بعد أن وصفه اللعبي بالمتحيز سياسيا : سوق الشعر بفرنسا يتراجع عن قرار إلغاء استضافة الشعر الفلسطيني

بعد الرد القوي للشاعر المغربي عبد اللطيف اللعبي على قرار الإلغاء الذي اتخذته جمعية «C/I/R/C/E»، مُنظِّمة تظاهرة «سوق الشعر» التي تقام في باريس منذ عام 1983 بشأن استضافة الشعراء الفلسطينيّين، الذين قدمهم اللعبي في الجزء الثالث من مشروعه الأنطولوجي («أن تكون فلسطينيّاً: أنطولوجيا الشعر الفلسطيني الراهن»، 2022)، وبعد حملة التضامن الواسعة معه والتي نجحت في جمع أكثر من 729 توقيع لشعراء وكتّاب ومثقّفين وناشرين وقُرّاء فرنسيين ومن مختلف بلدان العالَم يستنكرون فيها هذا القرار، تراجعت الجمعية عن قرار الإلغاء بعد تلقي الشاعر المغربي عبد اللطيف اللعبي بيانا من رئيس الجمعية «جان ميشال بلاس» سابقا، يُفيد بـ»أن الشعر الفلسطيني سيكون ضيف شرف هذا السوق لعام 2025».
وقد سبق للجمعية أن اتخذت في 30 ماي الماضي قرارا بإلغاء الاستضافة الشرفية للشعراء الفلسطينيين الذين تضمنتهم «أنطولوجيا الشعر الفلسطيني» للعبي وأبلغته بهذا القرار لكون اللعبي هو المعتمد في إحياء المشاركة وصلة الوصل بين الشعراء الفلسطينيين وإدارة «سوق الشعر» بعد أن سبق لإدارة الجمعية أن راسلته عبر رسالة رسمية في 20 من يوليوز 2022، وأعلمته أنها ستعتمد المختارات الشعرية التي أنجزها وترجمها إلى الفرنسية وصدرت عام 2022.
قرار الإلغاء ساق كمبرر لاتخاذه ، كما جاء في الرسالة التي وقعها رئيس المهرجان إيف بودييه ومديره العام فنسان جيمانو بونس، «العزيز عبداللطيف اللعبي: لقد خططنا في البداية لاستقبال الشعر الفلسطيني في «سوق الشعر» في عام 2025، انطلاقاً من المختارات التي أنتجتها في سلسلة «بوان» وعلى رغم ذلك (هل يحق لنا إخبارك بالمزيد؟) فالوضع المأسوي الراهن لم يعد يسمح لنا في النظر في هذا المشروع. فـ»سوق الشعر» سيتحول آنذاك، إلى منتدى سياسي (وليس شعرياً) حيال تحديات تتخطى قدرتنا. لا يمكن لـ»سوق الشعر» أن يتخذ مثل هذا الموقف».
هذا الموقف المتحيز والذي يظهر تغلغل اللوبي الصهيوني وتحكمه في دواليب الاعلام والثقافة الفرنسيين ، جعل اللعبي يعرب في رسالة إلى رئيس الجمعية، بداية يونيو الجاري، معن «ذهوله» ، معتبرا أن الإلغاء «مُتحيّز سياسيا ولا يُمكن تحمُّله أخلاقيا»، مُضيفاً: «قرارُكم بعدم السماح لهم (الشعراء الفلسطينيين) بالمُشاركة الحرّة العام المُقبل سيُثير الشكّ حول حُسْن نيّتكم كمنظّمين لـ «سوق الشّعر»، وسيضر بمستقبل التظاهُرة».
حملة التضامن الواسعة مع اللعبي ومع الشعر الفلسطيني أثمرت بيانا كتبه إيزابيل كرزيكوفسكي وباسكال ميّارد، وذُيّلَ بقصيدة للشاعر الفرنسي سيرج باي (1950)، ونشره موقع «ميديا بارت» جاء فيه : «إنّ المنظّمين بقرارهم هذا يُسيّسون ‹السوق› أكثر بكثير من المناقشات التي يقولون إنّهم يخشونها، بل يُسيّسونه بأسوأ معاني الكلمة»، وتابع البيان: «أليست الكلمة الشعرية على وجه الخصوص، هي الأقدر على مواجهة هذا التلوّث الأيديولوجي المُحيط بنا؟».
كما اعتبرت العديد من الأصوات المُتضامِنة مع اللعبي، ومن ورائه الشعر الفلسطيني، تخبُّطَ إدارة الجمعيّة بين إلغاء الاستضافة والتراجُع عنه خلال أيّام قليلة، وتغطيتها على ذلك بالحديث عن النفقات المالية والخشية من تحوّل «سوق الشعر إلى منتدى سياسي وغير شعري»، خضوعاً واضحاً للضغوط الصهيونية المُمارَسة على الأوساط والمؤسسات الثقافية الفرنسية، وتبنّيا لسردياتها.
وأمام هذا الحملة التضامنية ، اضطرت الجمعية الى التراجع عن قراراها بعد أن تحولت القضية الى قضية تعدت المشتغلين في الحقل الثقافي على كِلَا الضفّتين العربية والفرنسية، الى عموم الأحرار المؤيدين للقضية الفلسطينية حول العالَم والمندّدين بالإبادة الصهيونية، الذين رفضوا هذه الممارسة الإلغائية، ورأوا فيها ضرباً من ازدواجية المعايير الغربية، والرقابة الموصوفة بغاية التغطية على الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزة.


الكاتب : ح. الفارسي

  

بتاريخ : 13/06/2024