انعقد المؤتمر الوطني للمؤسسة الاشتراكية للمنتخبات والمنتخبين الجماعيين والمهنيين، برئاسة الأخ الكاتب الأول، الأستاذ إدريس لشكر، تحت شعار: »من أجل إعادة الاعتبار للمؤسسات المنتخبة«، وذلك يومي 17 و18 ماي 2024 بمدينة بوزنيقة. مضامين الأرضية السياسية والتوجيهية شملت مجمل الإصلاحات الجوهرية التي تتطلبها المرحلة من أجل الارتقاء بالمنظومة التمثيلية. وإعادة الاعتبار للمؤسسات المنتخبة لكسب تحديات التنمية وتعزيز البناء المؤسساتي وقد أكد الأستاذ إدريس لشكر أن المدخل الأساسي لاسترجاع الثقة لدى المواطن في العمل السياسي يقتضي تمكين المؤسسات المنتخبة من أدوارها الحقيقية.
وفي ما يلي تجربتان اتحاديتان من الغرف المهنية والجماعات الترابية بقيادة مسؤولين اتحاديين هما الاخوان الصاخي وأزواغ.

حسن صاخي.. تجربة اتحادية في تدبير غرفة التجارة والصناعة والخدمات

للنجاح مسالك متشعبة وطرق متعبة لا يمكن بلوغه دون العبور منها، أولها دائما هو امتلاك الإرادة لتحقيق أهداف مسطرة، وثانيها المثابرة في وجه الصعاب التي يمكن أن تواجهك دون أن يتملكك اليأس، وألا تفقد شغفك بتحقيق حلمك والوصول إليه. فذلك لن يتأتى بدون ضبط الفارق الزمني بين زر حلمك ورصاصة تحقيقه.
في هذا الإطار، لا يمكن اعتبار أخينا حسن صاخي رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات بجهة الرباط سلا القنيطرة وعضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إلا نموذجا ناجحا لمسار مهني وسياسي وتدبيري متفرد يستحق التعرف على مساره المتشعب ونجاحه المتعدد.
1- الوسط الأسري داعم أساسي:
نشأ حسن صاخي في بيئة سياسية بمدينة الرباط بالأساس، وترجع أصول أسرته لمدينة كلميم منطقة فاسك تحديدا، فهو ينتمي إلى بيئة ذات نفس اشتراكي تقدمي من الجد الذي كان اتحاديا أصيلا والأب كذلك، والذي كان يحمل وما زال ذات القناعات، كما كان البيت قبلة للعديد من السياسيين والوزراء، ما شكل لدى حسن الطفل وعيا سياسيا قبل الأوان، واستعدادا قبليا للانخراط الجدي في ما بعد في الشأن السياسي.
علاقة الطفل بالأم هي علاقة قوية جدا، لأننا كما نعلم جميعا، أن تلك العلاقة متى كانت قوية متى أنتجت شخصية تعكس القوة والإرادة وبلوغ الأهداف، فكانت الأم بالنسبة إليه وما زالت دعامة أسياسية لتحقيق كل ذلك، بالإضافة إلى دور الأب الحاسم والمحوري في زرع كل الثقة بالنفس ومواصلة المسير وخوض كل التحديات.
درس الأخ والرئيس حسن صاخي بمسقط رأسه بالرباط، فهو حاصل على الباكالوريا، وكان سيكمل دراسته بداية بألمانيا لكنه عدل عن فكرة الدراسة خارج أرض الوطن في آخر لحظة، استجابة لرغبة الوالد في دراسته بأرض الوطن واشتغاله في عالم التجارة والمال والأعمال، إذ أنه تخرج من أحد المعاهد العليا في التجارة والتسيير، ولربما ساعد ذلك في نجاحه المهني في ما بعد.
2-النجاح دائما يبدأ بخطوة:
مباشرة بعد استكماله لدراسته العليا في مجال التسيير، دشن حسن صاخي مساره المهني بميدان التجارة بمحل تجاري رأسماله 140000 فقط، تمكن من استعادته بعد ستة أشهر فقط، إذ شجعه والده ودعمه للتحول إلى التجارة بالجملة والاستيراد والتصدير بعد ذلك.
هذا وتعتبر سنة 2008، سنة حاسمة في تحول مسار حسن صاخي المهني، بحيث أسس أول شركة له في مجال «الأمن الخاص» لكن شغفه بالمغامرة والنجاح جعله ينتقل إلى مجالات أخرى، ترتبط في مجملها بالبناء والصناعة «صناعة الألبسة» وصناعة الخشب»، ويشتغل اليوم بمجموعة شركاته أكثر من 2000 من اليد العاملة، هذا العامل الذي كان حاسما في قربه من العمال وتبنى فكرة سياسة القرب من المواطنين في ما بعد.
