غير بعيد عن مقبرة الشهداء بالرباط، مقبرة أخرى تتشكل بمنطقة السانية الغربية حي المحيط، مقبرة لأحلام الساكنة وكرامتهم وكبريائهم، وهم يصطلون بنار جرافات السلطة، في شطط واضح لاستعمال العنف المنهج والمداهمة غير المبررة لهدم واقتلاع دور ومنازل ومحلات تجارية تفاعلت اجتماعيا على مدى 60 سنة، في وضع اقتصادي متوسط بالنظر إلى طبيعة الشرائح التي أثثت فضاء السانية وتناسلت في دروبها ومنعرجاتها ناسجة لحمة اجتماعية أفرزت فعاليات لها وزنها على كل الأصعدة، إلا أن كل الأحلام التي داعبت أفراد حوالي 40 عائلة وأصحاب محلات تجارية ومرائب للميكانيك والتلحيم، قد داهمتها جرافات عمياء تركت وراءها مواطنين عرضة للتشرد والمهانة كليا أو جزئيا، هؤلاء المواطنون لم يكونوا يوما ضد تجميل المدينة ولا ضد إعادة هيكلة مرافقها وبنيتها التحتية، بل كانوا، وباستمرار، راغبين في ذلك لكنهم وجدوا أنفسهم ضحايا صراعات بين مجلس المدينة ومجلس المقاطعة؛ هذه الصراعات التي أدت إلى استفراد الجرافات بمنازل الساكنة، ودخول المنتخبين في سبات غريب! هذه الكائنات التي لم تحرك ساكنا في الوقت الذي تتحرك فعاليات من الحي راغبة ومستعدة لحوار يفضي إلى حل يرضي كل الأطراف بدل استعمال القوة والتهديد لإخراج الساكنة من منازلها وإبعادها مجردة من كرامتها …
ما استعصى على الفهم هو الطريقة التي تم بها تطبيق القرار والفجاة في ذلك: – إخطار الساكنة يوم السبت وزحف الجرافات صبيحة الاثنين/ الشيء الذي يدعو إلى الاستغراب والتساؤل عمن المسؤول عن هذه «الملحمة المأساوية» وأسبوعا بعد عيد الأضحى وقبيل الإعلان عن نتائج الباكالوريا، مع ما يرافق ذلك من فرحة الأهل بأبنائهم، هذه الفرحة التي اغتالتها جرافات السلطة غير مبالية بمصائر الناس، والذين احتمى ويحتمي بعضهم بسور المقبرة المجاورة عل أنينهم تلتقطه آذان الموتى مادام الأحياء بلا سمع ولا بصر ولا بصيرة !
ما الذي يقع بحي المحيط السانية ؟ .. «مقتلعون نحن كالأشجار من مكانها، مهجرون من أمانينا وذكرياتنا»
الكاتب : مكتب الرباط
بتاريخ : 13/07/2024