هل بدأت عزلة إسرائيل؟

 

لماذا يطالب إسرائيليون بإلقاء نتنياهو في مزبلة التاريخ؟

 

لا تزال حكومة الاحتلال تبحث عن خطط لليوم التالي من الحرب على غزة، في ظل تبدد الأهداف التي أعلنها بنيامين نتنياهو، لعل أبرزها القضاء على حركة حماس.
وتحدث نتنياهو، في لقاء متلفز فجر الاثنين عن رؤيته لليوم التالي للحرب وشكل الحكم في القطاع، كاشفا عن نقاش يجري بهدف إبعاد قادة حركة حماس خارج غزة، لكن ذلك يتعلق أساسا باستسلام الحركة، وهو أمر يستحيل، في ظل مواصلة «حماس» وجناحها العسكري، التحكم والسيطرة على قطاع غزة.
وقال نتنياهو في تصريحات له، إنه يأمل في أن تكون إدارة قطاع غزة من قبل السكان المحليين، الذين لا يرتبطون بحركة حماس، إلى جانب مسؤولين في دول المنطقة، لكنه ربط ذلك بالقضاء على «حماس» قائلا: «أولا وقبل كل شيء، علينا القضاء على «حماس»، من المستحيل أن نسمح لسكان غزة المحليين بإدارة المنطقة بينما لا تزال «حماس» هناك».
وأضاف أن «الحرب يمكن أن تنتهي غدا إذا استسلمت ’حماس’ وألقت سلاحها وأعادت المختطفين، فكرة النفي موجودة ونحن نناقش ذلك، لكنها تعتمد أولا وقبل كل شيء على استسلام حركة حماس».
ولفت نتنياهو إلى أن جيش الاحتلال يواجه تحديات «لم يواجهها أي جيش حديث من قبل»، مجددا تأكيده على ضرورة «تدمير حركة حماس، وإعادة المختطفين».
وفي ما يتعلق بالهجوم على رفح قال: «’حماس’ لديها جيش إرهابي، لقد دمرنا معظم كتائبه (..) هناك نحو 500 نفق في القطاع»، وفق زعمه.
مسؤولون إسرائيليون سابقون: «تحولنا إلى دولة منبوذة مصابة بالجذام»
قال مسؤولون إسرائيليون سابقون، إن دولة الاحتلال تحولت من دولة ناشئة، إلى دولة منبوذة «مصابة بالجذام».
وأشار المسؤولون الذين عملوا في وزارة المالية في دولة الاحتلال في مؤتمر «طارئ» إلى أن «الحكومة الإسرائيلية جوفاء، ورئيس الوزراء يقود الدولة إلى صراع مصالح، ووزير المالية متعجرف»، وكل هذا من شأنه تدمير قيم دولة إسرائيل، على حد تعبيرهم.
وتابعوا بأنهم يشعرون بالقلق بسبب الوضع في وزارة المالية التي يقودها الوزير المتطرف، بتسلئيل سموتريتش.
وقال المدير السابق في الوزارة، ياروم أرياف: «نشهد تدمير المشروع الصهيوني، وأصوات الحكومة الحالية جوفاء».
وتابع: «إذا نظرنا إلى الوراء لمدة عام ونصف، فسنجد تدميرًا لقيمة دولة إسرائيل. لقد تحولنا من دولة ناشئة ونموذجية، إلى دولة مجذومة وفاحشة وخطيرة».
وهاجم المجتمعون طول فترة الحرب الحالية على غزة، وقالوا إن دولة الاحتلال يجب أن تخرج منها لأنها طويلة ولها آثار اقتصادية وخيمة لا سيما صناعة التكنولوجيا.
وقال أرياف: «نحن بحاجة إلى وقف فيضان ميزانيات الجيش ومنع هجرة الأدمغة ومنع التفكك الكامل للنظام العام وجميع الأنظمة».
وقال مدير سابق آخر، رام بيلينكوف، إن ما حدث في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر لم يكن مفاجئا، والمجتمع الإسرائيلي يتدهور منذ فترة طويلة».
وهاجم بيلينكوف التعيينات الأخيرة في الجيش قائلا: «إذا زادوا ميزانية الجيش فسيضيفون عقداء والمزيد من الضباط والمناصب».
وقال ديفيد برودت – وهو أيضاً مدير عام وزارة المالية والمسؤول عن الميزانيات في الماضي: «تماماً كما أنه لا توجد خطة لليوم التالي على الجانب العسكري، فلا توجد خطة على الجانب الاقتصادي. لم يتم حل مشكلة نقص البنية التحتية، ولا الإنتاجية المنخفضة، ولا أزمة التكنولوجيا المتقدمة التي تتخللها، ولا أزمة السكن».

