انتقلت أيامه من ثلاثة إلى خمسة في الأسبوع : إضراب قطاع الصحة يعمّق آلام المرضى ويزيد من معاناتهم

تصاعدت أصوات الاحتجاج منددة بما يعيشه القاطع الصحي العمومي خلال الأيام الأخيرة بقوة، وهذه المرة من حناجر المرضى وأسرهم، الذين لم يعودوا يجدون من يتحدثون معه في المؤسسات الصحية المختلفة والمستشفيات، سواء تعلق الأمر بالمراكز الصحية التي يقصدونها من أجل تلقيح أطفالهم أو لمتابعة عدد من الأمراض في إطار البرامج الصحية المختلفة بما فيها مراقبة وتتبع الحمل، أو على مستوى المستشفيات الإقليمية منها والجهوية وحتى الجامعية، هاته الأخيرة التي تقلّص عدد العاملين بها، مما جعل الخدمات الصحية تكون مشلولة في بعضها وتتسم بالضعف في أخرى؟
إضرابات متوالية خلقت مشاكل جمّة للمرضى، الذين كانوا ينتظرون مواعيد لمدة ليست بالهيّنة من أجل فحص بالأشعة أو رؤية طبيب مختص أو الخضوع لتدخل جراحي، فإذا باحتجاجات الشغيلة الصحية التي تطالب الحكومة بالاستجابة لملفها المطلبي، تؤخر مرّة أخرى هذه المواعيد وتؤجلها إلى موعد غير معلوم. معاناة استقت «الاتحاد الاشتراكي» بعضا من تفاصيلها من مجموعة من المواطنين، في عدد من المؤسسات الصحية، كما هو الحال بالنسبة لحالة السيدة «أمينة»، التي أخبرتنا ابنتها التي ترافقها بأنها كانت تنتظر يوم الاثنين الأخير لولوج المستشفى والمكوث به لفترة من أجل العلاج، لكن الإضراب وإن كان لم يوقف العمل بشكل كلي في هذه المؤسسة الصحية إلا أن عدد المهنيين بسببه كان قليلا في حين أن المرضى كانوا بكثرة الأمر الذي جعل المقبلين على «طبع أوراق الاستشفاء» يكون عددهم كبيرا جدا، مما إذ وبالرغم من حضورها في الساعة السابعة صباحا للمستشفى إلا انها وغلى غاية الرابعة والربع زوالا لم تتمكن من ختم الأوراق المطلوبة، وفي نهاية المطاف تأجل ولوجها للمستشفى إلى غاية الأسبوع المقبل.
وإذا كانت أمينة قد وجدت مخاطبا وأمكن لها معرفة موعد انطلاق رحلة العلاج، فإن فاطمة لم تتمكن من تلقيح رضيعها الذي رأى النور قبل مدة بلقاح «البي سي جي» المضاد للسل، الذي يمنح في الشهر الأول بعد ولادة المولود، ورغم ترددها على المركز الصحي القريب من محل سكناها، وفقا لتصريحها، فإنها في كل مرة كانت تجده مغلقا بسبب الإضراب مما جعلها في حيرة من أمرها لا تعرف ما الذي يمكنها القيام به. واقع فاطمة هذا كان هو نفس واقع سيدات أخريات، رضعهن كانوا في حاجة للقاحات ضد «الروتافيريس» الذي يقي من الإسهال، وضد السعال الديكي وغيرهما من اللقاحات المهمة، فما كان من المعنيات بالأمر، حسب تصريح سعاد للجريدة، إلا أن توجهن نحو العيادات لتفادي أي إشكال قد يترتب عن التأخير في أخذ اللقاح؟
وحمّل الكثير من المواطنين في تصريحاتهم للجريدة مسؤولية ما يقع للحكومة التي لم تقم بما يلزم من تدابير للحفاظ على حقهم في الصحة وفي العلاج، ولم تعمل على إيجاد حلول لمشاكل مهنيي الصحة ولمطالبهم، مما دفع الكثيرين إلى الاحتجاج أمام عدد من المؤسسات الصحية، وضمنها المستشفى الجهوي مولاي يوسف في الدارالبيضاء مؤخرا، في حين تجمهر آخرون وعبروا عن غضبهم الشديد أمام مراكز علاج مرض السل، ويتعلق الأمر بمرضى هم في حاجة لتسلم الدواء لمواصلة العلاج، أخذا بعين الاعتبار أن أي انقطاع قد يؤدي إلى الانتقال من حالة السل «العادي» إلى «السل المقاوم للأدوية»، وهي وضعية مثيرة للقلق، والتي لم تكن مقتصرة على مرضى السل، بل تم تقاسم مشاهد مسجلة بالفيديو مؤخرا لحالة احتجاج أمام أحد مراكز طب الإدمان، مما يبين على أن الوضع الصحي في القطاع العام هو معتلّ ويحتاج للعلاج، والمدخل لذلك هو الانكباب على إيجاد لمشاكل الموارد البشرية التي تم تشخيصها تشخيصا دقيقا ولا تحتاج إلا لتدخل ناجع يعيد إليها عافيتها، تقديرا لها على جهودها وضمانا لحق المواطنين في الصحة التي بات الولوج إليه مستعصيا!


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 18/07/2024