إذا قررت سلطات مختصة، رهنا بمراجعة قضائية، ووفقا للقوانين والإجراءات الوطنية السارية عموما، أن هذا الفصل ضروري لمصلحة الطفل الفُضلى. ولا يجوز بحال من الأحوال أن يُفصل الطفل عن أبويه بسبب إعاقة للطفل أو أحد الأبوين أو كليهما. (المادة 23- احترام البيت والأسرة)؛
وانطلاقا من تعريف الإعاقة الوارد في المادة 2 من القانون الإطار 97.13 لحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها ، المستمد من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. (المادة 1- الغرض)، حيث أن الإعاقة وضعية تفاعلية بين الشخص والمحيط ، قد تمنع الشخص المعني لدى التعامل مع مختلف الحواجز من المشاركة بصورة كاملة وفعالة في المجتمع على قدم المساواة مع الآخرين؛
وبناء على التعليق العام رقم 1 للجنة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة المتعلق بالاعتراف بالأشخاص ذوي الإعاقة على قدم المساواة مع الآخرين أمام القانون ( 2014)، والذي يوضح أن نموذج الإعاقة القائم على حقوق الإنسان ، يعني ضمناً تحوُّلاً من منظور الوكالة في اتخاذ القرار نحو منظور لدعم الأشخاص ذوي الإعاقة في اتخاذ القرار ، وحق الأشخاص ذوي الإعاقة في الاعتراف بهم في كل مكان كأشخاص أمام القانون وأن الأهلية القانونية والأهلية العقلية مفهومان مختلفان. وأن القدرة على ممارسة الحقوق والواجبات (النيابة القانونية). هي مفتاح المشاركة المجدية في المجتمع؛ ولا يجب استخدام العيوب المتصوَّرة أو الحقيقية في القدرة العقلية كتبرير لحرمان الشخص من الأهلية القانونية ، على أن تتيح آليةً الدعم للأطراف الثالثة التحقق من هوية الداعم وتتيح لها كذلك الطعن في قرار الشخص الداعم إذا رأت أنه لا يتصرف بناءً على إرادة الشخص المعني وأفضلياته؛ وكذا التعليق رقم 3 المتعلق بالمادة 6 المتعلقة بالنساء والفتيات ذوات الإعاقة ، في الحق في الزواج وإقامة علاقات أسرية ؛
وتذكيرا بالملاحظات الختامية للجنة حقوق الِخاص ذوي الإعاقة ، إزاء التقرير الأولي الذي قدمه المغرب لنفاذ اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ) غشت 2017 (؛ ولاسيما ما يتعلق بالمادة 12 من الاتفاقية المصادق عليها والمتعلقة بالاعتـراف بالأشخاص ذوي الإعاقة على قدم المساواة مع آخرين أمام القانون، حيث سبق أن أوصت اللجنة ب:
(أ) إلغاء ما ورد في مدونة الأسرة وفي قوانين أخرى من أحكام تقيد الأهلية القانونية للأشخاص ذوي الإعاقة، ولا سيما الأشخاص ذوي الإعاقة النفسية – الاجتماعية و/أو العقلية؛
(ب) استحداث وتطوير آليات لتقديم الدعم للأشخاص ذوي الإعاقة في اتخاذ القرارات تحترم استقلاليتهم وحقوقهم وإرادتهم وأفضلياتهم في جميع مجالات الحياة؛
وبناء على خطاب العرش في 30 يوليوز 2022 ، الذي اعتبر أن المدونة تقوم على التوازن، لأنها تعطي للمرأة حقوقها، وتعطي للرجل حقوقه، وتراعي مصلحة الأطفال، …..كما يتعين تجاوز الاختلالات والسلبيات، التي أبانت عنها التجربة ، ومراجعة بعض البنود ، التي تم الانحراف بها عن أهدافها ، إذا اقتضى الحال ذلك.
وبناء على الرسالة الملكية الموجهة لرئيس الحكومة في 26 شتنبر 2023 ، في موضوع إعادة النظر في مدونة الأسرة، والتذكير بالمرجعيات ، ولاسيما الدين الإسلامي ، والقيم الكونية المنبثقة من الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب ؛
وبناء على مخرجات الورشة التي نظمها التحالف من أجل النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، بمشاركة الاتحادات والإئتلافات الجمعوية العاملة في مجال حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة وخبراء مهتمين، ورشة وطنية للتفكير، وذلك للمساهمة في وضع أرضية مقترحات تعديلات لمدونة الأسرة، يوم السبت 21 أكتوبر 2023، بالرباط.
حيث شكلت هذه الورشة مناسبة لتعميق النقاش حول الموضوع ، من خلال تحليله من زوايا مختلفة، مع اقتراح توصيات لمعالجة الثغرات ذات الصلة بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، تؤسس لمقتضيات جديدة للمدونة، تلائم أحكام الدستور واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
وبالنظر للموقع الخاص لمدونة الأسرة في التشريع الوطني، وارتباطه بالمنظومة الحقوقية كما هي متعارف عليها كونيا، وما يُنتظر من إصلاح لمدونة الأسرة، في المساهمة في حماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها؛
وتعزيزا لقاعدة المسؤولية المشتركة بين الزوج والزوجة ، ومراعاة مختلف التطورات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي عرفها أوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم.
وتأسيسا على كل ما سبق ، يشيد التحالف من أجل النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة بإطلاق ورش إعادة النظر في مدونة الأسرة، ويطمح إلى إخراج قانون يجعل من المساواة وعدم التمييز قيمة مؤسسة لتعديل شامل للمدونة، ويؤكد على ضرورة تبني مقاربة تشاركية فعلية تدمج،كما ينص عليه دستور 2011، واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ، مع مختلف مكونات المجتمع المدني ؛ يقدم التحالف مذكرة مقترحات تعديلات لمدونة الأسرة .
