ماذا أعدّت الحكومة لـ 12 مليون مغربي يعيشون تحت عتبة الفقر وسط ظروف مزرية وغير صحية؟

يشكّلون حوالي 3 ملايين ونصف أسرة معنية بالدعم الاجتماعي المباشر

 

أكدت الحكومة أن الدعم الاجتماعي المباشر تستفيد منه حوالي ثلاثة ملايين ونصف المليون أسرة، أي ما يمثل قرابة 12 مليون مغربية ومغربي، وفقا للأرقام الرسمية التي تم الإعلان عنها، وهو ما يعني أن هذا العدد من المغاربة، بشهادة «استمارة البحث عن الاستفادة» الرسمية، يعيشون في ظروف جد مزرية وغير صحية وسط الفقر والهشاشة.
وبحسب البيانات المتوفرة فإن هذه الأسر «المصنّفة» ضمن خانة «القحط»، تقطن في غرفة واحدة، بدون حمّام أو دوش وماء، تعيش في حلكة وظلام دامس، لا تطبخ، وإذا ما وضعت قدرا على النار فإن ذلك سيكون مناسباتيا، توجد بعيدة عن كل ما هو رقمي ووسائط اتصال من هواتف ثابتة ومحمولة وحواسيب وأنترنيت، مقصية من الحق في المعلومة وفي معرفة ما يعيشه العالم، لأنها بدون لاقط هوائي، ولا تسير إلا على قدميها؟
هذا ما يستشّف من «استمارة الحكومة» للحصول على الدعم الاجتماعي المباشر وللاستفادة من التغطية الصحية المجانية في إطار نظام «أمو تضامن»، وهو ما يعني بأن هؤلاء المواطنين يجب أن يقل استهلاكهم للماء والكهرباء عن 24 درهما شهريا، وألا يتجاوز معدل استهلاك الغاز عندهم 20 درهما في الشهر الواحد، وغيرها من التفاصيل التي تعني إلا شيئا واحدا، وهو أنهم خارج كل تصنيف إنساني واجتماعي، عرضة لكل الأمراض الناجمة عن انعدام النظافة، وعدم توفر الماء، وسوء التغذية، والعيش في وسط غير صحي، وغير معنيين ببرامج ومخططات الصحة ذات البعد الوقائي، ولا بأهداف الألفية الإنمائية، وبأهداف التنمية المستدامة، ولا بالميزانيات الضخمة التي تُصرف لأجل رقمنة وتبسيط المساطر الإدارية، فهم مواطنون خارج دائرة التمدن والحضارة بلغة «المؤشر» ومعايير التصنيف المعتمدة؟
معايير، تقرّ بشكل أو بآخر، بأن كل ما تم القيام به لم يحقق الأهداف المرجوة منه كاملة، سواء تعلق الأمر بالقضاء على الفقر أو الجوع، أو ما يهمّ الصحة الجيدة والرفاه، أو توفير المياه النظيفة وما يرتبط بالنظافة الصحية، وبالحياة بمفهوم عام، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام، لأن تبني هذه المعطيات لتمكين هذه الفئة من «الاستفادة» دونا عن أخرى، فيه إساءة كبرى للمواطنين وللسياسات التي تم اعتمادها، وهو ما لا يمكن القبول به ويجب معه على الحكومة أن تراجع أوراقها وتصريحاتها، لأنها من خلال هذا الوضع هي مطالبة بأن تضمن لهذه الأسر الكرامة حقا، والعيش في إطار المساواة والعدالة مع غيرها، لأن مبلغ الدعم الذي ستتوصل به، مهما بلغ رقمه الشهري، فإنه لن يكون قادرا على تلبية احتياجاتها الأساسية، في ظل شروط عيش مماثلة؟
إن التسليم بهذه المعايير وبخلاصاتها، يعني أننا أمام مواطنين هم عرضة لكل الأمراض والعلل، العضوية والنفسية والاجتماعية، ويكفي أن نستحضر ما عاشه المغاربة مع الجائحة الوبائية، بعد أن أغلقت الحمّامات أبوابها، وبات لزاما على الجميع الاستحمام في منازلهم، والحرص على النظافة لتفادي أو التقليل من درجات انتشار العدوى، لنقف على حجم الألم المرتبط بهذه النقطة دون استعراض باقي النقاط الأخرى، ولكي نتأكد بأن هناك الكثير مما يجب القيام به حكوميا من أجل تنزيل سليم لفلسفة وروح الحماية الاجتماعية كما جاء بها الورش الملكي، لا كما تراها الحكومة التي تنظر إليها بعين «قاصرة»!


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 29/05/2024