محنتهم مع وقف الاستفادة المجانية من التغطية الصحية تعمّق آلامهم
لاتزال تبعات وقف استفادة العديد من الأسر من خدمات «أمو تضامن»، في إطار تحيين قاعدة البيانات، ترخي بوقعها عليهم وعلى مرضاهم، بعدما وجد الكثير من المعوزين أنفسهم مطالبين بتسديد واجبات الاستفادة من الخدمات الصحية التي تم تقديمها لهم خلال مكوثهم بمستشفيات، وذلك يوم الترخيص لهم بمغادرتها، أو بالنسبة للذين طرقوا أبوابها بحثا عن علاج، سواء تعلق الأمر بتدخل جراحي من مختلف المستويات أو من أجل تصفية الكلي، وهي العملية المعروفة بـ «الدياليز»، أو غير ذلك من التدخلات الطبية المختلفة.
وضعية جد مقلقة جعلت البعض في حالة تيه، خاصة بالنسبة لمرضى السرطان ومرضى الكلي، على سبيل المثال لا الحصر، الذين يتطلب وضعهم الصحي عدم تفويت حصص العلاج الأسبوعية، التي تتوزع ما بين حصتين وثلاث حصص، حسب وضعية كل مريض. ولا تقف معاناة المرضى جراء هذا القرار عند حدود توفير الواجبات المادية الخاصة بالعلاج، بل تشمل كذلك تدخلات صحية أخرى تتطلبها حالة المريض التي ترفع من فاتورة العلاج، الأمر الذي لن يكون في متناول الجميع وقد يؤدي إلى مضاعفات صحية وخيمة مفتوحة العواقب على كل الاحتمالات.
وعلاقة بالموضوع، أكدت مصادر صحية لـ «الاتحاد الاشتراكي» أن بعض المسؤولين عن مستشفيات عمومية لم يحرموا مرضى الدياليز من حصص التصفية وواصلوا تمكينهم منها، لدواعي إنسانية، رغم عدم توفرهم على التغطية الصحية المجانية، مشددين على أنه بالمقابل تحتسب هذه الخدمات على أساس أنها ديون يجب تسديدها في يوم من الأيام، وهو الأمر الذي يطرح أكثر من علامة استفهام، حول كيفية أجرأة الخطوة لاحقا، والجهة التي ستتحمل هذه النفقات التي هي عبارة عن ديون، بالرغم من نبل الخطوة، في غياب قرار رسمي «رحيم» مستلهم من روح وفلسفة الحماية الاجتماعية في بعدها الشامل؟
وأوضحت ذات المصادر أن المريض الذي يعاني من القصور الكلوي والذي يخضع لحصص «الدياليز» مطالب بمعدل كل ثلاثة أشهر بالقيام بتحاليل مخبرية، بموجبها يتم تعديل كمية «الإريثروبويتين» أو مكون الكريات الحمراء والحديد، وهما معا مسؤولين عن منع فقر الدم، ويتحدد بهما أيضا مستوى الكالسيوم والبوتاسيوم، إضافة إلى تحاليل تخثر الدم، وكذا الغدد كما هو الشأن بالنسبة للغدة الدرقية والغدة فوق درقية، فضلا عن الأشعة السينية، التي تمكّن من تحديد الوزن المثالي للمريض، وهي المسؤولة عن حجم المياه التي تصفى في كل حصة.
ويتم القيام بأغلب الفحوصات الإضافية، ذات البعد الصحي، إن لم يكن كلها، خارج أسوار المستشفى العمومي، وهو ما يعني ضرورة التوفر على سيولة مالية لتسديد واجباتها، والتي من بينها كذلك الفحص بالصدى أو ما يعرف بـ «الايكوغرافي»، فضلا عن فحوصات أخرى يكون المريض في حاجة لها كل ستة أشهر، ويتعلق الأمر بتخطيط القلب، و»الايكوغرافي» الخاص بالقلب، وغيرها من الفحوصات المهمة لتلقي العلاج، الأمر الذي من شأنه تهديد صحة وسلامة المرضى وأن يؤثر على جودة العلاجات المقدمة لهم.
محنة متعددة المستويات، يجد المرضى الذين أوصدت أبواب «أمو تضامن» في وجوههم أنفسهم أمام تبعاتها، وينتظرون منذ دخول قرار المنع حيز التنفيذ، والذي ترتفع شهوره يوما عن يوم، أن تتم مراجعته باعتماد بحث ميداني فعلي، كان من المفروض أن يتسم بالسرعة، لتصحيح ما يمكن تسميته بـ «الهفوة» بالنسبة للعديد من الأسر المعوزة التي حرمت من التغطية الصحية المجانية بـ «نقرة» تسببت لهم في الكثير من المعاناة والمشاكل؟