بطاقة الإعاقة بين الآمال المنتظرة وإكراهات التنزيل

أخيرا وبعد سنوات من الانتظار أقرّ مجلس الحكومة في اجتماعه ليوم الخميس 8 ماي 2024 مرسوم رقم 2.22.1075 يتعلق بمنح الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة بطاقة الإعاقة، التي تخول بموجبها للأشخاص في وضعية إعاقة الاستفادة من حزمة من الخدمات التي حددها المرسوم.
الأكيد أن إصدار بطاقة الإعاقة هاته تعتبر لحظة مفصلية تؤشر لمرحلة جديدة في حياة شريحة كبيرة من المجتمع المغربي ظلت لعقود من الزمن خارج الزمن المؤسساتي، تتعرض لحيف كبير وإهمال غير مسبوق وتهميش في كل المجالات وإن بنسب مختلف. لقد جاء إقرار بطاقة للإعاقة في ظرفية حساسة جدا يستمر فيه التهميش والإقصاء الذي يتزايد في المناطق البعيدة عن المركز وفي الجماعات الترابية القروية على وجه التحديد التي أسقطت الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة من برامجها التنموية التي تكاد تخلو من أية إشارة إلى هذه الفئة التي أرغمت مكرهة على مواجهة ظلم المجتمع وضعف النصوص القانونية التي تُؤمن لها حياة كريمة بعيدا عن النظرة الإحسانية التي تُعامل بها.
إن عددا من الجمعيات اليوم المهتمة بمعاناة الأشخاص في وضعية إعاقة تثمن خروج بطاقة الإعاقة إلى حيز الوجود في انتظار الاطلاع على الامتيازات التي تمنحها لكل شخص يحتاج إلى أكثر من التفاتة، وأن يكون في صلب البرامج التنموية، سواء على المستوى المركزي أو الجهوي أو الإقليمي أو حتى المحلي. برامج حقيقية تنتصر لمطالب هذه الفئة بما يضمن أولا حقها كباقي المغاربة في التشغيل والتعليم والصحة والترفيه والرياضة ومواكبة تكنولوجيا العصر، وثانيا بما يضمن كرامتها وآدميتها ومواطنتها مثلها مثل باقي أبناء المجتمع دون تمييز، فلا يعقل ونحن ندخل العشرية الثانية من القرن 21 ولازلنا نناضل من أجل حق الطفل في وضعية إعاقة في التعليم والتمدرس! ولعل التحدي الكبير الذي سنواجهه جميعا هو التنزيل السليم لمضامين هذا المرسوم كل من موقعه سواء في السلطة الحكومية المخول لها تنفيذ مضامين هذا المرسوم أو الجمعيات العاملة في مجال الإعاقة في إطار مقاربة تشاركية حقيقية تتخطى ما هو معمول به حاليا.
الأكيد أن الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة يعلقون آمالا كبيرة على هذه البطاقة التي يتمنون أن تجيب عن انتظاراتهم بشكل واقعي، وألا تكون مجرد نصوص تضاف إلى سابقاتها، فمطالب هذه الفئة بسيطة ولا تحتاج إلى اجتماعات ماراطونية بقدر ما تحتاج إلى إرادة حقيقية في التعاطي الإيجابي مع مطالبها بما يضمن حقها في مغرب الكرامة، وأن العمل الميداني على الأرض وتشخيص إكراهاته هو السبيل الأنجع إلى مقاربة أوضاع الأشخاص في وضعية إعاقة بشكل سليم ودون رتوشات للوصول إلى حلول ناجعة حقيقية تعيد لهم الاعتبار وتخرجهم من حالة التيه التي يعيشونها. وهذا لن يتم إلا بتظافر جهود الجميع من مسؤولين وجمعيات مدنية مهتمة ومطلعة على معاناة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وأسرهم لنصل في الأخير إلى النتائج التي ننشدها جميعا والانتصار أولا وأخيرا إلى الشخص في وضعية إعاقة.


الكاتب : الطيب الشكري

  

بتاريخ : 29/05/2024