هجوم إسرائيلي
على نتنياهو

ما زال الشعار الذي رفعه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بتحقيق «النصر المطلق» على حماس يثير كثيرا من السخرية في أوساط الإسرائيليين، لأنه بعد سبعة أشهر من الهجوم الكبير الذي نفذته الحركة على مستوطنات غلاف غزة، فما زال الاحتلال يخسر، فيما المقاومون يرسّخون وجودهم في القطاع مرة بعد مرة، وكل ما يتحدث عنه الاحتلال من «إنجازات» تتلاشى، لأن قادته السياسيين والعسكريين غير قادرين على اتخاذ القرار، وكل ما يقومون به لا علاقة له بتحقيق أهداف الحرب المزعومة.
بن كاسبيت المحلل السياسي الأبرز لم يتردد في القول إنه «في دولة صحية، كان نتنياهو سيُسحب من شعره المستعار منذ فترة طويلة، ويُركل إلى مزبلة التاريخ، بعد أن يدخل غرفته مجموعة الوزراء من حزبه والائتلاف، ويشرحوا له الخيارات: إما أن يسير على ما يرام من تلقاء نفسه، أو أن يساق رغماً عنه، لأن الدولة أهم منه، وقد أصبح منذ زمن بعيد ثقلاً على عنقها، ولذلك يجب عليه إخلاء مكانه، وهذا ما فعله البريطانيون بنيفيل تشامبرلين في خضم الحرب العالمية، لأنه لم يكن هناك خيار، ولأنه كذب، وجرّ بريطانيا من فضيحة إلى أخرى، كما يقوم بذلك نتنياهو اليوم».
وأضاف في مقال نشره موقع واللا، وترجمته «عربي21» أن «نتنياهو الذي دأب في الآونة الأخيرة على التهديد باجتياح رفح، لم يفعلها منذ ثلاثة أشهر، واليوم فإن الشيء الوحيد الذي قد يدفعه للجنون، ودخول رفح بكامل قوته، هو صدور مذكرات الاعتقال من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، ما يعني أن الطريقة الوحيدة لجعله يفقد خوفه، وينفذ تهديداته هو مصيره الشخصي، الذي يستثمر فيه 70% من وقته، و80% من طاقته، لأنه لا يتخيل الحياة دون الرحلات الممتعة للخارج على حساب الدولة، وهو سيناضل من أجل حريته الشخصية حتى يسفك الدماء».
وأشار إلى أنه «بعد سبعة أشهر بقليل على هجوم أكتوبر، فإن الجيش الذي قدّر أن الأمر سيستغرق عامًا من القتال للسيطرة على جميع معاقل حماس في غزة، أهدر أسابيع عديدة دون أن يفعل شيئًا، بانتظار المستوى السياسي، أي نتنياهو، ولو تركوا الجيش يعمل بأقصى سرعته طوال الوقت، لانتهى الأمر بعد 4 أشهر، لكن كاريكاتير (النصر المطلق) الذي اخترعه نتنياهو هو ما يعيق الجيش عن التقدم ميدانياً، ويجعله يتخبّط، لأن نتنياهو غير قادر على اتخاذ قرار بشأن أي قضية، والنتيجة أن كل إنجازات الجيش تتآكل وتتبدد بفعل الجمود الحاصل، وما إن ينسحب الجيش من خانيونس حتى تعود حماس للظهور من جديد».
وكشف أن نتنياهو «الوقح» أمر بإجراء استطلاع للتعرف على ثقله السياسي بين الجمهور فيما يقوم الجيش بتجنيد مئات الآلاف من جنود الاحتياط، لكن كل من يعرفه لا يستغرب، فهو مدمن على صناديق الاقتراع، وليس لديه ذرة ضمير في جسده كله، وقد أفسد الدولة بأكملها.
وتكشف هذه القراءة الإسرائيلية النقدية لأداء نتنياهو في العدوان على غزة أن سبعة أشهر من الحرب تأتي نتيجتها هباءً، فقد عاد المقاومون للوجود، وبات الإسرائيليون أمام ساحر كاذب، وخدعة نموذجية ممن يصفونه بـ»الدجال» نتنياهو، صحيح أن جيش الاحتلال غزا غزة، واحتل المجمع الحكومي لحماس، لكن حديثه اليوم بات منصبّاً على رفح، رغم أنها أقل أهمية بكثير من خانيونس، وليس فيها مركز حكم، ولا مراكز سيطرة، ولا شيء فيها يجعلها رمزا أو صورة انتصار للزعيم الأكثر تراخيا في تاريخ الاحتلال.

