في السياق : ولهم في التعليم الخصوصي مآرب أخرى
محمد رامي ramisimo@gmail.com
ككل سنة، ومع حلول الموسم الدراسي ، يطرح مشكل التسعيرة المعتمدة من طرف مؤسسات التعليم الخصوصي على صعيد مختلف المستويات التعليمية، ابتداء من التعليم الأولي، مرورا بالابتدائي، والإعدادي، والثانوي، وصولا إلى الأقسام التحضيرية بالمعاهد والمدارس العليا ، حيث تعمل أغلب المؤسسات على تحريك العداد لتسجيل زيادات لا تقل عن 10 و 30 % كل سنة، والتي تتراوح قيمتها بين 200 و1000 درهم، علما بأن شروط العمل لم تتغير بالنسبة لهذه المؤسسات على مستوى جودة الخدمات والشروط والمعايير التربوية والصحية والتعليمية، وهو ما يشكل «ابتزازا» لأولياء التلاميذ الذين يجدون أنفسهم مضطرين لقبول الأمر الواقع في غياب فرص أخرى للاختيار .
وتستند هذه المؤسسات في تعليل اختيارها (غير القانوني) إلى مرجعية قانون المنافسة وتحرير الأسعار، الذي يبيح لها بدون قيد ولا شرط، تسويق خدماتها وفقا لقانون العرض والطلب، وتبعا لما تمليه الأهواء والرغبة الجامحة في مراكمة الأرباح وحرق المراحل في ظرف قياسي . أما المرتكز الثاني فهو قانون 00/05 الخاص بنظام التعليم الأساسي للتعليم الأولي الصادر سنة 2000، والقانون 00/06 بمثابة النظام الأساسي للتعليم المدرسي الخصوصي في كل المستويات، بدءا من الابتدائي إلى الأقسام التحضيرية بالمعاهد والمدارس العليا . فهذان النصان لم يحددا أي سقف للزيادات الممكنة وشروطها، ولم يضعا جدولة للأسعار التي يمكن العمل بها وفق مواصفات ومعايير منصوص عليها في دفاتر التحملات.
ففي ظل الفراغ القانوني يصبح «التسيب» سيد الموقف، من غير أن توجد أي قوة للردع والرد على هذا الهجوم الكاسح الذي يستغل ظروف الأزمة والخصاص في القطاع العام، حيث يعمد إلى فرض شروط مجحفة لا تراعي الجانب الإنساني ولا الأخلاقي في التعامل مع قطاع حيوي يهم مستقبل الوطن والمواطنين.
وبالرجوع إلى الصيغة الموحدة لدفاتر التحملات التي تلزم هذه المؤسسات بتوقيعها ، يواجه المتتبع صمتا مطبقا بشأن هذه النقطة ، إلا في جانب واحد حينما يتعلق الأمر بتمكين هذه المؤسسات من بعض الامتيازات في المادة 9 من القانون 00/05 (الاستفادة من محلات ملائمة، أو أطر تربوية تتكفل الأكاديمية بتأدية أجورهم ) مقابل الخضوع لشروط محددة منها:
– التواجد بالمناطق القروية والمراكز الحضرية الأكثر احتياجا والتي لا تتجاوز فيها الطاقة الاستيعابية لمؤسسات التعليم الأولي أكثر من 50 % من العدد الإجمالي للأطفال
– المساهمة قدر الإمكان في برنامج محاربة الأمية.
– التوفر على هيئة قارة للمربين.
– تطبيق رسوم التمدرس المحددة في دفتر التحملات المقترح من لدن الأكاديمية الجهوية.
– ضمان تسجيل الأطفال المعوزين مجانا، وذلك في حدود 10% على الأقل من العدد الإجمالي للتلاميذ المسجلين بالمؤسسة.
وفي نفس السياق يشير القانون 00/06، إلى أن مؤسسات التعليم الخصوصي (في كل المستويات) تستفيد من مجموعة من الامتيازات في إطار تعاقدي يحدد واجبات والتزامات الطرفين معا ، وعلى الخصوص واجبات التمدرس التي يجب أن تتلاءم مع الوضعية الاجتماعية للتلاميذ.
فكيف والحالة هذه، يمكن الحديث عن قطاع تعليمي منضبط لمبادئ وأهداف الميثاق الوطني للتربية والتكوين، علما بأن الميثاق قد علق آمالا عريضة على القطاع الخصوصي من أجل معالجة الكثير من الإشكاليات، والرفع من مستوى فعالية المنظومة التعليمية بالمغرب ، غير أن الحصيلة جد مخيبة للآمال على العديد من المستويات.
وبالرجوع إلى الأسعار المعتمدة من طرف أغلب هذه المؤسسات على الصعيد الوطني، ومقارنتها بمستوى الخدمات التربوية والتجهيزات المتوفرة، والبنيات القائمة، سنقف على المفارقة القائمة بين الواقع الفعلي المجسد للقطاع وبين المقتضيات المنصوص عليها في النصوص القانونية ودفاتر التحملات .. وهو ما يفرض على الجهات الوصية على القطاع فتح تحقيق في هذا الملف وإخضاع هذا «المرفق» للمراقبة والمحاسبة ووضع حد للتسيب القائم.
الكاتب : محمد رامي ramisimo@gmail.com - بتاريخ : 04/10/2017