3- دخول عالم السياسة وخوض غمار الانتخابات:
القرب من المواطنين والاستماع لهمومهم وقضاياهم، كان دافعا قويا لحسن صاخي بالتفكير الجدي في ممارسة السياسية وخوض غمار الانتخابات، إذ ترشح لأول مرة سنة 2009 بانتخابات الغرف المهنية، ما مكنه من الظفر بعضوية الغرفة بالرباط، ومكنه من التعرف أكثر على طبيعة العمل داخلها وأن رئيسها هو الفاعل الأساسي في نجاح ذلك من عدمه ما نمى لديه هذه القناعة، وجعله يعمل على تحققها على أرض الواقع في ما بعد.
في سنة 2019، انتمى فعليا إلى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، خاصة أنه سليل الفكرة الاتحادية، وينتمي لأسرة دائما نفسها كان اتحاديا، وعن ظفره بعضوية المكتب السياسي لحزبنا فهو يعتبرها تكليفا أكثر منه تشريفا، وأن المهنيين اليوم لهم موقعهم وصوتهم داخل المكتب السياسي للحزب، وأن جهاز الحزب التنفيذي منفتح على عدة أطر في مختلف القطاعات، وأن قناعاته الاتحادية التي يتبناها كذلك مكنته من العمل بالمنهجية التشاركية في العمل كرئيس للغرفة المهنية بالرباط، تماشيا مع مبادئ حزبنا وتنزيل ذلك على أرض الواقع في التسيير والتدبير، لأن الاتحاد الاشتراكي اليوم هو أكبر ممثل للمهنيين على صعيد جهة الرباط سلا القنيطرة.
4-تجربة رئاسة غرفة التجارة والصناعة والخدمات بجهة الرباط سلا القنيطرة:
حظي حسن صاخي برئاسة الغرفة التجارية والصناعية والخدماتية بجهة الرباط، وذلك بعد الحصول على نتائج جد مشرفة وجهود جبارة بانتخابات 2021، بوأته الصدارة حينها، فكان الرئيس الأصغر على المستوى الوطني( 38 سنة فقط) لغرفة التجارة والصناعة والخدمات بجهة الرباط سلا القنيطرة، وعن تجربته هذه، وإيمانا منه بروح الفريق والمنهج التشاركية في تدبير أمور الغرفة مع كل الشركاء المهنيين، تمكن بمعيتهم، من تقديم حصيلة 100 يوم من التسيير، حيث تم عرض برنامج العمل في الغرفة ذاتها، بتصورات محددة قريبة وبعيدة المدى، «السنة الأولى أسس الاشتغال، السنة الثانية تنزيل الأولويات، السنة الثالثة تحقيق الأهداف»، لغرفة نموذجية ذات أسس متينة في أفق 2027، في ما يخص تنزيل البرنامج التنموي الذي وضعته الوزارة الوصية تحت التوجيهات السامية لجلالة الملك دائما، هذا البرنامج الذي اعتبره صاخي رئيس الغرفة بأنه غني بمجموعة من الدراسات والخلاصات التي من شأنها المساهمة في تجويد عمل الغرفة في المستقبل القريب، باعتبارها مؤسسة عمومية لها خاصية نوعية على المستوى الوطني ككل، رغم أنها تسير من طرف الخواص، وأن لرجل الإدارة المهني والسياسي بصمة خاصة لإدارة للمؤسسة التي تعنى بشؤون المهنيين الخواص، في إشراف تام لكل مكونات المكتب المسير لها.
أما بخصوص حصيلة نصف الولاية، وهو تقرير قيد الإعداد له وسيتم تقديمه في غضون الثلاثة أشهر القادمة، حيث سيعرض لمنهجية الاشتغال والعمل داخل الغرفة في نصف الولاية، ما أعطاها مكانتها الحقيقية ومكنها من تحقيق أدوارها الفاعلة، رغم أن الغرفة قد عرفت تراجعا في السابق، وأن تاريخها غني جدا بمنجزاتها، خاصة أننا اليوم أمام زحف لجمعيات كثيرة تكاد تلعب أدوارا أكبر من أدوار الغرف نفسها.
