خلال المنتدى المغربي الإفريقي الأول للطب الرياضي بأكادير الدعوة إلى تمكين الطبيب الرياضي من إطار قانوني يرفع الحيف ويعيد الاعتبار

 

احتضنت كلية الطب والصيدلة بأكادير، أيام 6، 7 و8 يونيو 2024، المنتدى المغربي الإفريقي الأول للطب الرياضي، والذي شكل حدثا مهما، سلط الكثير من الأضواء على هذه المهنة التي تعيش حيفا كبيرا على المستوى الوطني.
وشهد هذا الملتقى، المنظم من طرف الجمعية الجهوية للطب الرياضي سوس – ماسة، بشراكة مع الجمعية المغربية للصحافة الرياضية، ومؤسسة محمد السادس للعلوم والصحة، والوكالة المغربية لمكافحة المنشطات، وجمعية جراحة وتقويم العظام بالجنوب، والجمعية المغربية لأمراض القلب والشرايين، وأكاديمية ميشيل فيلاكورتا، وكلية الطب والصيدلة بأكادير والأكاديمية المغربية للمرافقة الذهنية والرياضية والجمعية الوطنية لمصوري الصحافة الرياضية، مشاركة وازنة، بحضور كفاءات عملية ورياضية بارزة على المستوى الوطني والدولي، حيث سعى المنظمون إلى تهيئ الأرضية المناسبة لتعزيز مكانة الطب الرياضي داخل منظومة الصحة العامة للرياضيين، والتأكيد على أن الرياضة في حد ذاتها هي غاية لتحقيق الرفاهية والتنمية البشرية.
وتضمن هذا الحدث المهم عدة ورشات، تناولت مختلف الجوانب المتعلقة بالعديد من المجالات ذات الصلة بالطب الرياضي والتأهيل الذهني والتوعية بأهمية الطب الرياضي، وعرفت حضور باحثين دوليين ووطنيين مع ورواد الطب الرياضي على المستوى الوطني، عبروا فيها عن انشغالاتهم ومساعيهم لتطوير هذا المجال، من خلال إطلاق برامج التكوين المستمر للأطباء، فضلا عن وضع معايير الرعاية الصحية الخاصة بالرياضيين، وكذلك توحيد البروتوكولات العلاجية للإصابات الرياضية.
وشكل هذا المنتدى، في نسخته الأولى، فرصة لفتح قنوات التواصل بين المتخصصين في الطب الرياضي ومديري الرياضة والشركاء المحتملين على المستوى الإفريقي.
وخصصت أشغال اليوم الأول لمناقشة علاقة الرياضة بمحاربة المنشطات، بحضور رئيسة الوكالة الوطنية لمكافحة المنشطات، فاطمة أبو علي،التي ناقشت موضوع المنشطات والصحة العمومية، كما تناول هذا المحور الأول موضوع الإدمان والمنشطات وأخطار تعاطيها، فيما تناول المحور الثاني موضوع التنظيم الصحي لتظاهرة رياضية من طرف الكونفدرالية الإفريقية لكرةالقدم في أفريقيا، وشهد مشاركة الدكتور الكاميروني بوباكاري سيديكي، عضو اللجنة الطبية بالاتحاد الكاميروني، وعضو الاتحاد الإفريقي لكرة القدم.
وخصص اليوم الثاني من هذا الملتقى لخمس ورشات عمل، تناولت موضوع الكسور ومشاكل العظام في المجال الرياضي.
وخلال اليوم الأخير، شكل موضوع ممارسة الطب الرياضي ودور الصحافة في التنمية الرياضية بالمغرب، المحور الرابع من هذا المنتدى، تخللته ندوة شارك فيها الأستاذ بدر الدين الإدريسي، رئيس الجمعية المغربية للصحافة الرياضية، والدكتور منصف اليازغي، المختص في التشريع الرياضي، بحضور كفاءات إعلامية وطبية رائدة على المستوى الوطني.
وخلال هذه الندوة، التي سيرها الزميلان محمد الروحلي، وعادل العلوي، نائبا رئيس الجمعية المغربية للصحافة الرياضية، سلط الأستاذ بدر الدين الإدريسي الضوء على دور الصحافة في التعريف بالأهمية الإستراتيجية للطب الرياضي في المنظومة الرياضية الوطنية، حيث أكد على أن أهمية هذا الملتقى تمكن في أن سياقاته الزمنية تتسم بأهمية كبيرة، لأنه يفتح العديد من منصات النقاش العلمي حول مفاصل الطب الرياضي في تطورها المضطرد والمتنامي، معتبرا أن انفتاح الدورة الأولى على المحيط الإفريقي، جاء إيمانا بالدور الذي اختار جلالة الملك أن يلعبه المغرب في نهضة إفريقيا وتنميتها.