نصف المصابات بسرطان عنق الرحم يفارقن الحياة بسبب تشخيص المرض في مراحل متأخرة
أكد الدكتور محمد بنعزوز، المسؤول عن البرنامج الوطني للتمنيع في وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، خلال ندوة افتراضية جرى تنظيمها يوم السبت الأخير ضمن فعاليات الأسبوع العالمي للتلقيح، على أن سرطان عنق الرحم يمثل نسبة 8.1 في المئة من مجموع السرطانات التي تصيب النساء، وهو بذلك يحتل المركز الثالث ضمن قائمة السرطانات الأكثر فتكا بالنساء بعد سرطاني الثدي وعنق الغدة الدرقية.
وأبرز المتحدث خلال العرض الذي قدمه على أن نصف النساء المصابات بسرطان عنق الرحم يفارقن وبكل أسف الحياة بسبب تشخيص إصابتهن في مراحل متقدمة، مؤكدا على أنه يتم تسجيل 9.2 حالة لكل 100 ألف نسمة، مضيفا بأن هذا المرض يحدق بأكثر من 15 مليون مغربية اللواتي يبلغ سنهن 15 سنة فما فوق، ويتسبب في وفاة 50 في المئة من مجموع الإصابات المسجلة. وأوضح الدكتور بنعزوز بأن اللجنة الوطنية التقنية والعلمية الاستشارية للتلقيح قد اعتمدت في اجتماعها في 12 أكتوبر 2023 إعطاء جرعة واحدة للطفلات الموجّه إليهن هذا اللقاح عوض جرعتين في المراكز الصحية الأولية، مشددا على أن هذا التلقيح يعتبر خطوة وقائية جد مهمة، مضيفا في نفس الوقت بأن الدراسات العلمية تشير إلى أنه يوفر الحماية والمناعة لمدة تتجاوز 15 سنة، وفقا للأبحاث التي تم القيام بها في هذا الصدد، وبأنه يجب مواصلة التحسيس مع كافة الشركاء والمتدخلين بأهمية الموضوع.
من جهته، أكد الدكتور مولاي سعيد عفيف في كلمته التقديمية خلال هذه الندوة، على ضرورة تعبئة كل الجهود والإمكانيات وتوظيف كل القدرات المتوفرة من أجل مواجهة مرض سرطان عنق الرحم الذي يحتل المركز الثالث ضمن قائمة السرطانات الأكثر إصابة للنساء بعد سرطاني الثدي والغدة الدرقية. وشدد رئيس جمعية أنفوفاك المغرب على أن هذا المرض الفتاك له كلفة جد ثقيلة صحيا واقتصاديا واجتماعيا وهو ما يفرض تعزيز سبل الوقاية منه، مشيدا في هذا الإطار بإدراج اللقاح المضاد للمرض ضمن البرنامج الوطني للتلقيح.
وشدد الدكتور عفيف على أن اللقاح المتوفر اليوم مجانا في إطار البرنامج الوطني للتلقيح تؤكد الدراسات والأبحاث العلمية على كونه لقاحا آمنا وفعالا بشكل كبير، وهو موجه للطفلات اللواتي تبلغ أعمارهن 11 سنة، اللواتي تكفيهن جرعة واحدة للحصول على المناعة الضرورية. وأبرز المتحدث أن عملية التلقيح قد تنطلق بأعداد معدودة لكنها يمكن أن تتطور مع مرور الأيام بالتواصل الهادف والواضح وباعتماد حملات تحسيس وتوعية تجيب عن كل الأسئلة وتوضح كل غموض قد يتعلق باللقاح أو بالمرض نفسه، مشيرا إلى أن حملة التلقيح ضد سرطان عنق الرحم قد انطلقت في فرنسا نموذجا ببعض التباين، لكنها اليوم بلغت نسبة 70 في المائة من الأشخاص المعنيين بالتلقيح.
وفي سياق ذي صلة، اعتبر البروفيسور الحسين الماعوني، رئيس الجمعية الملكية المغربية لطب النساء والتوليد أن سنة 2025 يجب أن تعرف انخراطا لكل المكونات الصحية من أجل أن تكون سنة لتلقيح الفتيات ضد فيروس الورم الحليمي البشري لحمايتهن من هذا المرض الخطير، مشددا على أهمية فتح قنوات التواصل مع الآباء والأمهات من طرف جميع الأطباء وفي مختلف التخصصات، سواء تعلق الأمر بأطباء الطب العام أو أطباء طب الأطفال أو المختصين في الأمراض التعفنية أو غيرهم، وليس فقط أطباء النساء والتوليد، وتعريفهم بالمرض وبخطورته وتبعاته الثقيلة وتقديم النصيحة لهم بتلقيح فتياتهم، خاصة بعد إدراج اللقاح المضاد للمرض ضمن قائمة لقاحات البرنامج الوطني للتلقيح بشكل مجاني.
من جهته، أوضح الدكتور حسن أفيلال، رئيس الجمعية المغربية لطب الأطفال، أن نشر ثقافة صحية يتطلب عملا قاعديا واسع المدى بشكل عقلاني وممنهج لتعزيز الوعي الصحي واكتساب مهارات التعامل مع الأمراض، على مستوى الوقاية والعلاج، مشددا على أن جهودا كثيرة بذلت لتسليط الضوء على سرطان عنق الرحم، ولتوفير اللقاح المضاد له وإدراجه ضمن البرنامج الوطني للتلقيح مجانا، مؤكدا على أن هذه الخطوة لن تكون ذات أهمية إذا لم يتم بلوغ الأهداف المسطرة التي تتمثل في تلقيح أكبر عدد من الفتيات اليوم لحمايتهن غدا من خطورة المرض وتبعاته.
يذكر على أن اللقاء عرف تقديم عروض ومداخلات لخبراء ومختصين في الصحة من فرنسا والمغرب، كما هو الحال بالنسبة للبروفيسور روبرت كوهن، والبروفيسور فرانسوا لوساج، والدكتور أحمد لحلو، إضافة إلى البروفيسور محمد بوسكراوي، عميد كلية الطب والصيدلة ورئيس الجمعية المغربية للأمراض التعفنية لدى الأطفال والتطعيم، الذي ساهم بدوره في الإحاطة بهذا الموضوع من مختلف زواياه العلمية، مستعرضا عددا من الدراسات والإحصائيات المرتبطة بالمرض وبالتلقيح ضده، التي أجرتها الأوساط العلمية في عدد من الدول، بالشكل الذي يسهم في توفير صورة واضحة، خاصة بالنسبة لمهنيي الصحة، بشأن كيفية التعامل مع مختلف الحالات التي قد يتم الوقوف عليها، والإشكالات التي قد ترتبط بخطوة التلقيح، وكذا ما يتعلق بالسن والجنس، وبسبل الرفع من مستويات الوعي والتحسيس بهذا الموضوع.