أيها الوجه ستبقى بعدي طويلا. .ستبقى في حديث الناس وفي ذاكرة الأبناء وعلى جداريات العائلة و ألبوماتها، ستبقى في هذا الفضاء المتاهة ،ستبقى في السجلات والأوراق، وفي عبارات الوصف المجاملة. ليس هذا ما يشغلني بقدر ما تشغلني فكرة انك لأول مرة ستبقى وحدك ،دون تلك التي كانت تنظر إليك شزرا وتقول : «ألا تخجل من سحنتك ! قد أخطأت». أو «أنعم صباحا لقد أحسنت لولا …».
كانت هناك دائما أشياء ناقصة وأخرى لم تنجز تماما. كانت لنا معا احلام، وخيبات، مشاريع صغيرة تعادل رأس دبوس ،مواقف قد لا تتجاوز عقلة اصبع في وجه عالم عاتي، وكانت تلك الأشياء هي سبب إصرارنا على الحياة ،كان هناك أشخاص يستحقون الثناء وآخرون يستحقون الرثاء، كانت هناك أخطاء جميلة نقترفها، ونحن نغمز لبعضنا في المرآة ،وأخطاء فادحة تبتلع أجمل الأفكار، كانت هناك مشاعر ندفعها بعيدا بروح الزهاد وأخرى نذود عنها بروح الفرسان ..
يؤسفني أيها الوجه الذي لم يعد لي، أن تتحول من حقيقة قابلة للفحص و النقد، للثناء والعتاب.. أن تتحول بعد رحيلي إلى مجاز …