عضوية فلسطين في الأمم المتحدة

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد تبنت قرارا مقدما من المجموعة العربية ودول أخرى، يؤكد أن دولة فلسطين «مؤهلة لعضوية الأمم المتحدة الكاملة، وفقا للمادة 4 من ميثاق الأمم المتحدة»، و»ينبغي من ثم قبولها عضوا» في المنظمة.
وصوت لصالح القرار 143 دولة، وعارضته 9، وامتنعت 25 دولة عن التصويت، وفق موقع المنظمة الأممية الإلكتروني.
ورحب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالقرار، وقال؛ إنه «ينسجم مع القانون الدولي، ويعبر عن الإجماع الدولي في عزل الاحتلال وجرائمه وانتهاكاته الخطيرة للشرعية الدولية»، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية (وفا).
وأضاف عباس، أنه على أساس هذا القرار، «ستواصل دولة فلسطين مسعاها للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة بقرار من مجلس الأمن، ودعوة الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين إلى أن تقوم بذلك»، دون أن يضيف تفاصيل بهذا الصدد.
من جهتها، رحبت حركة «حماس» بالقرار، وعدته «إقرارا بضرورة نيل شعبنا الفلسطيني حقوقه المشروعة، وتأكيد الالتفاف الدولي حول شعبنا، في مواجهة الإرادة الأمريكية الداعمة لحرب الإبادة التي تُشن ضده».
وطالبت «حماس»، عبر بيان، مجلس الأمن «إلى الاضطلاع بمسؤولياته، واتخاذ قرار بالاعتراف بدولة فلسطين كاملة العضوية في الأمم المتحدة».
كذلك، رحّبت حركة «فتح» بالتصويت «الكاسح» لصالح فلسطين في هذا القرار، وقالت، عبر بيان؛ إنه «يعزز مكانة فلسطين في المنظومة الأمميّة أسوة ببقيّة دول العالم».
من جهتها، وصفت مصر، عبر بيان لخارجيتها، القرار بـ»التاريخي»، وعدته «تجسيدا لواقع وحقيقة تاريخية على الأرض، واعترافا بحقوق شعب عانى لأكثر من 7 عقود من الاحتلال الأجنبي». ودعت «جميع الدول التي لم تتخذ بعد قرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية، أن تمضي قُدُما نحو اتخاذ هذه الخطوة المهمة والمفصلية لدعم القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني».
بدورها، رحبت السعودية عبر بيان لخارجيتها بالقرار ذاته. وقالت المملكة؛ إن هذا القرار «يعبّر بكل جلاء عن الإجماع الدولي مع الحق الأصيل للشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وإقامة دولته المستقلة في إطار حل الدولتين». وأضافت أنها إذ «تثمن الموقف الإيجابي للدول التي صوتت لصالح القرار، فإنها تدعو الدول الأعضاء في مجلس الأمن إلى التحلي بمسؤوليتهم التاريخية وعدم معارضة الإجماع الدولي، والوقوف أمام الحق الأخلاقي والقانوني للشعب الفلسطيني»، لنيل دولته العضوية الكاملة بالأمم المتحدة.
ورحبت وزارة الخارجية القطرية، في بيان لها، بالقرار ذاته الذي وصفته بـ»التاريخي»، واعتبرت أن تصويت 143 دولة لصالح القرار، «يمثل اعترافا دوليا بحق طبيعي وقانوني وتاريخي للشعب الفلسطيني الشقيق. وأعربت عن أملها في «تجاوب مجلس الأمن مع توصية الجمعية العامة، لتصبح فلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة؛ بما يعزز مكانتها في المنظومة الأممية، ويمكّن الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه المشروعة، ويمهد الطريق لحل عادل وشامل ومستدام للقضية الفلسطينية».