في هذا الاتجاه، عقدت الغرفة ذاتها بعد تولي حسن صاخي رئاستها، مجموعة من الندوات واللقاءات لتشخيص الوضعية وطرح الحلول البديلة، إذ صدرت مجموعة من التوصيات التي تمت مراسلة البرلمان بغرفتيه بخصوصها، وكذلك كل من رئيس الحكومة، والوزارة الوصية، والتي تذهب في مجملها، إلى ضرورة مراجعة النظام الأساسي للغرف المهنية للتجارة والصناعة والخدمات قانون 72 38، ما سيعطي دفعة قوية للغرف المهنية ويجود اشتغالها، كما تم العمل بحسب الرئيس صاخي، على ميثاق استثمار جديد، حيث تم عقد عدة لقاءات على أعلى مستوى واجتماعات ماراطونية كما وصفها، لطرح تصورات وأفكار المهنيين لهذا الميثاق، كما تمت المساهمة في نقاش قانون مالية 2022 إذ تمت مراسلة الفريق الاشتراكي/ المعارضة الاتحادية لبلورة تصوراتنا إلى مقترحات وتعديلات قوانين.
كذلك الحال، تم الاشتغال على مجموعة من المشاريع التي عرفت بعض التأخر في الإنجاز والتي تهم الغرفة، وحلحلة مجموعة من المشاكل مثلا، بقعة أرضية عبارة عن مشروع مدر للدخل بمدينة القنيطرة، ثم تنفيذ مجموعة من الصفقات التي كانت موقوفة التنفيذ، بالإضافة إلى فتح قناة جديدة للتواصل، إذ يتم استقبال كل الجمعيات المهنية بالجهة والإنصات لها كل يوم ثلاثاء كتقليد جديد داخل الغرفة نفسها.
هذا وقد تم خلق برنامج « السلك الدبلوماسي» الذي يتم على أساسه استقبال وفود دول أجنبية شهريا، لفتح آفاق الاستثمار المشترك والتعريف بالنسيج الاقتصادي لجهة الرباط سلا القنيطرة، وفق مزيج بين ما هو جهوي، وطني، وإقليمي دولي لخلق تنافسية مع باقي الجهات أولا، ومع باقي الدول التي تربطنا بها علاقات دبلوماسية متينة.
يؤكد في هذا السياق، رئيس الغرفة التجارية بالرباط أنه تم الانتقال إلى تحقيق موقع لنا على المستوى الدولي، وموطئ قدم بإفريقيا بدولة الكاميرون، حيث تمكنا، بعد صراع قوي، من الظفر برئاسة الغرف الفرنسية الإفريقية، والتي كانت تعود رئاستها للمغرب قبل 20 سنة، تنزيلا للتوجهات السامية لجلالة الملك، ومراعاة البعد الإفريقي الذي ننتمي إليه أيضا، حيث تكللت بخلق غرفة مهنية بدولة الكونغو كذلك، والمشاركة في مجموعة من الملتقيات ولقاء العديد من المستثمرين من رجال الأعمال.
وقد أجمل حسن صاخي، رئيس الغرفة ذاتها، طريقة الاشتغال داخل هذه الأخيرة، بمواكبة المستثمرين عبر آلية التتبع الناجعة، إذ سيتم تقديم عدد المشاريع التي تم تحقيقها عن طريق الغرفة، وكم من مستثمر جاء عن طريقها كذلك، في ذات الحصيلة المزمع تقديمها عن نصف الولاية، في إطار اختصاصات الغرفة المهنية التي يكفلها القانون، وهو دور المواكبة والدور الاستشاري والدعم والترويج.
فالطريق، إذن، لم يكن سالكا بالنسبة لحسن صاخي، رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات بجهة الرباط سلا القنيطرة، لكن طموحه وشغفه بالنجاح كان سلاحا يذلل كل الصعاب التي من الممكن أن تعتري هذا المسار، وهي تحديات يفرضها الواقع خاصة جيوب المقاومة والتغيير لطريقة الاشتغال على Smart Chambre أو الغرفة الرقمية/ الذكية، وهي فكرة وردت في البرنامج التنموي للوزارة الوصية في الأصل، لكن يتم العمل على تسريع تنزيلها على أرض الواقع، ما سيعطي للغرفة مكانتها الحقيقية على المستوى الجهوي مع باقي المؤسسات التي تربطها بها الصلة، وما يسجله الرئيس نفسه هو استجابة وزارة الداخلية ممثلة في والي جهة الرباط سلا القنيطرة إيجابيا، مما يساهم في تسريع عجلة العمل رغم الجو التنافسي بين كل المؤسسات المنتخبة.