موجة توقيفات في تونس تشمل معلقين سياسيين اثنين ومقدم برامج

أصدرت السلطات القضائية التونسية أول أمس الأحد مذكرة توقيف بحق مقدم البرامج برهان بسيس والمعلق السياسي مراد الزغيدي، إثر تعليقات انتقدا فيها الوضع العام في البلاد، وذلك غداة توقيف طال المعلقة التلفزيونية سنية الدهماني على خلفية مسائل مماثلة.
وبعد يوم من توقيف الأمن التونسي الدهماني من مقر «دار المحامي»، علما أنها أيضا محامية، أعلن عميد المحامين حاتم مزيو عن إضراب عام وطني ليوم واحد في كامل محاكم البلاد الاثنين.
وأظهرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي ملثمين يدخلون مقر «دار المحامي» ويدفعون الموجودين من محامين وإعلاميين تم منعهم من تغطية عملية التوقيف.
في موازاة ذلك، تظاهر الأحد مئات من أنصار «جبهة الخلاص الوطني» التكتل السياسي المعارض في العاصمة تونس وطالبوا بإطلاق سراح الموقوفين.
وردد المتظاهرون شعارات من قبيل «حريات حريات دولة البوليس انتهت «ارحل ارحل سعيد»، وفقا لمراسل فرانس برس.
واعتبر رئيس الجبهة أحمد نجيب الشابي في تصريح لفرانس برس أنه «نظام ضد الحريات»، مضيفا «كل الحريات ضربت بقوانين غير دستورية…هو نظام يوظف كل وسائل الدولة لقمع الحقوق».
وقال المتحدث الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بتونس محمد زيتونة لفرانس برس «تم بإذن من النيابة العمومية للإدارة الفرعية للقضايا الإجرامية الاحتفاظ لمدة 48 ساعة بكل من مراد الزغيدي وبرهان بسيس من أجل جريمة استعمال أنظمة معلومات لنشر وإشاعة أخبار تتضمن معطيات شخصية ونسبة أمور غير حقيقية بهدف التشهير بالغير وتشويه سمعته».
وتابع «الأبحاث لا زالت جارية في الموضوع واحتراما لسلامتها وسريتها هذا ما يمكن الإفادة به لحين استيفاء الإجراءات».
وفي وقت سابق أفاد المحامي غازي مرابط وكالة فرانس برس أن السلطات أصدرت بحق الزغيدي وبسيس «بطاقة احتفاظ (توقيف) لمدة 48 ساعة على أن يمثلا الاثنين أمام قاضي التحقيق مجددا».
وأوضح مرابط أنه تم التحقيق مع الزغيدي «في خصوص تدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي يساند فيها صحافيا موقوفا، وكذلك عن جملة تصريحاته خلال برامج تلفزيونية منذ شهر فبراير الفائت».
وأكد نزار عياد محامي بسيس أن توقيف الأخير يأتي على خلفية «الإساءة إلى رئيس الجمهورية عبر البرامج الإذاعية والتدوينات».
والزغيدي محلل ومعلق تلفزيوني على المواضيع السياسية والاجتماعية، ويعمل مع برهان بسيس الذي يقدم برامج إذاعية وتلفزيونية في محطات خاصة تتطرق للشأن العام في البلاد.
وأتى توقيفهما بعدما أوقفت السلطات بالقوة ليل السبت المعلقة سنية الدهماني التي تعمل معهما في البرامج نفسها في راديو «إي اف ام» الخاص وفي التلفزيون الخاص «قرطاج +».
وفتح القضاء التونسي تحقيقا بحق الدهماني إثر إدلائها بتصريحات ساخرة حول الوضع في البلاد على صلة بظاهرة الهجرة غير القانونية للأفارقة.
وأوضح مرابط أن قرار الاحتفاظ ببسيس والزغيدي يستند إلى «المرسوم 54».
وأصدر الرئيس التونسي قيس سعيد في 13 سبتمبر 2022 مرسوما عرف بـ»المرسوم 54»، ينص على «عقاب بالسجن لمدة خمسة أعوام» وغرامة تصل إلى خمسين ألف دينار «لكل من يتعمد استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتصال لإنتاج، أو ترويج، أو نشر، أو إرسال، أو إعداد أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو وثائق مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذبا للغير بهدف الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني».
وخلال عام ونصف عام، حوكم أكثر من 60 شخصا، بينهم صحافيون ومحامون ومعارضون للرئيس، بموجب هذا المرسوم، وفق النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين.
ودانت «الهيئة الوطنية للمحامين» ما اعتبرته «اقتحاما لمقر الهيئة واعتداء سافرا» خلال توقيف الدهماني، مطالبة بإطلاق سراحها فورا.
واستنكر رئيس فرع الهيئة العروسي زقير في مؤتمر صحافي «الاعتداء المادي واللفظي على المحامين والصحافيين»
كما دانت قناة «فرانس 24» بشدة «تدخل رجال الشرطة الملثمين» بينما كانت تغطي توقيف الدهماني مباشرة، معتبرة أنه «تضييق على حرية الصحافة».
والثلاثاء الماضي، قرر القضاء التونسي تمديد توقيف سعدية مصباح، رئيسة منظمة «منامتي» غير الحكومية التي تناهض العنصرية وتدافع عن حقوق المهاجرين، على ما أفادت المنظمة والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.
وقال رئيس الرابطة بسام الطريفي لوكالة فرانس برس إنه صدر قرار بـ»الاحتفاظ بسعدية مصباح خمسة أيام على ذمة البحث».
ونقلت وسائل إعلام محلية أن الشرطة أوقفت مصباح ليل الاثنين الثلاثاء وتحقق معها «في جرائم مالية».
ويحتكر الرئيس سعيد السلطات في البلاد منذ صيف العام 2021 وغير الدستور. ومن المرتقب أن تنظم الانتخابات الرئاسية نهاية العام الحالي.
وتوجه منظمات حقوقية تونسية ودولية انتقادات شديدة لنظام سعيد مؤكدة أنه «يقمع الحريات في البلاد». لكن الرئيس التونسي يكرر أن «الحريات مضمونة» في تونس.


بتاريخ : 14/05/2024