استقبلت الجالية المسلمة في كندا شهر رمضان الأبرك على غرار باقي دول العالم الإسلامي، باستعداد واضح لجمعيات المساجد، التي أعدّت العدّة للمسلمين المقيمين والمتواجدين بهذا البلد في هذا الظرف الزمني لعامل من العوامل، المغاربة ومن جنسيات أخرى، لكي تمارس العبادات الخاصة بالشهر الفضيل في أجواء رمضانية وروحانية تكرّس للخصوصية التي يتميز بها المسلمون، فضلا عن التدابير الأخرى المتعلقة بموائد إفطار الصائمين.
وعلاقة بالعبادات، فإنه خلال فترة تواجدي هنا في كندا، تبيّن لي على أن مسلمي كندا يمارسون شعائرهم بكل حرية، حيث يؤدون الصلوات الخمس بالمساجد، كما تتميز صلاة الجمعة بإلقاء الخطيب لخطبة يحضر في مضامينها الوعظ والإرشاد، فهذا إمام مسجد أوتاوا نموذجا، يحرص على تسليط الضوء على تفاصيل سيرة الرسول محمد ( ص ) الغنية، وفي خطبة أخرى يؤكد على دور المساجد في حياة المسلمين، وفي كل جمعة تكون اللحظة مناسبة للحديث عن موضوع ديني يرتبط بتفاصيل الحياة اليومية للمسلمين على مستوى العلاقات وغيرها، وهي الخطب التي يتم إلقائها باللغتين العربية والفرنسية.
وإذا كانت الدولة الكندية تحمي المسلمين وتسمح لهم بممارسة شعائرهم الدينية، فإن بعض المتطرفين لا يستسيغون هذا الأمر، سيما وأن الدين الإسلامي يعد الثاني بكندا، حيث يبلغ عدد أفراد الجالية المسلمة مليونا و300 ألف مسلم، حسب أرقام رسمية تهمّ شهر أكتوبر 2023، أي بنسبة 3.6 بالمائة، على اعتبار أن ساكنة كندا تقدّر بـ 33 مليون نسمة، ونتيجة لذلك قام احد الكنديين العنصريين في فبراير 2019 بإطلاق الرصاص على المسلمين في أحد مساجد مقاطعة كيبيك، حيث تربّص بالمصلين بعد أدائهم لصلاة التراويح، ويتعلق الأمر بطالب فرنسي من أصول كندية الذي أطلق النار وقتل عددا من المسلمين بدافع الكراهية حيث تم القبض عليه وحوكم بالسجن مدى الحياة. ولم يكن هذا الحادث الوحيد الذي عرفه التراب الكندي، ففي يونيو 2021 استهدفت عائلة مسلمة بمدينة لندن بمقاطعة اونتاريو، مما أدى إلى وفاة أربعة أفراد منها وأصيب طفل دهسا بإحدى الشاحنات.
وعلى الرغم من الحادثين فإن طقوس التعايش في كندا تعرف احتضانا واسعا من طرف العديد من مواطني هذا البلد من جنسيات مختلفة، وتساهم الجالية المسلمة، وضمنها الجالية المغربية في تقديم صور راقية في التسامح الديني وفي التحلي بالشيم والخصال النبيلة التي تساهم في تعزيز الاحترام، خاصة خلال شهر رمضان الفضيل، حيث يكون لمغاربة كندا حضور نوعي جد متميز. وجدير بالذكر أن الإسلام دخل إلى كندا سنة1871 على يد مهاجرين من البوسنة، وتم تشييد أول مسجد سنة 1938، كما أن أغلب المسلمين بهذا البلد هم من السنّة، باستثناء نزر قليل من الشيعة، ويتمركزون بانتاريو ومقاطعة كيبيك، ويبلغ عدد المساجد بكندا 200 مسجد، التي بناها محسنون وتسهر على تسييرها جمعيات، بالإضافة إلى متطوعين ومتطوعات.