تكشف أوضاع العديد من المناطق الجبلية والنائية التي تستمر في الظهور يوما عن يوم، والإشكالات المرتبطة بالتنمية في هذه المناطق بمختلف أبعادها، عن أهمية العمل على خلق وزارة خاصة بالعالم القروي، وإحداث لجن داخل مجالس الجماعات والمجالس الإقليمية والجهوية، يكتسي عملها بالفعالية والقدرة على الإنجاز.
وتعتبر عدد من المناطق بجهة سوس ماسة، التي عرفت الزلزال الأخير، الذي كشف ما تعانيه من تهميش في ضروريات الحياة، عندما يتعلق الأمر بالتعليم والصحة وبفك العزلة عن ساكنة هذه الجماعة وتلك، من بين المجالات الترابية التي تحتاج لمزيد من الاهتمام والعناية، وللجان منتجة على مستوى المجالس المنتخبة والإدارة الترابية، ويكفي هذا الإطار تسليط الضوء على نموذج مصغر، للوقوف على بعض أوجه الصعوبات التي تعترض المواطنين، كما هو الحال بالنسبة لساكنة جماعة توغمرت قيادة الفيض دائرة أولاد برحيل بإقليم تارودانت. هذه الساكنة التي بصمت في التاريخ المغربي بأحد أبنائها المهدي بن توغمرت أو المهدي بن تاومارت مؤسس الدولة الموحدية التي أعطت الكثير في وقتها لوطننا المغرب، وأصبح ذلك ملكا للتاريخ، لا يزال مكان تعبده بمرتفع جبلي المسمى بجبل جليز يزار من طرف الباحثين الأجانب والمغاربة على السواء.
تذكير وإضاءة لابد منهما، ونحن فقط بصدد المطالبة بفك العزلة عن ساكنة هذه الجماعة التي تتكون ساكنتها من أزيد من ستة آلاف نسمة، يخترقها نهر اداوليميت أرغن بين جبال شاهقة، انطلاقا من إيغرم، فجماعة امي نتيرت، الذي عندما يحمل بمياه الأمطار يفرض حصارا على الساكنة بين الفينة والأخرى لأسابيع… بحيث لو تم تشييد سدّ عليه لاستفادت منه سهول سوس، لكن فقط تصل مياهه الكثيرة والجارفة إلى نهر سوس الذي يقوم بدوره بإيصالها إلى البحر بأكادير ليشملها الضياع، ولفك العزلة على هذه الساكنة صيفا وشتاءا.
لقد تم عقد اتفاقية بين جماعة توغمرت وبين المديرية الإقليمية للمياه والغابات ومحاربة التصحر بمديرية إقليم تارودانت، وبموافقة المديرية الجهوية لجهة سوس ماسة، لتعبيد الطريق الرابط بين ساكنة جماعة توغمرت وساكنة جماعة امي نتيرت وجماعة النحيت و… على مسافة 14 كلم، لا منقذ لساكنة جماعة توغمرت كلما حلت فيضانات هذا نهر. وتجدر الإشارة إلى أن ثلاثة جمعيات قامت بإمضاء عقد الدراسة للطريق المشار إليه أكتوبر 2009 وتمت المصادقة عليها من طرف المديرية الجهوية للتجهيزات والنقل التابع لجهة سوس ماسة مارس 2012 والجمعيات المنجزة للدراسة، وهي جمعية أمزلو وجمعية تيلمزديغ وجمعية تاكراكرا.
وكان من المنتظر أن تستفيد ساكنة الجماعة، خاصة ساكنة دواوير امي نتالات، ايت واسافرار، تاوريرت، اكنسان، ايت كاحمان، ايت اوسليمان، ايت بلقاسم، تاكراكرا، تيكيضا. أبناء هذه الدواوير الذين لا يستفيدون حاليا من النقل المدرسي الرابط بينها وبين الإعدادية، بحيث يستيقظ المستفيدون منهم باكرا رفقة أحد رجالات القرية ويحملون معهم ما تيسر من الطعام ويعودون مساء، ومنهم من يستعملون الدواب في الألفية الثالثة، ناهيك عن كون تعبيد هذا الطريق «14 كلم» سيساعد على التواصل والاستفادة المتبادلة بين ساكنة «توغمرت» وبين ساكنة الجماعات المجاورة وبينها وبين السياحة الداخلية والخارجية، ويعتبر ممرا واقيا من نهر اداولميت أرغن الذي كثيرا ما أجبر الساكنة على ملازمة قراهم لشهر فأكثر.
والسؤال الذي يفرض نفسه هو، ما الجهة أو الجهات التي أوقفت تعبيد هذا الطريق بعد إنجاز الدراسة والمصادقة عليها، وبعد تخصيص حوالي مائة ألف درهم كميزانية أولية للطريق ؟ مع الإشارة إلى رسالة من رئيس المجلس القروي توغمرت للعمالة طلبا للدعم بتاريخ 4 نونبر 2021. ولابد من الإشارة إلى إبعاد القيادة من ساكنة توغمرت 6000 نسمة إلى قيادة الفيض دائرة أولاد برحيل أكثر من ثمانين كيلومترا، أفلا يستحقون تقريب الإدارة من المواطنين بإحداث قيادة توغمرت أو تحت اسم آخر ؟