في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، كان غالبية العبيد من أصل إثيوبي. لم يقتصر وصف العبيد على السود فقط، بل شمل أيضا العبيد «البيض» المستوردين من الإمبراطوريتين البيزنطية والفارسية، وكذلك العبيد العرب الذين كانوا على الأرجح أسرى حرب وغالبا ما كان يتم إطلاق سراحهم مقابل فدية، وهي ممارسة مربحة بين البدو، يرى المؤرخ
«أبو الفرج الأصبهاني» (ت 967)، الذي قام بتأليف عمل متعدد الأجزاء عن الشعر والأغاني العربية، أنه: «في عصر ما قبل الإسلام، استعبد العرب أطفالهم المولودين من العبيد الإناث الذين خدموا الرغبات الجنسية لأسيادهم.
…جمع “ابن تومرت»الأفكار من المدارس الشرعية السنية، وكذلك الطرق الصوفية في عقيدة كتبت بين عامي 1121
و1124، ركز فيها على الإيمان والعبادة والسلوك الاجتماعي والعلاقات الإنسانية. جمع ابن تومرت بين الوعظ السني والرؤية المسيحانية، وفي وقت لاحق، تبنى التشدد لتعبئة المسلمين للثورة ضد تراخي حكام المرابطين. لقد بشر بصرامة لإصلاح مجتمعه وتوجيه شعبه إلى ما اعتبره “الطريق الإسلامي المستقيم»، إذ تألفت عقيدته من مبدأ إسلامي حاسم: «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، كانت هذه رسالة سياسية موجهة إلى عموم الشعب وكذلك إلى الطبقة الحاكمة».
اختار “ابن تومرت»، “تينمل» (في جبال الأطلس) كمقر له لحملته ضد المرابطين. نظم أتباعه في صفوف (شبه عسكرية) تتكون أساسا من مجلسين، أحدهما من ال10والآخر من ال50. وكان مجلس ال10يمثل أقرب أصحابه بمن فيهم “عبد المؤمن»و»أبو حفص عمر»، في حين شكل قادة وممثلون من مختلف القبائل والبلدات مجلس ال50. تم تنظيم أول هجوم موحدي ضد المرابطين في عام 1129في مراكش، لكنه انتهى بالهزيمة. بعد ذلك بوقت قصير، في عام 1130توفي ابن تومرت، لكنه ترك وراءه حركة قوية، حيث اختار الموحدون “عبد المؤمن» (الجزائري الأصل) خلفا أو خليفة ل»ابن تومرت»، وأصبح يعرف بلقب “أمير المؤمنين».
ذكر مؤرخون مثل “ابن عذاري»أن “إحدى المعارك الحاسمة التي شنها الموحدون بقيادة عبد المؤمن ضد المرابطين كانت في “أغمات» (بلدة بربرية في جنوب المغرب، شرق مراكش) عام 1130، حيث قتلوا 3آلاف شخص معظمهم من السود. أفاد المؤرخ المغربي» (عاش حوالي منتصف القرن ال13)، أنه “في هذه المعركة، قتل 3آلاف من سود من جناوة». وفقا ل»الزهري» (الذي عاش في 1140)، فإن “عين جناوة هي أرض السود وعاصمتها غانا». وضع إقليم “جناوة»، الذي يمثل المحطة الجنوبية للقوافل المغربية، في نهاية أرض “الصنهاجة» (الشعب البربري).
