انطلاقا من موسم ( 2024//2025) : هل ينهي عقد تأطير العلاقة المتوترة بين الأسر ومؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي؟

مند فترة جائحة كورونا التي عرفتها بلادنا، كباقي دول العالم، توترت العلاقة بين مؤسسي وأرباب المؤسسات التعليمية الخصوصية وشريحة مهمة من الأسر المغربية التي اختارت عن قناعة المدارس الخصوصية لتعليم أبنائها وبناتها، والتي وصلت العديد منها إلى ردهات المحاكم. ولم تخمد نيران هذا التوتر، إلا بعد تدخل الوزارة الوصية مركزيا وجهويا وإقليميا للقيام بالوساطة، عبر تنظيم لقاءات ترأسها مديرو الأكاديميات وتنظيمات جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ. ورغم ذلك فإن التوتر سرعان ما عاد للواجهة وسط الموسم الدراسي، وفي نهايته، وعند بداية كل موسم جديد. وغالبا ما يكون الأمر بسبب ما هو مالي، كالتوقف عن أداء واجبات التدريس لبعض الأسر لعوامل اجتماعية واقتصادية أو بسبب الزيادة التي تفرضها إدارة المؤسسات التعليمية الخصوصية في بداية الموسم الدراسي الجديد في الواجب الشهري وحتى في واجب التأمين.
وفي إطار الشفافية المطلوبة في خدمة التربية والتعليم التي يقدمها التعليم المدرسي الخصوصي، وتنفيذا للإصلاح التربوي وتسريع وتيرته وفقا لأهدافه المحددة في القانون الإطار (51.17) المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، واستنادا إلى التقرير العام الصادر عن اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي المقدم أمام أنظار جلالة الملك بتاريخ (21 ماي 2021)، وعلى توجيهات البرنامج الحكومي (2021//2026)، الذي يؤكد على أن تطويره يوجد في صلب التحديات التي تواجه بلادنا بهدف تحقيق تكافؤ فرص حقيقي. وبناء على توصيات رأي مجلس المنافسة عدد ( ر _ 1_ 21) الصادر بتاريخ (فاتح يوليوز 2021) بخصوص وضعية المنافسة في مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي بالمغرب، خاصة فيما يتعلق بتنظيم وتأطير العلاقة بين أمهات وآباء وأولياء التلاميذ والتلميذات، ومؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي، من خلال العمل بنظام تعاقدي مع الأسر، يستجيب لمقومات تعاقد شفاف وملزم للطرفين، فقد تم إعداد عقد يكون وثيقة مرجعية أساسية في تأطير وتنظيم العلاقة السالفة الذكر، تكريسا لمبدأ الشفافية والوضوح وتحصينا لحقوق وضمانات جميع الأطراف، ويسعى أيضا إلى تحديد واجبات وحقوق الطرفين، وبالأخص على مستوى الجوانب التربوية بحماية الحق في التمدرس، وما يتعلق برسوم التسجيل، والتأمين والتمدرس، والإطعام المدرسي والنقل المدرسي، وباقي الخدمات المقدمة .
