يتعرضون أسبوعيا للانتقاد والهجوم : الحكام المغاربة دون هوية رياضية وبلا معدات وينتظرون الاستقلالية

تحضر إلى ذهن المتابع الرياضي صورة الحكم المغربي فقط وهو يدير مباريات كرة القدم، ويستأثر بالاهتمام في النقاشات، بقوة، عند تحليل أدائه في المباريات، ولاسيما في حال ارتكاب الأخطاء، وتتصاعد الأصوات مطالبة باستبعاده من تدبير اللقاءات لفترة قد تطول أو تقصر حسب درجة التأثير والأخطاء المرتبكة. لكن لا أحد منا يتطرق إلى ما يعانيه الحكام في الخفاء، وحتى عندما يثار الموضوع، يتم المرور مرور الكرام.
ونحن على مقربة من نهاية الموسم، مازال الحكام المغاربة ينتظرون التوصل بالمعدات الرياضية، التي تأخرت عن موعدها بشكل كبير، حيث يجدون أنفسهم مجبرين على استعمال ما توفر لديهم، في وقت كان ينبغي تسلم المستلزمات الرياضية مع بداية الموسم.
ومن النقط المثيرة للتساؤل بشكل كبير عدم تفعيل الجامعة والعصبة الاحترافية لبطاقة الهوية الخاصة بهذا الجسم الفاعل بقوة داخل مجال كرة القدم الوطنية. فالحكام المغاربة ومنذ أزيد من عشر سنوات دون هوية، الأمر الذي يخلق لهم بعض المتاعب خارج الملاعب، خاصة إذا كان الاسم غير معروف بشكل كبير.
فعلى غرار كافة المكونات المنتمية إلى الجامعة، يجب أن يتوفر الحكام على رخصة وفق الضوابط المنصوص عليها في القانون الأساسي للجامعة وقانون منافسات كرة القدم. لأن طاقم التحكيم، وعند دخول ملعب ما، يتم التعامل معه من منطلق الاعتبار الشخصي، وإن لم يكن معروفا يعامل معاملة الغريب عن جسم كرة القدم. وهذا ما حدث مع الحكمة السابقة خديجة رزاك، عندما كانت تشتغل داخل مديرية التحكيم، وكانت في مهمة بأحد الملاعب، حيث منعت من الدخول لتأدية مهامها من طرف مندوب المباراة، لأنه لا يعرفها، ولا تتوفر على بطاقة هوية رياضية. نفس الأمر تكرر مع الحكم السابق عبد الحق قرقوري، الذي يتحمل الآن مسؤولية رئاسة اللجنة المركزية للتحكيم، بعدما منع من دخول الملعب، رغم أنه كان مكلفا بمهمة مراقبة الحكام، وقرار منعه صدر من طرف الكاتب العام للعصبة الوطنية لكرة القدم الاحترافية، لأنه لم يكن يعرفه عندما طلب مغادرة كل من اعتقد أنه غريب عن الملعب، ولم يشفع لقرقوري سوى ثلاثي التحكيم الذي تضامن معه، وأصر على بقائه داخل الملعب.
والغريب أن محاولات عديدة تم القيام بها من أجل تمكين الحكام من بطاقة هوية. لقد كانت البداية في عهد جمال الكعواشي قبل عشر سنوات، وتجدد الأمر مع عبد الرحيم المتمني، حيث تم الاشتغال عليها، وحصل على الضوء الأخضر لتفعيل المشروع، بل إنه بلغ المراحل النهائية للتنفيذ، بعدما حصلت العصبة الاحترافية على تقدير التكاليف (devis)، إلا أنه توقف لأسباب غير مفهومة.
ويبقى أكبر العراقيل التي تعترض طريق التحكيم المغربي هو الاستقلالية، وتبعيته شبه المطلقة إلى الهيئات الساهرة على شؤون كرة القدم على الصعيد الوطني، سواء في شقها الاحترافي أو الهاوي، وهذا ما جعل هذا الجهاز الحساس لا يحظى بالاستقرار، وتكثر في داخله المشاكل بفعل تداخل المصالح، وتضاربها أحيانا.
لقد خلفت الأحداث التي شهدها قطاع التحكيم المغربي مؤخرا رجة كبيرة، وتحركت المياه الآسنة، ودُق ناقوس الإنذار قصد التدخل لتصحيح هذا الوضع وتقويمه، ومنح جهاز التحكيم المغربي، تلك المكانة التي يستحقها، كيف لا وهو الذي بلغ العالمية مع الراحل سعيد بلقولة، الذي نجح في أداء نهائي كأس العالم 1998 باقتدار كبير وكفاءة عالية.


الكاتب : إبراهيم العماري

  

بتاريخ : 04/04/2024