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن محور هذه المداخلة يسائل بعمق الإعلام عن الأدوار التي يمكن أن يلعبها في تعزيز مكانة الطب الرياضي داخل منظومة الفعل الرياضي، لأن صناعة الإنجاز وبناء المجتمع السليم لا تتحقق دون مساهمة فعلية للطب الرياضي، مرجعا ذلك إلى النضالات التي قام بها لفيف من الأطباء الرياضيين المغاربة، من أجل التوعية بأهمية هذا التخصص، وكذا حاجة الرياضة الوطنية في سعيها لتمثل دور الرافعة الاستراتيجية للتنمية المستدامة إلى الطب الرياضي ليكون حاضرا بقوة في الفعل الرياضي.
وحملت مداخلة الإدريسي بعض الأسئلة المقلقة، وأولها مكانة الطب الرياضي داخل المنظومة الرياضية، وماهي العلاقة المفترض أن تكون بين الطبيب الرياضي والمؤسسة الرياضية؟ وكذا نوعية العلاقة الواجب أن تربط بين الطبيب الرياضي والمؤسسة الرياضية التي يجب أن تمثله؟ وكيف هي علاقة الطبيب الرياضي بالمدرب وما هو دور الطبيب الرياضي في صناعة الإنجاز الرياضي؟
وتطرق الدكتور منصف اليازغي، الباحث في التشريع الرياضي، للمكانة التي يحتلها الطب الرياضي داخل التشريع الرياضي الوطني، مستعرضا مسار التشريع المغربي في ما يتعلق بالطب الرياضي، حيث قسم عرضه إلى ثلاثة محاور: هم الأول الفترة ما بين 1941 و1959، والتي شهدت صدور أول ظهير للجمعيات، بعدما كان التشريعات السابقة محصورة في قرارات تهم أساسا الرهان الرياضي وسباقات الخيول والكلاب.
وعن سبب بداية تأريخه من سنة 1941، أكد اليازعي أن خسارة فرنسا أمام ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، اعتبرت حينها بسبب غياب الروح الوطنية لدى الفرنسيين، وبالتالي كانت الحاجة إلى ميثاق رياضي لبعث الروح الوطنية لدى الفرنسيين، وهو ما شكل محور زيارة وزير التربية الوطنية والشبيبة والرياضة الفرنسي آنذاك، جون بوروترا، إلى المغرب في أبريل من سنة 1941 قصد الترويج لهذا الميثاق، الذي كان إشارة لبداية التشريع الرياضي بالمغرب.
وهم المحور الثاني الفترة ما بين 1989 و2008، واعتبرها اليازغي فرصة ضائعة، بسبب الفقر التشريعي، حيث أن الرياضة ظلت تشتغل بمنطق الجمعيات الرياضية لمدة ناهزت 30 سنة، قبل أن يتحفز المشرع المغربي خلال حقبة الثمانينات، فجاء قانون التربية البدنية 06.87، ثم بعده المناظرة الوطنية سنة 2008، التي حركت المياه الآسنة، بعدما عاشت الرياضة الوطنية أزمة نتائج.
وشهدت المرحلة الثانية من سنة 2009 حتى 2024 كثافة تشريعية، بدأت بقانون 51.08، الذي نص على إحداث اللجنة الوطنية لمكافحة المنشطات، وفي أكتوبر من 2010 جاء قانون التربية البدنية 30.09، الذي حمل قسما خاصا بالمراقبة الطبية، ثم في نونبر 2011 صدر مرسوم تطبيقي لهذا القانون، وفيه تم تحديد نموذج الدفتر الطبي المجاز.
وفي شتنبر من سنة 2017 تم صدور قانون مكافحة المنشطات، وأيضا إحداث الوكالة المغربية لمكافحة هذه الآفة.
وبعد ذلك فتح باب النقاش، حيث تفاعلت القاعة بقوة مع محاور هذه الندوة، من خلال تدخلات قيمة لكل من الدكاترة عبور، وعبد الرزاق هيفتي وبوجمعة الزاهي والصابيري وبيزران وغيرهم من القامات الطبية المغربية.
وتناول المحور الأخير من هذا المنتدى جوانب الرياضة وأمراض القلب والتحذيرات من ممارسة الرياضة وأيضا الموت المفاجئ عند الرياضيين، ثم مرض القلب التاجي والرياضة، لتختتم الأشغال بندوة رئيسية تناولت المواكبة السيكولوجية والذهنية لممارسي كرة القدم بالمغرب.


الكاتب : أكادير: إبراهيم العماري

  

بتاريخ : 10/06/2024