وجاء في ديباجة هذا العقد، أنه وفقا لأحكام الدستور، ولاسيما الفصل ( 31) منه الذي ينص على أن الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، تعمل على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنين والمواطنات على قدم وساق المواساة من الحق في الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة، وكذلك الفصل ( 32) الذي يؤكد على أن التعليم الأساسي حق للطفل وواجب على الأسرة والدولة. وعملا بالتوجيهات الملكية السامية، وعلى الخصوص ما ورد في الرسالة الملكية بمناسبة الدخول المدرسي (2021//2022)، التي دعا فيها جلالته إلى الإسراع بإقرار التدابير اللازمة الكفيلة بجعل الجماعات الترابية وقطاع التعليم الخاص يضطلعان بدورهما كطرفين فاعلين في الإصلاح. وبه سرد مجموعة من القوانين و المراسيم والأحكام، من بينها.. القانون الإطار رقم (51.27)، المتعلق بالمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي. والمرسوم رقم (2.00.10.15) المتعلق بتطبيق القانون (06.00) بمثابة النظام الأساسي للتعليم المدرسي الخصوصي. والمرسوم رقم (2.30.475) المتعلق بتحديد قواعد اشتغال وأدوار مهام جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ والتلميذات في علاقتها بمؤسسات التربية والتكوين. ومقرر وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة رقم (019.23) بشأن تنظيم السنة الدراسية (2023//2024)، ثم تنزيلا لتوصيات المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي من خلال الرؤية الإستراتيجية للإصلاح (2015//2030)، ولا سيما الرافعة الثامنة. ويعتبر التقديم والديباجة جزء لا يتجزأ من العقد الذي يتضمن (11 مادة)، تتضمن مقتضيات عامة موضوع العقد تخص ( تسجيل وتامين التلميذ (ة) ) _ (واجبات التمدرس ) _ (الشهادات المدرسية وشهادة المغادرة وباقي الوثائق) _ (الخدمات الإضافية ) _ (الحق في الإعلام ) _ (النظام الداخلي للمؤسسة) _ (حل الخلافات ) _ (مقتضيات ختامية).
وأكدت المادة (2)، أنه يلتزم بموجب هذا العقد الطرفان باحترام الحقوق والواجبات المنصوص عليها. واعتبرت المادة (3) التلميذ مسجلا بصفة رسمية إذا أتم الطرف الثاني كل إجراءات التسجيل والتأمين المدرسي في التواريخ المحددة لذلك وفي احترام المعايير والشروط والكيفيات الجاري بها العمل، وبعد أداء واجبات التسجيل والتأمين، والإدلاء بالوثائق المطلوبة. وتضيف نفس المادة، أنه يتعين على الطرف الثاني القيام بعملية إعادة تسجيل التلميذ (ة) قبل نهاية السنة الدراسية، وداخل الآجال التي يحددها الطرف الأول، وهذا الأخير غير مسؤول ولا يتحمل أية تبعات عند عدم إعادة تسجيل التلميذ (ة) داخل الآجال المنصوص عليها في النظام الداخلي للمؤسسة، ولا يقبل أي تسجيل بعد التاريخ المحدد في النظام الداخلي للمؤسسة إلا إذا توفر مقعد شاغر. وحددت المادة (4) واجبات التمدرس عن السنة الدراسية كاملة وفق الكيفيات المحدد في العقد المالي بين الطرفين، وتؤدى مقابل وصل، كما تؤدى واجبات التمدرس عن السنة الدراسية كاملة (10اشهر )، كيفما كان نمط التعليم المصادق عليه من طرف الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين المعنية (حضوريا.. أو نصف حضوري…أو بالتناوب ..أو عن بعد ). وتطرقت المادة(5) إلى موضوع الشهادة المدرسية ، وشهادة المغادرة وباقي الوثائق ، حيث أكدت أنه يتعين على الطرف الأول تسليم الشهادات المدرسية وشهادة المغادرة وبيان النقط للطرف الثاني في أجل لا يتعدى (3) أيام من تاريخ تقديم طلب كتابي في الموضوع، مع مراعاة مقتضيات العقود الملحقة بين الطرفين، وفي حالة الاختلاف بين الطرفين يتم اللجوء إلى المديرية الإقليمية التي تقع المؤسسة التعليمية بمجال نفوذها الترابي التي تتولى دراسة الملف، وإعمال مبدأ الوساطة بين الطرفين، مع توفير مقعد للمتعلم بمؤسسة التعليم العمومي ، وذلك في أجل لا يتعدى (10)أيام من تاريخ إحالة الملف على المديرية الإقليمية، وإذا تعذر استمرار العلاقة التعاقدية بين الطرفين. وبمجرد تسلم الطرف الثاني شهادة المغادرة تنتهي العلاقة التعاقدية بين الطرفين مع مراعاة العقود الملحقة بين الطرفين المشار إليها في المادة (11). في الوقت الذي أكدت فيه نفس المادة تسليم شهادة البكالوريا للتلميذ (ة) الناجح (ة) دون قيد أو شرط، فور التوصل بها من طرف المديرية الإقليمية. أما المادة (6) فقد شملت الخدمات الإضافية التي يتم تحديد واجباتها كالحراسة… وخدمات النقل والرحلات والخرجات المدرسية والإطعام المدرسي بشكل منفصل على الواجبات الشهرية للدراسة التي يبقى الاختيار للطرف الثاني في شأن الاستفادة منها من عدمها، والتي يجب إبرام ملحق عقد مستقل بشأنها كما يمنع على الطرف الأول إلزام الطرف الثاني باقتناء الكتب المدرسية ومختلف المعدات التربوية واللوازم المدرسية من عنده.
