الملك في نجدة جرحى غزة!

عبد الحميد جماهري

أهمية المبادرات تأتي من حجم الانتظارات، ومن عدد المستفيدين وتحديدهم. نحن أمام عملية واضحٌ المستهدفون منها وحجمها، حيث الحديث اليوم، رسميا، عن أزيد من 80 ألف مصاب في الحرب ينضافون إلى 37 ألف شهيد.
وهذا العدد الهائل من الجرحى، في حاجة إلى مساعدات طبية، من نوع خاص، بسبب أن الإصابات الناجمة عن الحرب من حرائق وتدمير تؤدي إلى إصابات وكسور وحروق من درجات متفاوتة..
الانتظارات أيضا من حجم الدمار الذي لحق بنية المنظومة الصحية في غزة وفي الجوار الحارق لها، وإلى ذلك هناك عجز في المواد الطبية. وفي سياق العجز الأممي والانشطارية حتى لا نقول التفرج وبرنامج الأمم المتحدة للتغذية، في 5 يونيو، يتحدث عن حالة الاستعجال الغذائية وعن الأولوية الحاسمة للأدوية…
ومما يعطي المبادرة الملكية قيمة أكبر هو أنها تأتي في لحظة جمود دولية شبه تامة، منها الجمود في مسارات التهدئة، وهو ما يبقي سيف الحرب فوق الرؤوس، ولكن كذلك يزيد من انشطارية العالم.
ومن المفارقة، أنه في اليوم الذي أعلن فيه جلالة الملك عن انطلاق العملية، خرج المسؤول الأوروبي عن السياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي جوزب بوريل ليعلن العجز رسميا، وكتب أن وصول المساعدات إلى غزة شبه مستحيل.. والمستحيل ليس ملكيا هنا في فلسطين..
في التوقيت إذن هناك العجز الدولي وارتفاع المحتاجين الذين ينتظرون التدخل العالمي، وكذا انهيار المنظومة الصحية، ونقص الحيلة لدى الفسلطينيين ووكوادرهم الطبية، ودون الحديث عن ما يفوق 500 شهيد في القطاع الصحي لوحده في غزة.
وفي التوقيت دوما، إنها أولى أيام الصيف بما يحمله من سياق أصعب بالنسبة للحروق، وما يمكن أن تؤدي إليه في زمن الحرارة ونقص المياه وغياب الأدوية والمواد المطلوبة في الصيف أكثر من أي وقت مضي. وهذا ما يحيلنا إلى المبادرة السابقة.
نحن أمام ثاني مبادرة من طرف الملك في ظرف ثلاثة أشهر من الصراع، وهي مبادرة يشهد بها الجميع، وأولهم الفلسطينيون أنفسهم وأهاليهم . وقد سمعنا ما قاله السفير جمال شوبكي وماقاله أهل فلسطين ، وليس لنا ما نضيف.
ومن المصادفات التي تفوق الصدف، هناك المعطى الآخر الذي لا يمكن القفز عليه، وهو أن أهمية المبادرة من الحاجة إليها تتمثل في الحاجة الطبية بعد أن كانت المبادرة الأولى في مارس الماضي ومع أولى أيام رمضان.
ولنا أن نضيف إلى هاته المصادفات التي لا صدفة فيها، التزامن في الزمن والمكان، وهي وصول وفد رفيع المستوى من أهل القدس إلى المغرب لزيارة بلادنا، وتكفي إطلالة على الأسماء وتمثيلياتهم لكي نتأكد من التقدير الفلسطيني للمغرب، وأيضا أنهم جاؤوا من بوابة لجنة القدس وبيت مال القدس، والذي هو مثابرة مغربية يومية، يدرك الفلسطينيون قدراتها قبل غيرهم.
وهو عنوان الثقة التي تأسست في المغرب وقت الحاجة والزمن الموحش..
الطريق الذي تسلكه المساعدات وهو معبر كرم أبو سالم، الذي يدشنه المغرب لثاني مرة بعد أن كان قد دشنه في مارس الماضي، وهو البلد الوحيد الذي استعمله في هاته المهمة النبيلة وهي خطوة تكشف قدرة المغرب كمخاطب ودوره وإسهاماته، والقبول بهذا الدور من أطراف الصراع كلها.. بعيدا عن المزايدات،..
هناك رسائل تتحدث عن نفسها..

الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 26/06/2024

التعليقات مغلقة.