لا تقدم هذه المراجع التاريخية مزيدا من التفاصيل، ولكن من المفترض أن هؤلاء السود الذين قتلوا في المعركة كانوا جنودا في خدمة المرابطين، في الوقت نفسه، كان السود في جيش الموحدين بأعداد كبيرة. ذكر “أبو بكر البيضاق»مؤرخ القرن ال18 (صاحب المؤلف عن بدايات سلالة الموحدين)، أن “ابن تومرت ربما كان أول من أطلق رسميا على العبيد السود الذين تم أسرهم خلال الغارة على “تازاغورت» (أو “زاكورة») لقب “عبيد المخزن»، أي خدم الحكومة». شارك عبيد المخزن، في الهجوم على مراكش بقيادة الحاكم “عبد المؤمن»الذي وضع حدا لحكم المرابطين عام 1147، كما وسع سلطته على المغرب العربي بأكمله عام 1149. بعد وفاته عام 1163، وفي عام 1172، تحت حكم ابنه “يوسف أبو يعقوب»أصبحت إسبانيا المسلمة تحت سيطرة الموحدين، حيث خلال حكمه وصلت إمبراطورية الموحدين إلى ذروتها. من المهم أن نذكر، أن يعقوب كان ابن محظية (أم الولد) قدمت كهدية لأبيه، في ممارسة كانت شائعة في المغرب.
كانت إمبراطورية الموحدين، أوسع إمبراطورية أنتجها المغرب في القرن ال12، إذ تمتعت بازدهار كبير تجلى في إنجازاتها الاقتصادية والمعمارية والفكرية والفنية. تشهد المعالم الأثرية مثل مسجد “الكتبية»في “مراكش»، بالقرب من الساحة الرائعة المسماة “جامع الفنا»، والتي لا يزال من الممكن زيارتها حتى اليوم، على هذه الإنجازات التي حققها الموحدون. استمرت إمبراطورية الموحدين لمدة قرن تقريبا، حتى غزاها المرينيون (مجموعة بربرية عرقية أخرى من زناتة)، في عام 1269، وهم أيضا استخدموا السود في جيشهم.
خلال حكم السلالة المرينية، حدث تحول تدريجي في ديناميكيات الشتات التجاري المغربي حيث كانت الجغرافيا السياسية لحدود الإسلام تتغير في “الأندلس»نيابة عن المسيحيين وفي “السودان»نيابة عن المسلمين الذي أثر أيضاعلى مصادر العبودية. سوف يتناقص العبيد القادمون من أوروبا تدريجيا، وسيزداد العبيد القادمون من إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، حيث حدث هذا خاصة بعد هزيمة المسلمين بشدة في معركة “ريو سالادو»من قبل التحالف “البرتغالي – القشتالي»في عام 1340. أدرك المرينيون، مثل أسلافهم، أنه لضمان قوتهم كان عليهم السيطرة على التجارة الصحراوية أو غزو الجنوب من أجل السيطرة على التجارة عبر الصحراء الكبرى، مما يمثل دخلا حيويا للدولة. خلفت “مالي»جارتها الإفريقية»غانا»كمحطة جنوبية لطرق تجارة القوافل عبر الصحراء الكبرى.
على عكس “غانا»، كانت “مالي» المستفيدة الكبرى، إذ كانت تقع في “حزام السافانا»بالقرب من المناطق المنتجة للذهب في “بوري»و»بامبوك”. في حين أنه لا يمكن اعتبار “غانا»مجتمعا إسلاميا عن حق، كان الإسلام عاملا مهما ساهم في صعود إمبراطورية “مالي”. تحت حكم “سوندياتا كيتا» (1235-1255)، برزت مالي كمملكة قوية تتألف من العديد من مشيخات شعب “مالينكي”. حصل “سوندياتا كيتا»، الذي كان من عشيرة “كيتا»على لقب “مانسا». ادعى “كيتا»أنه ينحدر من “بلالي بوناما»، الصحابي»بلال بن حمامة»أو “بلال بن رباح» (توفي في دمشق حوالي عام 641)، الذي كان أسود ومن صحابة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)وأول مؤذن في تاريخ الإسلام، وهو شخصية تاريخية مشهورة في الإسلام. ذكر الجاحظ (776-869)، وهو مفكر مسلم لامع، أن الخليفة الثاني “عمر»(رضي لله عنه)(المتوفى 644)، قال ذات مرة “إن بلال كان ثلث الإسلام”…