وجاءت المادة (7) لتؤكد الحق في الإعلام حيث اعتمدت على أحكام القانون (31.08) القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك المشار إليه سابقا، ولا سيما المواد من 3الى 14، يتعين على الطرف الأول السهر على تسهيل حصول الطرف الثاني على معلومات واضحة ودقيقة عن العرض التربوي الموفر بالمؤسسة، بما يساعده على القيام باختيار الخدمات المناسبة لإمكانياته وحاجياته، وذلك عبر الوسائل المتاحة، ولاسيما المواقع الالكترونية وكذا الإشهارات الصادرة عن المؤسسة.. فيما ركزت المادة (8) على تحديد قواعد اشتغال وأدوار مهام جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ والتلميذات، في علاقتها بمؤسسات التربية والتعليم وفق القواعد المنصوص عليها في المرسوم الوزاري (،2.20.475) الصادر في (20 يوليوز 2021 . وأكدت المادة ( 9) على وجوب توفر مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي على نظام داخلي مصادق عليه من طرف الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين يتضمن المحاور الأساسية التالية .. شروط التسجيل وإعادة التسجيل .. شروط تنظيم الدراسة بالمؤسسة … مسطرة الشهادات المدرسية … السلوك العام والهندام للتلميذات والتلاميذ والعاملين بالمؤسسة .. شروط الصحة والنظافة والتأمين، ويجب على الطرف الأول تسليم نسخة من النظام الداخلي المصادق عليه إلى الطرف الثاني، أما المادة (10) فهي تلزم طرفا العقد، بعرض كل خلاف بينهما حول تفسير أو تنفيذ مقتضيات هذا العقد على الوساطة من قبل المديرية الإقليمية التي تقع المؤسسة بنفوذ ترابها .
وختمت المادة (11) هذا العقد بمقتضيات تؤكد من خلالها على إبرام عقود ملحقة بين الأطراف المتعاقدة تخص الجوانب المادية والمالية، شريطة احترام القواعد العامة الناظمة للعلاقات بين الأطراف المحددة في هذا العقد. وفي حالة إغلاق المؤسسة يتم تطبيق مقتضيات المادة (3) من القانون (06.00)بمثابة النظام الأساسي للتعليم المدرسي الخصوصي. ويخضع هذا العقد للمراجعة نهاية كل سنة دراسية شريطة احترام مبدأ التوازن العقدي بين أطرافه. وتجدر الإشارة إلى أن وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة قد سبق وأشرف على عملية التوقيع على عقد تأطير العلاقة بين الأسر ومؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي والذي وقع عليه كل الهيئات والجمعيات الممثلة بمؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي، والتمثيليات الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ والتلميذات بتاريخ (08 شتنبر 2023) والذي سينطلق به العمل في الموسم المقبل (2024//2025) .


الكاتب : محمد تامر

  

بتاريخ : 28/05/2024