الألتراس المغربية الحركة الرياضية ذات الوجوه المتعددة -11- أشهر المعارك الدامية بين ألتراس يؤمنون بأنهم أصحاب قضية

الألتراس المغربية من هي، وإلى أي وسط ينتمي أفرادها، وما الهدف من تكوين هؤلاء الشباب لهاته المجموعات؟ هي مجموعات مكونة من شباب مغاربة من فئات اجتماعية وثقافية مختلفة، معظمهم ينحدر من أوساط شعبية، اجتمعوا على حب وتشجيع فريق واحد، لا تتحدد أعمارهم في عمر معين، وتختلف أجناسهم وأعراقهم وأصولهم، وعلاوة على شغف اللعبة الذي يتملكهم، فاختلافاتهم تتوحد وتتقوى لتكون روابط متماسكة ومشتركة، تؤطرهم مقومات عدة؛ كالوفاء والولاء وحس الانتماء …

لم تكن لتداعيات وباء كورونا أثر على غياب الألتراس في الملاعب، ولم يمنع قرار تغييب الجماهير عن متابعة المباريات من خوض معاركها في ساحة منصات التوصل الاجتماعي، قبل نقلها إلى الواقع، باستخدام الشهب النارية والهتافات الحماسية وعتاد حسب طبيعة المواجهة، مع حضور مكثف للقاصرين الذين يعدون حطب المواجهات.
يتحول المشجع حين يتشبع بمبادئ حركة الألتراس إلى عاشق يموت ويحيا من أجل ناديه يضعه في أعلى درجات التقديس، وتتحول حياة العديد من المراهقين إلى موضوع لمواجهة وعلبة للصراع حتى يتحول الملعب والمدينة إلى فضاء لصراعات السيطرة بين المجموعات، التي تتخذ لها مواقع يصعب اختراقها من طرف أي كان ٠
حتى أن العديد من الصفحات ووسائل التواصل الاجتماعي تجدها تعج بأسماء المعارك التي جرت بين الفصائل وقادتها وانتصاراتها وخسائرها، فعلى امتداد تاريخ الحركة تعددت بؤر التوتر، منها من تم إخمادها ومنها من وصل حد الاحتقان وتجاوز حدود التراشق إلى عنف متبادل، انتهى بضحايا ومعتقلين وخسائر في العتاد والأرواح.
ففي نهاية سنة 2015، شهدت منطقة دار بوعزة، ضواحي الدار البيضاء مواجهات دامية بين ألتراس فريقي الوداد والرجاء الرياضيين لكرة القدم، حيث انتقلت المناوشات من شوارع وأزقة المدينة إلى ضواحيها٠
وقد خلفت المواجهات مجموعة من الإصابات في صفوف عناصر الدرك الملكي التي تدخلت لضبط الوضع بالشارع العام، فضلا عن إصابة بعض السكان جراء التراشق بالحجارة بين الفصيلين الودادي والرجاوي، دون معرفة دوافع المعركة لأول مرة بعيدا عن معاقل الفصيلين.
وعلى خلفية هذه المعركة، وضعت المصالح الأمنية بالدار البيضاء اليد على ستة أشخاص أغلبهم من القاصرين، للاشتباه في تورطهم في صراع تم فيه تبادل العنف، وإلحاق خسائر مادية بممتلكات الغير، وتعريض سلامة المواطنين للخطر.
وأفاد بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني آنذاك بأن مصالح الشرطة بمدينة الدار البيضاء توصلت بإشعار حول تورط مجموعة من الأشخاص، يشتبه في أنهم محسوبون على فصائل مشجعي أندية كرة القدم، في تبادل العنف في ما بينهم باستعمال الرشق بالحجارة، الأمر الذي تسبب في إلحاق خسائر مادية بتسع سيارات كانت متوقفة بالشارع العام، وهو ما استدعى تدخل دوريات الشرطة التي عملت على إيقاف مشتبه بهم، علاوة على حجز سلاح أبيض كان بحوزة شخص من بينهم. كما جرت التحريات من قبل فرقة الشرطة القضائية، تحت إشراف النيابة العامة المختصة، للكشف عن ظروف وملابسات وخلفيات هذه القضية، وكذا اعتقال باقي المساهمين والمشاركين في ارتكاب هذه الأفعال الإجرامية.
