استهل اليوم الثاني لمهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة، أي صبيحة يوم الأحد 12 ماي 2024 بندوة محورية تحت عنوان “الجماليات في السينما الإفريقية”، شارك فيها عدد من المتخلين ذوي الاختصاصات في السينما والنقد والفلسفة، وأدارها الناقد الدكتور بوشتى فرقزايد، إذ اعتبر أن الأمر يتعلق بالكتابة والأسلوب السينمائي، كما تساءل عن كيفية استطاعة السينمائي الإفريقي الكتابة عن الجماليات وكيفية توظيف كتابة السيناريو والإنارة والإخراج، أي البعد الشكلي في السينما الإفريقية، مستشهدا بتجربتي المخرجين (سليمان سيسي وداوود ولاد السيد) على سبيل المثال لا الحصر.
بعدها مرر الكلمة للمتدخل الأول الأستاذ الجامعي (محمد محيفيض)، إذ أشار بدوره إلى أن المقصود بالجمالية في السينما، هي العناصر المكونة للفيلم، حيث أكد على أهمية الصورة كشل فني في حركاتها وإيقاعاتها وأهمية المونتاج، مشيرا كذلك إلى أن هناك من يركز على اللقطات وزوايا التصوير، ثم الإضاءة والألوان والحوار وأداء الممثلين، وعلى أن أهم الدراسات في هذا الشأن ركزت على هذه المكونات السالفة الذكر. كما جعل من مداخلته أسئلة مفتوحة على الحاضرين، ومن بينها إلى أي حد يمكن الحديث عن الجمالية في السينما الإرفريقية؟ وهل يمكن الحديث عن الجمالية الموحدة سواء في السينما الوطنية أو الإفريقية؟.
بعد هذه الأسئلة، تطرق إلى الجماليات انطلاقا من منظور فلسفي اعتمادا على نظريات توسلها من عند الفيلسوف (إيمانويل كانط)، موضحا بأن الجميل يجب أن يتجلى فيما يظهر فيه، ويرى بأنه لتحديد الجميل يجب أن تصدر حكما، وأن هذا النوع من الأحكام غالبا ما تكون معرفية لكنها لا تستند إلى المفاهيم العقلية.
كما أكد على أن الإبداع في السينما ينبع من الحساسية، وأن الجمال لا وجود له بل الأفراد في نظره هم من يخلقون الجميل.
بعده تناول الكلمة الأستاذ الباحث (بادو نضاي)، منوها بالمهرجان، ومعربا عن سعادته لحضور هذه المناسبة لأول مرة، حيث اتخد نموذجا لمخرج إفريقي واعتمد عليه في خطابه لتحليل وتبرير المكونات والعناصر الجمالية الخاصة في السينما الإفريقية، من خلال موضوع حدده في البعد الجمالي المرتبط بالسياسي كما تحدث عن الواقعية الاشتراكية في السينما الإفريقية.
أما المتدخل الثالث، المخرج (فؤاد السيد) من مصر، فقد تناول محور هذه الندوة من مدخل حول السينما الإفريقية وسينمائيات إفريقية بصيغة التعدد، حيث أشار إلى أن المحتوى في السينما هو الذي يحدد الجماليات، كما أثار نوعا من الجماليات الذي يصب في تساؤلات حول السينما التي تتخذ من موضوع الإرهاب والتطرف الديني موضوعا لها، كما هو الحال عليه عند المخرج (ساساكو) الذي يختلف في تناوله لنفس الموضوع عند المخرج المصري (يوسف شاهين) وآخرون.
إن جمالية الفيلم حسب ما جاء في كلامه، مرتبطة بالمتلقي وبالخصوصية، بعيدا عن فكرة العالمية، مستشهدا بفيلم ليوسف شاهين تحت عنوان (الأرض)، مضيفا عناصر جمالية أخرى في الفيلم الإفريقي كالغناء واللباس الذي يزخر به التراث الإفريقي، محاولا أن يركز على ماهية الفيلم في علاقته بالجمال.
أما المتدخلة الأخيرة الأستاذة (عزة الحسيني) من مصر، فقد تساءلت حول وجود السينما الإفريقية وعن تراكم لهذه السينما حصل على مر السنين، معتبرة بأن السينما الإفريقية مصطلح غير دقيق ويجب إعادة النظر فيه.
كما اعتبرت أن مصر وجنوب إفريقيا حالتان خاصتان في القارة الإفريقية على مستوى الصناعة السينمائية، وأشارت كذلك إلى الإرادة السياسية بالنسبة للسينما بتونس وبوركينا فاصو، في أوج السينما الذهبية التي كانت تطرح أسئلة جوهرية عن الهوية والأصالة والتخلص من الاستلاب الاستعماري، والبحث عن الخصوصية وهوية الفيلم وصانع الفيلم كذلك، معتبرة بان طريقة الحكي والموسيقى وإيقاعاتها الإفريقية زخم جمالي من مكونات الفيلم الإفريقي.