بمجرد الإعلان عن فوز مسعود بزشكيان في السباق الرئاسي الإيراني، بنسبة 53.6 بالمئة من أصوات الناخبين، بحسب إعلان وزارة الداخلية الإيرانية، السبت 6 يوليو 2024، علت الأصوات الإيرانية الرّامية إلى ضرورة وفائه بالوعود التي طرحها خلال حملته الانتخابية، فيما قال عدد من المتابعين للشأن الإيراني إنه لن يكون قادرا على أي تغيير في ظل صلاحيات محدودة.
وكان بزشكيان تعهّد خلال حملته الانتخابية إلى «رفع القيود المفروضة على الإنترنت»، فيما أكّد معارضته التي وصفها بـ»الكاملة» لدوريات شرطة الأخلاق المكلّفة بالتثبّت من تقيّد النساء بإلزامية الحجاب، داعيا بذلك إلى تمثيل حكومي أوسع نطاقا للنساء، وللأقليات الدينية والإثنية، وأيضا بخفض التضخّم الذي يسجّل حاليا نسبة تقارب 40 في المئة.
أما على الصعيد الدولي، فقد تعهّد الرئيس الإيراني الحالي، بـ»علاقات بنّاءة مع واشنطن والدول الأوروبية، من أجل إخراج إيران من عزلتها»، وكذا بـ»بذل جهود لإحياء الاتفاق المبرم في العام 2015 بخصوص النووي الإيراني مع قوى دولية بينها الولايات المتحدة؛ وهو الاتفاق الذي كان يفرض قيودا على الأنشطة النووية الإيرانية، في مقابل تخفيف للعقوبات».
خلال مناظرة تلفزيونية مع منافسه السّابق وهو سعيد جليلي، اعتبر بزشكيان أن «إيران بحاجة إلى استثمارات أجنبية بـ200 مليار دولار»، مشيرا إلى أن «هذه المبالغ لا يمكن جذبها إلا بإعادة تفعيل العلاقات مع العالم».
من هو مسعود بزشكيان؟
مسعود بزشكيان، من مواليد 29 سبتمبر 1954. وخلال الحرب العراقية-الإيرانية عام 1980، كان مسؤولا عن إرسال الفرق الطبية إلى مناطق القتال، فيما نشط بدوره في العديد من العمليات مقاتلا وطبيبا، وعالج الجرحى في الجبهات القتالية.
هو الطبيب، الذي شغل منصب وزير الصحة، من عام 2001 إلى عام 2005، خلال ولاية الرئيس السابق، محمد خاتمي؛ ومنذ عام 2008 إلى الآن هو نائب برلماني.
لُغته الهادئة الخالية من نبرات التحدّي، جعلته يوصف في عدد من التقارير الإعلامية، بأنه «صاحب الأداء الضعيف» في كل من المناظرة الأولى والثانية، التي واجه فيها المرشحين المحافظين. فيما عبّر عدد من مؤيّديه، على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، عن إحباطهم من كونه ليس بارعا في الخطابة.
ركّز خلال حملته الانتخابية، الاثنين الماضي، على السياسة الخارجية والملفات الساخنة المتصلة بها، من قبيل: الاتفاق النووي، والعقوبات المفروضة على إيران، مبرزا أن «أزمات إيران ومشكلاتها الاقتصادية الداخلية لن تحل، إلا من خلال اعتماد سياسة خارجية منفتحة على العالم».
وأوضح أنه سيجعل إيران جزءا من حل قضايا العالم وليس جزءا من المشكلة، وقال: «سنعيد بناء إيران في المنطقة والعالم»، مشيرا إلى أن رغبته كبيرة في «إنهاء عزلة إيران».
أي صلاحيات للرئيس الإيراني؟
من المرتقب أن ينطلق الرئيس الإيراني الحالي، مسعود بزشكيان، في العمل وفقا للصلاحيات المخوّلة له، وهي القيام بإدارة المهام اليومية للحكومة، فيما يمكن له أيضا أن يكون له تأثير على نهج بلاده في ما يتعلق بالسياسة الخارجية والداخلية.
كذلك، فإنه لا يُرتقب من الرئيس الإيراني، أن يُحدث تغييرا في سياسة إيران بخصوص البرنامج النووي، أو دعم عدد من الجماعات في أنحاء الشرق الأوسط، حيث إن خامنئي هو من يُمسك بخيوط الشؤون العليا للدولة، وهو من يتخذ كافة القرارات الخاصة بها.
وبحسب وكالة «رويترز»، فإنه «على الرغم من استبعاد أن تؤدي الانتخابات الحالية في إيران إلى تحول كبير في سياسات البلاد، فإن نتائجها قد تلقي بظلالها على اختيار خليفة الزعيم الأعلى، آية الله علي خامنئي، البالغ من العمر 85 عاما، والذي يشغل المنصب منذ 1989».
للإيرانيين مطالب..
تردّي الوضع الاقتصادي، وارتفاع أسعار الوقود، والحريات العامة، مثل: الحجاب وشبكة الإنترنت، ناهيك عن التحدّيات الخارجية المحدقة بالبلاد.. هي جُملة من ما يشغل بال المجتمع الإيراني، خاصّة ممّن أدلوا بأصواتهم للرئيس الحالي بشكل رسمي، وهو مسعود بزشكيان.
ويقول الصحفي والمحلّل السياسي مزيار خسروي، إن «الرئيس المنتخب لم يتعهّد بإيجاد حل فوري للمشاكل في إيران»، مردفا: «صوّت الناس لبزشكيان لأنهم أدركوا أن مقاربته مبنية على التفاعل مع العالم، وهو نهج مختلف تماما عمّا تتّبعه الحكومة الحالية».
وأكّد خسروي في تصريح إعلامي سابق، على «وجوب ألا يتوقّع أحد أي تغيير جوهري في مقاربة إيران في ملف السياسة الخارجية».
وفي السياق نفسه، يؤكد عدد من المحللين والمتابعين للشأن الإيراني، أن «بزشكيان سوف يُواجه تحديات كبرى في بلاد يدير المحافظون فيها جُلّ مؤسساتها الحكومية»، في إشارة إلى كل من مجلس الشورى وغيره من المؤسسات الهامّة.