محمد برادة: أنا أيضا من «كتاب يوم الأحد»

بين المتعة في الحياة وبين تقديم معنى لهذه الحياة، ينسل الأدب ليكون ضوءا ممكنا قد يضيء بعض الزوايا المعتمة«.
هكذا لخص الكاتب والناقد محمد برادة رحلة الكاتب مع الكتابة، حيث اعتبرها حاجة ذاتية ومن ثم ضرورة مواجهة الأسئلة على صعوبتها، كما أنها في نفس الآن تضيء وتلفت نظر القراء إلى أسئلة أخرى تظل كامنة.
وأضاف برادة في لقاء لتقديم مجموعته القصصية الأخيرة »”هل أنا ابنك يا أبي؟” بمعرض الكتاب يوم الاربعاء 14 ماي«و الصادرة عن منشورات الفنك، أن الكتابة تمتح من اللاوعي أيضا الثقافي والاجتماعي المعقد الذي يمتزج بالمتخيل الاجتماعي، معتبرا أن مجموعته هاته محاولة للتوازن وللاقتراب من أسئلة معقدة وأهمها علاقة الفرد بالمجتمع، لأن المجتمع لايكتسب دلالته وقوته إلا من خلال أفراد يسجلون مواقفهم بحرية، إذ في كتاباتهم تتم مساءلة الحاضر من خلال الماضي والمستقبل، لا من خلال إحياء الماضي أو التنبؤ بالمستقبل ولكن بالقبض على تعقيداته وأسئلته المحيرة التي تلاحقنا.
ولفت برادة إلى كتابة مجموعته الأخيرة تم على مراحل متباعدة، لأن تجربته في الحياة لم تكن تسمح بامتهان الكتابة، بجانب اهتماماته السياسية والاجتماعية وامتهان التدريس، مشيرا في نفس الآن إلى أنه لا يوجد، إلى اليوم، كاتب مغربي يستطيع احتراف الكتابة فقط، فالأدب لا يوفر للكتاب قراء يسمحون للكاتب بالتفزغ للكتابة.
المجموعة تركز على علاقات الأفراد المبهمة والمعقدة والتي تحتاج إلى فلسفة كل يوم للاستمرار في الكتابة. ومن ضمن هذه العلاقات، توقف برادة عند العلاقة مع الأب موضحا أن اختيار عنوان المجموعة رغم دافعه الذاتي، فإنه يتجاوز الذات إلى تلك العلاقة المقدسة مع الأب داخل المجتمعات عموما وبالمغرب خصوصا. بما »تحمله صورته من قداسة تحميه من الانتقاد«، معتبرا أن المجموعة وهي تقيم حوارا مع الأب، تقيم حوارا مع قيم موروثه “تكتسب صفة القداسة ونجعلها فاعلة في لا وعينا وفي ممارساتنا الاجتماعية »رغم ما تخلفه من جروح ومآس أحيانا«.
من جانبه، اعتبر الناقد والمترجم إبراهيم الخطيب في تقديمه للمجموعة، أنها تتميز »بتفاوت أمداء مساحتها السردية (قصص قصيرة/متوسطة/طويلة) إلا أن القصتين الأوليين تشكلان مدخلا وتتضمنان تلميحات تلقي أضواء ضمنية على باقي القصص، متوقفا عند القصة الأخيرة، في المجموعة وهي .. »هل أنا ابنك يا أبي؟« والتي تمثل ذروة صعود الكتابة وهو ما يذكرنا بقصة »”الديدان لا تنحني” لمحمد زفزاف و”مدينة التراب”« لإدريس الخوري و»”الفيل« “لأمين الخمليشي.
وأضاف الخطيب أن المجموعة تستحضر سؤال الزمن والموت، الهوية، اليقين واللايقين، الحرية وكل ذلك على خلفية ماضي السارد في (النضال، الحياة المنفتحة…)، وهي في قصصها تحمل هاجسا متعددا غير أحادي من خلال التوغل في أسئلة المجتمع والسياسة والتأمل في هشاشة الوجود وانكساره أمام فعل الزمن المتسارع.


الكاتب : ح. الفارسي

  

بتاريخ : 16/05/2024