السياسة اللغوية والنقاش المؤسساتي المختل

الاتحاد الاشتراكي

 في الحاجة إلى نقاش مؤسساتي يليق بالأمازيغية . لا سياسة لغوية في غياب الأمازيغية

احتضن مجلس المستشارين، يوم الأربعاء 05 يونيو 2024، لقاء دراسيا نظمته مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة حول السياسات اللغوية بالمغرب حول موضوع»أسس وبرامج وتحديات السياسة اللغوية بالمغرب، في ضوء الرهانات التنموية الكبرى وعلاقتها برهانات التقدم متعدد الأبعاد ومجتمع المعرفة بالمملكة». وبحسب الجهة المنظمة، كان الهدف من تنظيم توسيع دائرة النقاش حول السياسة اللغوية من خلال إشراك فعاليات متنوعة تهتم بقضايا اللغة والهوية الوطنية.
غير أن المداخلات الرئيسية المبرمجة للفاعلين المؤسساتيين والمدنيين والأكاديميين انحازت عن الهدف المعلن. فقد كان البرنامج مثقلا بمداخلات ركزت على تناول مختلف القضايا المتعلقة باللغة العربية وباقي الروافد اللسانية والثقافية المتمثلة في العبرية والحسانية، لكنه أهمل القضايا المرتبطة بالأمازيغية ولم يفسح المجال للفاعلين والمتخصصين فيها للمساهمة في النقاش المفتوح. الأمر الذي شكل انزياحا عن عنوان اللقاء الذي يتحدث عن السياسة اللغوية بالمغرب، والأمازيغية جزء أساسي فيها، وتحدث عن التقدم المتعدد الأبعاد. والأمازيغية إحدى ركائزه الأساسية؟!
من المفروض في نقاش مؤسساتي مسؤول أن يحتكم إلى احترام المقتضيات الدستورية التي تمنح للأمازيغية موقعا مركزيا في الهندسة اللغوية الوطنية. ولا يمكن لأية مقاربة مؤسساتية مسؤولة وعقلانية ألا نخصص حيزا يليق باللغة الأمازيغية باعتبارها لغة رسمية في البلاد، شأنها شأن اللغة العربية.
إن أي تغييب للغة الأمازيغية وللأصوات المعبرة عنها في النقاش المؤسساتي للسياسة اللغوية بالمغرب، يعد ضربا حقيقيا للتعددية اللغوية والثقافية المكفولة دستوريا. وكل تصرف في هذا الاتجاه يشكل ممارسة تقع على النقيض من الإجماع الوطني التاريخي المتواصل حول ثراء الهوية المغربية، المتنوعة والمتعددة، والموحدة في قالب متناسق اسمه الشخصية المغربية المتفردة.
غير مفهوم إطلاقا أن يحدث الأمر في مؤسسة دستورية، مفروض فيها السهر على تكريس الاختيارات والتوجهات الدستورية، وأن تضع برنامجا يكرس هيمنة معينة تناصر توجها دون آخر، وتفسح المجال الأكبر لرؤية ماضاوية تحمل في ثناياها مقاومة العدالة اللغوية في بلادنا.
المبدئي في كل نقاش مؤسساتي حول السياسة اللغوية وتدبير النسق اللساني والثقافي الوطني أن تجلس على طاولة النقاش الأطراف المعنية، احترازا عن أية تقاطبات عديمة الجدوى. وموقفنا في الاتحاد الاشتراكي أن اللغات الوطنية بأبعادها الحضارية والثقافية أساس الهوية المغربية المتناسقة، وأن التعامل معها يجب أن ينطلق من التوجهات الملكية الحكيمة التي يجب أن تكون جوهر السياسة العامة حول اللغات والثقافة، في إطار التدبير المنفتح للتعدد والتنوع وانسجاما مع الإنصاف اللغوي والعدالة الثقافية.

الكاتب : الاتحاد الاشتراكي - بتاريخ : 08/06/2024