من دون إقناع، وبكثير من الشك حقق المنتخب الوطني لكرة القدم فوزه الثاني خلال الجولة الثالثة من منافسات المجموعة الخامسة، برسم التصفيات الإفريقية، المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم 2026، المنتظرة في الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك وكندا.
وتغلبت العناصر الوطنية على المنتخب الزامبي بهدفين مقابل هدف واحد، مساء الجمعة الماضي، بالملعب الكبير لمراكش، ليواصل تصدر مجموعته، برصيد ست نقط، جمعها من مبارتين، فيما تملك زامبيا والنيجر وتنزانيا في رصيدها ثلاث نقاط.
غياب الإقناع
واستمرار الشك
لم يكن أكثر المتفائلين يتوقع أن المنتخب الوطني سيستهل مواجهة المنتخب الزامبي بضربة جزاء أعلن عنها الحكم السينغالي عيسى سي، بعد تبادل كروي في الدقيقة الرابعة بين أوناحي وزياش. هذا الأخير أعاد الكرة للاعب مارسيليا الفرنسي، ليرسلها داخل المعترك إلى يوسف النصيري، الذي تمت عرقلته أمام الحكم، فأعلن عن ضربة جزاء، احتج عليها لاعبو زامبيا، وأسكنها حكيم زياش الشباك في الدقيقة السادسة.
وفي الوقت الذي كانت الجماهير تنتظر مدا واندفاعا مغربيين نحو معترك عمليات منتخب الرصاصات النحاسية، حصل العكس، بعدما فضلت العناصر الوطنية إبطاء اللعب، فتراجع الأداء وظلت الكرة محصورة بين أرجل اللاعبين، في غياب أي حماس أو رغبة في رفع الغلة، إذ كثرت التمريرات الخاطئة بشكل زاد من شدة التخوف لدى المتتبعين، الذين تفاجأ كثير منهم، لهذا الاكتفاء الحاصل لدى اللاعبين.
ولم يقلق المنتخب الزامبي طيلة أغلب فترات اللقاء راحة الدفاع المغربي، حيث دخل المواجهة مفضلا التكتل الدفاعي، فبدا وأكنه ينتظر هدية من اللاعبين المغاربة لاقتناص الهدف، خاصة وأن العمق الدفاعي كان بعيدا عن مستواه، حيث سجلنا ضعفا كبيرا، كاد أن يكلف الفريق الوطني غاليا، ولعل هدف المنتخب الزامبي في الشوط الثاني، دليل واضح على هذا الأمر.
أخطاء وأنانية
تحول حكيم زياش من عنصر قوة في الخط الأمامي المغربي إلى نقطة ضعف، حدت من فعالية باقي زملائه، حيث كانت مبادراته الفردية غير مجدية، كما أنه ارتكب العديد من الأخطاء، انعكست على نسبة مراوغاته، التي سجلت تراجعا كبيرا، الأمر الذي أحبط كثيرا من الفرص الواعدة، كما أن اختياره التسديد من مسافات بعيدة لم يكن موفقا، فضاعت الفرص بغرابة شديدة.
وحتى إبراهيم دياز لم يكن فعالا، ولعل ثنائيته مع زياش لم تحقق الغاية المرجوة، لأنه سجل اكتظاظ في الأمتار الأخيرة، وكانت الكرات المغربية تضيع برعونة، وقد لاحظ الجميع كيف أن لاعب ريال مدريد الاسباني تحرر بمجرد خروج زياش.
لقد ظهر أن مصلحة الفريق الوطني أصبحت تقتضي الاعتماد على لاعب واحد منهما، لأن تواجدهما معا يعرقل الأداء المغربي، ولا يقدم الإضافة المنشودة.
وبدوره أوناحي مر بجانب المباراة، حيث لم يكن مؤثرا في خط الوسط، وبدا أن أوناحي الحقيقي بقي في قطر، لأن الذي نشاهده الآن لا علاقة له بذلك الذي نال إشادة لويس إنريكي، مدرب منتخب إسبانيا في كأس العالم.
سيطرة عقيمة
وأسئلة مقلقة
خلال الجولة الأولى كانت المحاولات المغربية، التي اكتست طابع الخطورة على المرمى الزامبي، معدودة على رؤوس الأصابع، رغم أن لاعبي المنتخب المغربي احتكروا اللعب، حيث عجزوا عن استغلال الامتياز النفسي، الذي كان يجب أن يحصلوا عليه بالهدف المبكر.
