أهلا بالقدس وأهلها
عبد الحميد جماهري
بعض المصادفات أكبر من …الصدفة!
بل هي تعبير عن ثوابت تتجاوز التزامن العفوي. ومن ذلك وصول وفد من مدينة القدس، رفيع المستوى وعميق الحضور، إلى المغرب، في نفس اليوم الذي يعطي فيه ملك البلاد تعليماته بإطلاق عملية إنسانية تهم توجيه مساعدات طبية إلى السكان الفلسطينيين بغزة.
يصل إلى المغرب وفد من القدس. وتصل إلى غزة مساعدات مغربية .
الوفد ، وهو غير مسبوق اذا لم تَخُنيِ الذاكرة، يضم خطيب المسجد الأقصى المبارك ،المطران منيب يونان، وزير شؤون القدس، أمين سر اللجنة العليا للقدس، نائب محافظ القدس، رئيس الغرفة التجارية والصناعية..
اخترنا كما هو مبين أعلاه ترحيبا، وليس فقط عنوانا خبرا محكوما بالاحتراف الصحافي..
أهلا بالقدس وأهلها في كل أحياء المغاربة
أهل القدس مرحب بهم منذ الزمن السحيق… ولكن مجيئهم في الأوقات العصيبة التي يختلط فيها الحابل بالنابل، يكون له معنى..
أكبر من إعلان وشيجة الأخوة،
يكون بمثابة شهادة، في زمن يراد للزور أن يكون الحقيقة الوحيدة في مقاربة الأنواع الملتهبة.
مجيء الوفد، وفيه القسط الجامعي الرفيع، له مغزى يفوق انتظاراتنا، على الأقل نحن في الإعلام..
المرافقون الجامعيون سُلط ضمير ومعرفة وعمق، وكلهم بلا استثناء يستحقون الوقوف إجلالا لهم.. وفد من جامعة القدس يتشكل من الأستاذ الدكتور عماد أبو كشك، رئيس الجامعة، والدكتورة صفاء ناصر الدين، أمين عام هيئة رئاسة الجامعة، إضافة إلى وفد من جامعة الأزهر في غزة، يضم كلا من الدكتور خليل أبو فول، رئيس مجلس أمناء الجامعة، والدكتور عمر ميلاد، رئيس الجامعة، ثم المحامي ممدوح جبر، عضو مجلس الأمناء، وعضو اللجنة القانونية للجامعة.
ونحن المغاربة مرحبا بنا في القدس، مجاهدين ومرابطين ومواطنين فلسطينيين ..
أذكر كلمة السفير الفلسطيني في مؤتمر نقابة العدل، مؤخرا وهو يقول: المغاربة والفلسطينيون شركاء في القدس».
المغاربة، بعد أن صاروا مقدسيين، لهم حظهم من الدم المسفوح في كل دقيقة، وفي كل قرن..
وصول أهل القدس إلى ربوع المغرب واللقاء بالمسؤولين في كل مستويات المسؤولية، حدث في حد ذاته، لكنه في الوقت نفسه يكبر صورة ما يحدث في غزة في القيامة الآن. التي تجري أطوارها حاليا على رؤوس المومنين هناك!
مجيء الوفد، كما لو أنه سند لنا، نحن الذين نعيش المأساة بجوارنا، وأحيانا ببعض الموضوعية الباردة لعلنا نرى نفقا باستعمال المنطق، الذي انهارت كل مقوماته مع بشاعة الحرب..
في غزة اليوم 37626 قتيلا و86098 مصابا لا نعرف حدود الموت في جسده أو أطرافه..
لا أحد في العالمين يعرف ما الذي سيكون غدا، سوى القتل بطبيعة الحال.
العجز المطلق للبشرية، يعطي لبقاء الفلسطيني حيا يقاتل، معنى الأسطورة .. ويخرجه من اندحار الإنسان في الإنسانية..
مازال الاحتلال يعتبر بأن ما تم كان فقط الجانب العلني من الحرب، أما الحرب فلن تنتهي بعد!
مازال في العبث مسافات طويلة..يا حسرة على البشرية.
وأن يأتي أهل القدس ، فذلك اعتراف وامتنان وأيضا عربون ثقة؛
سبق أن سألني صديقي عن رد أهل القدس على مبادرة الملك بخصوص دعم أهلها وأهل غزة قائلا: هل صدر رد ما عن الفصائل السياسية والمسلحة، على مبادرة الملك الفريدة من نوعها، أسررت له، بصدق: إنني أنتظرها ولكن في العمق أتلهف إلى رد فعل الشيخ عكرمة صبري؟
وكنت ومازلت متيقنا، لو كان هذا الرجل هو لوحده صفق لمبادرة الملك محمد السادس، لكنت، وهذا نزوع شخصي، اعتبرت أن الأمة كلها صفقت لها.. والحال أن يأتي اليوم كل هؤلاء المقدسيين، فنشعر كما لو أننا في عمق القدس، حقيقة لا مجازا..
لا بد من الشكر لوكالة بيت مال القدس الشريف
وشكر الملك، بقلب مقدسي مؤمن، بجوارحه المغربية كذلك.
إن مبادرات صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الداعمة للفلسطينيين، تؤكد صدق التعاطف المغربي، الرسمي والشعبي، مع فلسطين. وسنسمع منهم ومعهم إحساسهم وهم في مغربهم وفي قلوبنا قبل ترابنا.. نحن هنا للقدس الدرع والدراع والحضن الذي لن تغيره الأهواء…
هؤلاء أهلنا كما هو حال كل رجالات القدس، وكل شهيد في القدس ..
وشكرا على قبول الدعوة مجددا!
الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 25/06/2024