من جهتها، أعربت الكويت أيضا، عبر بيان لخارجيتها، عن ترحيبها بالقرار، وشددت على «موقفها الداعي إلى ضرورة تبني مجلس الأمن قرارا، من شأنه منح دولة فلسطين عضوية كاملة في الأمم المتحدة». كما طالبت المجتمع الدولي بـ»تحمل مسؤولياته القانونية والتاريخية من أجل تحقيق حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، وحماية الشعب الفلسطيني والحفاظ على مقدراته ومكتسباته وحقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».
في السياق نفسه، رحبت سلطنة عمان عبر بيان لخارجيتها، بالقرار، واعتبرت أن تبني الجمعية العامة لهذا القرار، يعني أن «الأغلبية العالمية تناشد مجلس الأمن بالاعتراف بدولة فلسطين، باعتباره السبيل العملي الذي سيمهد الطريق لحل الدولتين، وإحلال السلام العادل وفقا لقرارات الشرعية الدولية».
أما الخارجية الأردنية، فقد رحّبت بالقرار، واعتبرت أن «اعتماد القرار بأغلبية 143 صوتا، يعكس إجماعا دوليا حول حق دولة فلسطين في العضوية الكاملة بالأمم المتحدة، وحق الشعب الفلسطيني الشقيق في تقرير مصيره، وتجسيد دولته المستقلة وذات السيادة على خطوط الرابع من يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».
ودعا الأردن المجتمع الدولي إلى «بذل جهود متجددة ومنسقة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وصولا إلى تسوية عادلة ودائمة وسلمية للقضية الفلسطينية، وفقا للقانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة، والمرجعيات الدولية ذات الصلة، ومبادرة السلام العربية».
وأعرب العراق عن ترحيبه بالقرار وفق بيان لوزارة خارجيته. وقال؛ إن تأييد «143 عضوا للقرار مقابل اعتراض 9 أعضاء وامتناع 25 عن التصويت، يكشف الدعم الدولي الكبير للشعب الفلسطيني في نيل حقوقه المشروعة». ووصف القرار بأنه «تاريخي»، و»يعد خطوة أولى نحو استعادة كامل الحقوق الفلسطينية، ويسهم في تحقيق السلم في المنطقة».
وأوصى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي شاركت في رعايته أكثر من 80 دولة عضوا، مجلس الأمن الدولي بأن «يعيد النظر بشكل إيجابي في مسألة عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدة.
وقررت الجمعية العامة، وفق القرار، «على أساس استثنائي ودون أن يشكل ذلك سابقة، اعتماد عدة طرق تتعلق بمشاركة دولة فلسطين في دورات وأعمال الجمعية العامة، والمؤتمرات الدولية التي تعقد تحت رعايتها وسائر أجهزة الأمم المتحدة».
كما جدد القرار تأكيده «حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، بما في ذلك أن تكون له دولته المستقلة، وهي فلسطين».
وأعرب عن «الأسف والقلق العميقين» بشأن استخدام الولايات المتحدة سلطة النقض في مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة في 18 أبريل الماضي.
ورغم أن قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة «غير ملزمة قانونا»، على عكس قرارات مجلس الأمن الدولي، إلا أنها تعكس الرأي العالمي، ويمكن أن يؤثر ثقلها السياسي المهم الكبير على قرارات الدول الأعضاء. وكانت الولايات المتحدة استخدمت «الفيتو» في مجلس الأمن، الشهر الماضي، ضد مشروع قرار جزائري يوصي الجمعية العامة بقبول دولة فلسطين عضوا في الأمم المتحدة.
وتتمتع فلسطين بوضع «دولة غير عضو»، لها صفة المراقب بالأمم المتحدة، وحصلت على هذا الوضع بعد قرار اعتمدته الجمعية العامة بأغلبية كبيرة في 29 نوفمبر 2012.


الكاتب : وكالات

  

بتاريخ : 16/05/2024