2 – المبادئ المؤطرة للمقترحات:
تعتبر قضايا الأشخاص في وضعية إعاقة حقوقا يكفلها الدستور واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ، والقانون الإطار 97.13 لحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها، وأن إعمالها هو التزام للدولة والمجتمع ؛
وتأسيسا على ذلك ، تستند المقترحات على المبادئ المؤطرة التالية :
احترام كرامة الأشخاص المتأصلة واستقلالهم الذاتي بما في ذلك حرية تقرير خياراتهم بأنفسهم واستقلاليتهم؛
عدم التمييز بكل أشكاله؛
كفالة مشاركة وإشراك الأشخاص ذوي الإعاقة بصورة كاملة وفعالة في المجتمع؛
احترام الفوارق وقبول الأشخاص ذوي الإعاقة كجزء من التنوع البشري والطبيعة البشرية؛
تكافؤ الفرص؛
إمكانية الوصول؛
المساواة بين الرجل والمرأة؛
احترام القدرات المتطورة للأطفال ذوي الإعاقة واحترام حقهم في الحفاظ على هويتهم.
الموافقة الحرة والمستنيرة واحترام الإرادة والأفضليات ؛
الإعاقة وضعية تفاعلية بين الشخص وحواجز المحيط ؛
3 – مقترحات تعديلات :
مراجعة المصطلحات المستعملة في مدونة الأسرة، والتي تمس بالكرامة، من قبيل المعتوه، والمجنون، وغيرها من المسميات، الواردة في المواد 2013و216و220و228و233و279 ؛ وتعويضها بمصطلحات ذات حمولة حقوقية ؛
تدقيق مفهوم الإعاقة الذهنية، من خلال تنوع الفئات ، من قبيل الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية أو العقلية أو الاجتماعية النفسية
تجاوز التنصيص الإشارة إلى أن الإعاقة ، حالة مرضية أو عيب، المواد 11 ،و 23 ، و 65؛
عدم اعتبار الإعاقة الذهنية مبررا للإقصاء من الحق في الأهلية القانونية، ولاسيما أهلية الأداء، من قبيل الإرادة في الزواج أو بناء أسرة ؛ ولاسيما ما تنص عليه مواد الكتاب الرابع المتعلق بالأهلية والنيابة الشرعية القسم الأول: الأهلية وأسباب الحجر وتصرفات المحجور، الباب الأول المتعلق بالأهلية والباب الثاني المتعلق بأسبب الحجر وإجراءات تثبيته والباب الثالث تصرفات المحجور ؛
التأكيد على تقييم الإعاقة، كاساس لاتخاذ القرار المساند والملائم من قبل القاضي، من خلال الانتقال من النموذج الطبي السائد اليوم ، إلى النموذج النسقي الشامل في التقييم، ليكون ملائما للنموذج المعياري المنصوص عليه في المادة 1 من الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ، و المادة 2 من القانون الإطار 97.13 . لحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها، والعمل على مراجعة مشروع مرسوم بطاقة الإعاقة المنصوص عليه في المادة 23 من القانون الإطار ، لمعالجة ثغراته في أفق استكمال مقومات ومرتكزات نظام لتقييم الإعاقة ، يكون منصفا وشاملا ومتكاملا ؛
العمل في التقييم بمنهج مزدوج ، يعتمد مدخل درجة الإعاقة من جهة ) المحدد في بطاقة الإعاقة(، وخلاصات تقرير تقييمي وظيفي واجتماعي لوضعية الإعاقة في علاقتها ببيئة محيط العيش؛
مأسسة النيابة القانونية ، من خلال الانتقال من نمط الوصاية بمفهوم الوكالة المعمول به حاليا، إلى نمط الدعم بالمواكبة والمصاحبة، في إطار احترام للأفضليات، وذلك وفق نظام لتقييم الإعاقة ، تشرف عليه الجهة القضائية لمؤازرة الأشخاص المعنيين ؛
جعل النيابة من الأقارب أو المجتمع المحلي استثناء وليس قاعدة، مع احترام إرادة الشخص وأفضلياته في كل الوضعيات ؛
إخضاع تقدير قيمة النفقة ، لفائدة الأطفال بناء على تقييم شامل وموضوعي ،
وعلى مستوى الآليات الإجرائية للتنزيل ، ضرورة إرساء آليات إجرائية:
إرساء إطار جهاز مهيكل لاتخاذ القرار القضائي المساند ، تحدد مهامه في التقييم الشامل والمواكبة والمؤازرة ، تحت سلطة القضاء ، بموظفين تابعين لوزارة العدل أو بمهنيين مختصين يزاولون بشكل حر ، في مجالات ذات الصلة بوضعية الإعاقة ؛
التعجيل بإرساء نظام لتقييم الإعاقة ،لتقديم بطاقة الإعاقة، طبقا للمادة 23 من القانون الإطار 97.13 لحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها ، وذلك وفق نظام تقييم تفاعلي ومنصف، مع توصية بمراجعة مشروع مرسوم الإعاقة ، لمعالجة الثغرات ، للشروع في تعميم البطاقة، وذلك في أفق سنتين بعد إصداره ، مع ربطة بآلية الاستهداف ؛
مراجعة شروط ومساطر صندوق التكافل العائلي لتمكين الأطفال في وضعية إعاقة من الاستفادة الفورية والميسرة ، من التسبيقات المالية حين يحكم بالنفقة ، واتضح تأخر تنفيذ المقرر القضائي المحدد للنفقة أو تعذر لعسر المحكوم عليه أو غيابه أو عدم العثور عليه .