وفي ظل هذه السيطرة العقيمة، كان المنتخب الزامبي يناور، وينتظر فرصة الانطلاق نحو مرمى الحارس ياسين بونو، وفعلا خلق فرصتين جادتين، في الدقيقتين 37 و45 + 2، وكاد أيمانويل باندا أن يدرك التعادل، بعدما تجاوز نايف أكرد، الذي وجد نفسه مطالبا بتقديم الدعم ليحي عطية الله، البعيد عن مستواه الحقيقي، والذي قدم عرضا دون التطلعات، وكذا التغطية على أخطاء العميد غانم سايس، الذي يبدو أنه لم يعد قادرا على تحقيق الأمان في الخط الدفاعي.
ويمكن القول إن الأداء الذي قدمه لاعبو الفريق الوطني خلال مجموع دقائق هذه المباراة، يبعث على القلق والتساؤل: فهل بهذا المستوى يمكن أن يتحقق التأهل إلى كأس العالم؟ ولو أن المهمة أصبحت سهلة، بعد قرار نقل مباراة الكونغو برازافيل إلى مدينة أكادير، ثم ألم يعد من المفروض منح الفرصة لبعض الأسماء الأخرى، التي يمكن أن تقدم الإضافة، عبر مختلف الخطوط، في ظل تواجد لاعبين شباب يمكنهم أن يكتسبوا الثقة مع توالي المباريات؟، وقد لاحظ الجميع المستوى الذي قدمه العزوزي، الذي كان رجل المباراة بامتياز، والذي سيجد نفسه بالتأكيد حبيس دكة البدلاء بمجرد عودة سفيان أمرابط، وأيضا المستوى المحترم لبلال الخنوس، الذي أخذ مكان أوناحي، مع ضرورة منح شادي رياض فرصة اللعب إلى جانب أكرد، لأن العميد وصل إلى خط النهاية. ثم لماذا يصر المدرب وليد الركراكي على اعتماد الأسلوب نفسه، وهو الذي يعلم في قرارة نفسه أنه يستحيل أن يتوفق في منح الاطمئنان للجماهير، بهذا النهج التكتيكي العقيم؟
لقد أظهر الناخب الوطني فقرا ملحوظا من الناحية التكتيكية، وفشل في فرضه أسلوبه أمام خصمه، أفرام غرانت مدرب المنتخب الزامبي، الذي نجح في استثمار فكره التكتيكي، وكان بإمكانه انتزاع نقطة من أكادير، لو سجلت المحاولة التي خلقها لاعبوه في آخرا أنفاس اللقاء.
قراءة تقنية سطحية
رغم إدخاله أيوب الكعبي وسفيان رحيمي، مكان النصيري وزياش قبل نصف ساعة من نهاية اللقاء، إلا أن الإيقاع لم يرتفع، وظل الأداء عقيما، لأن النهج التكتيكي لم يتغير.
ورغم أن الفريق الوطني سجل هدفه الثاني بعد انسلال دياز من الجهة اليمنى، ووضعه بكرة خادعة إلياس بنصغير في مكان مثالي لتسجيل الهدف الثاني في الدقيقة 67، إلا أن المستوى ظل على حاله، الأمر الذي عكسه الخروج المبكر لعدد كبير من المتفرجين قبل صافرة النهاية. إذ أن الجمهور لم يرفع أصواته محتجا على طريقة تدبير مباريات المنتخب الوطني، لكنه فضل المغادرة قبل عشر دقائق من نهاية الوقت القانوني.
لقد اختار العديد من المناصرين الانسحاب من المشهد، بعدما تأكدوا من أن العرض المقدم لا يوازي طموحاتهم، خاصة وأن اللاعبين لا يظهرون ردة الفعل في الوقت المناسب. فبمجرد زيارة الشباك يخفض اللاعبون الإيقاع، ويختارون اللعب السلبي، الأمر الذي كلفهم هدفا من مرتد هجومي سريع في الدقيقة 80، عن طريق إدوارد شيلوفيا، الذي شق الدفاع المغربي وانسل من بين سايس وأكرد، قبل أن ينفرد بالحارس ياسين بونو، الذي تابع بعينه الكرة وهي متجهة إلى عمق المرمى.
يذكر أن الفريق الوطني سيواجه يوم غد الثلاثاء منتخب الكونغو، على أرضية الملعب الكبير بأكادير (الثامنة مساء)، عوض ملعب الشهداء بكينشاسا، بجمهورية الكونغو الديمقراطية.