وفي محاولة لتطويق النزاع، أصدرت الفصائل المشجعة لناديي الوداد والرجاء الرياضيين بلاغا مشتركا، ردا على أحداث الشغب والعنف التي عرفتها منطقة دار بوعزة بين مناصري الفريقين، ودفعت المصالح الأمنية إلى التدخل وإيقاف المشتبه بتورطهم في الأحداث.
وندد البلاغ المشترك لكل من «الكورفا نور» و«الكورفا سود»، بأحداث الشغب والعنف التي اشتعلت شرارتها، بين منتمين للفصائل المشجعة لناديي الوداد والرجاء.
واعتبر البلاغ أن «حركية الألتراس لا يجب أن تلصق بها صورة أحداث مماثلة، خصوصا أن هذا النوع من المناوشات قد ينتهي بأضرار بالغة على الأفراد». كما ذكر البلاغ ذاته بقيم الرياضة، معتبرا المنافسة حبيسة الملاعب التي تظل فضاء للصراع الكروي،« وهو السبيل الوحيد لتبقى حركية الألتراس في المغرب دون شغب، ولا ضحايا في الأرواح، أو مصابين يحملون أثرا مدى الحياة»، يضيف البلاغ.
كما دعت «الكورفا نور» و«الكورفا سود»، إلى ضرورة التزام جميع الأعضاء بالتوجيهات الصادرة عنهما، من أجل حركية وصفتاها بالنقية وشغف بعيد عن الشغب.
وفي 2015 أيضا أنزلت جامعة كرة القدم الوطنية عقوبات قاسية على فريق الوداد الرياضي، بحرمانه من جمهوره لأربع مباريات، واحدة منها موقوفة التنفيذ، فضلا عن غرامة مادية تصل إلى 100 ألف درهم، بينما عاقبت فريق الرجاء الرياضي بمباراة واحدة دون جمهور موقوفة التنفيذ، وغرامة 10 آلاف درهم. ردا على أعمال الشغب التي شهدها «ديربي» الدار البيضاء، بين الوداد والرجاء، والذي انتهي سلبي النتيجة، ثم أعقبته أعمال شغب انتهت بإصابة عدد من المشجعين ورجال الأمن، الذين قضوا ليلة المباراة في مصحات المدينة.
وحسب القرار الجامعي، فالعقوبات تعود إلى رفع جمهور الفريق الأول لـ«تيفو» تضمن شعارات استفزازية في حق جمهور الفريق الثاني، واستخدام شهب نارية تسببت في توقيف المباراة لدقائق، فضلا عن الاعتداء على رجال الأمن.
حملت مضامين «التيفو» الذي رفعه جمهور الوداد تلميحا يصنف أنصار الرجاء في خانة القردة في الغابة، كما أظهر تيفو آخر ملصق الفيلم الشهير «كازابلانكا»، تلبس فيها امرأة اللون الأخضر الذي يحيل إلى لون الرجاء البيضاوي، بينما يرتدي الرجل اللون الأحمر الودادي.
وعلى خلفية هذا الحادث تم توقيف بعض رجال الأمن الذين سمحوا بولوج هذا النوع من المنشورات، وتقرر منع جمهوري الفريقين من إدخال ورفع كل أشكال «التيفو» في مباريات «الديربي» إلى أجل غير مسمى.
وعلى خلفية هذه القرارات أصدر فصيل «الوينرز» الودادي، بيانا بعد المباراة، قال فيه: إن «الأحداث غير الرياضية المرفوضة التي وقعت، هي مرآة لبعض الظواهر والمشاكل التي يتخبط فيها المجتمع المغربي، والتي تعذر على «الوينرز» التصدي لها ومعالجتها بمفرده».
ولم تتوقف المعارك داخل الدار البيضاء فقد استمرت لسنوات طويلة وعرفت ذروتها خلال السنتين الأخيرتين حيث توفي مناصر لألتراس الوداد جراء تفجير فيزو بالقرب من منزله وتم اعتقال مناصر ينتمي إلى ألتراس منافس .


الكاتب : n إعداد: مصطفى الناسي

  

بتاريخ : 23/03/2024