رغم ملايير الدراهم المخصصة لهذا البرنامج .. آلاف الدور المتداعية للسقوط تهدد سكانها بأن تتحول إلى قبور لهم

أعوان للسلطة يوزعون “قرارات جماعية” لإخلاء عدد منها بعد واقعة درب السلطان

أقدم عدد من أعوان السلطة في تراب عمالة مقاطعات الفداء مرس السلطان بمدينة الدارالبيضاء خلال الأيام الأخيرة، على تسليم قرارات جماعية لمجموعة من أرباب المنازل وللقاطنين بها على امتداد تراب العمالة، ولتي تدعوهم لإخلائها بدعوى أنها معرضة للتداعي والانهيار في أي لحظة.
وتزامنت هذه الخطوة مع حادث سقوط أربع منازل بتراب مقاطعة مرس السلطان التي لم يؤد انهيارها لحسن الحظ إلى وقوع خسائر بشرية، لكن الأمر خلق حالة من الخوف بسبب السيناريوهات القاتمة التي يمكن أن تحدث جراء تهاوي الدور “الهشّة” أرضا، مع ما قد يترتب عن ذلك من تبعات قد تصل إلى حدّ أن تتحول هذه المنازل إلى قبور لأصحابها وللمارة؟
وأكد عدد من المواطنين في تصريحات لـ “الاتحاد الاشتراكي” توصلهم بقرارات تؤكد منع استمرار سكنهم بمنازلهم، مشددة على ضرورة أن يفرغوها بشكل استعجالي، إذ تقرر أن يشملها الهدم الكلي من طرف مقاولة مختصة في مجال الهدم، لكن اللافت للانتباه أن بعض هذه القرارات تم تأسيسها على مراسلات للسلطة المحلية، منها ما يعود تاريخها إلى يناير 2021، وعلى تقارير لجان مختصة تم تحريرها في أبريل من نفس السنة، ثم مراسلات تذكيرية لمصالح الإدارة الترابية في شتنبر 2023، ليتم تحرير هذه القرارات في أكتوبر من السنة الفارطة، لكن لم يتم تسليمها إلا قبل أيام، وهو ما يبين وبالملموس التأخر الكبير للعملية الإدارية في التعاطي مع هذا الملف، والذي يمكن أن تترتب عنه خطورة كبيرة تعرّض سلامة المواطنين، إن بشكل مباشر أو غير مباشر، للضرر المفتوح على كافة الاحتمالات!
ووفقا لمعطيات رسمية فإن جهة الدارالبيضاء سطات توجد بها حوالي 17 ألف بناية مهددة بالانهيار، تليها جهة مراكش أسفي بحوالي 10 آلاف بناية، على سبيل المثال لا الحصر، وهو ما يعني بأن خطر الدور المتداعية للسقوط يحضر بقوة في عدد من الجهات والمدن، وعلى رأسها العاصمة الاقتصادية التي تعرف عدد من أحيائها تواجد منازل عتيقة تشكل خطرا على سكانها والمحيطين بها، مع الإشارة إلى معطى آخر، يتمثل في تصنيف دور أخرى لا تتطلب إلا إصلاحات جزئية ضمن لائحة المباني المهددة بالانهيار، وهو ما يجب أخذه بعين الاعتبار، لأن إغراق القوائم بدور “لا تشكل خطرا”، لن يؤدي إلا لمزيد من تعثر العملية وتأخير استفادة السكان المتضررين فعليا من شقق تندرج ضمن برنامج إعادة الإسكان.
وعلاقة بالموضوع، سبق خلال اجتماع تم عقده بولاية جهة الدارالبيضاء سطات شهر يناير من السنة الفارطة أن كشف أن عدد الدور الآيلة للسقوط في الدارالبيضاء يصل إلى حوالي خمسة آلاف منزل، يوجد العدد الأكبر منها بتراب درب السلطان، متبوعا بكل من آنفا والحي المحمدي، وهي الأحياء التي باتت تعرف تساقطا للمنازل بين الفينة والأخرى خاصة بعد تهاطل الأمطار وانقشاع الغيوم وظهور أشعة الشمس، التي يليها في عدد من المرات تهاوي منزل هنا أو هناك؟
وفي السياق ذاته، انتقدت تصريحات عدد من المواطنين للجريدة، طريقة تدبير هذا الملف، سواء تعلّق الأمر بهدم المنازل المهددة بالانهيار، لأن عددا منها تحول إلى بؤر لمختلف الممارسات الشائنة أو لمطارح للنفايات وغيرها، أو بإعادة إسكان قاطنيها الذين غادروها امتثالا للسلطات المختصة واستأجروا مساكن بكلفة أكبر بكثير مقارنة بما كانوا يسددونه، خاصة في أحياء مثل درب السلطان وغيرها، بعد “تعطيل” المادة 19 من القانون المتعلق بالمباني الآيلة للسقوط وتنظيم عمليات التجديد الحضري في بعض المناطق، فإذا بالمدة التي قيل لهم بأنها ستكون معدودة تطول وتتحول إلى سنوات، مع ما يعني ذلك من إثقال لكاهلهم بمصاريف مادية جد ثقيلة لم تكن في الحسبان أو هي ليست في المتناول، دون أن يشملهم قرار إعادة الإسكان بسبب التعثرات الإدارية والمالية التي تفرمل هذا البرنامج؟
وجدير بالذكر أن كلفة الميزانية المرصودة لمعالجة إشكالية الدور المتداعية للسقوط هي ليست بالهيّنة، إذ تتجاوز ملايير الدراهم، حيث سبق وأن قالت وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير في الحكومة السابقة في 2020 أنها بلغت 4.8 مليار درهم، علما بأنه على صعيد البيضاء نموذجا، تقوم المجالس المنتخبة هي الأخرى بين الفنية والأخرى بتخصيص مبالغ لهذا الغرض، كما هو الحال بالنسبة لمجلس العمالة في مارس من السنة الجارية الذي خصص مبلغ 30 مليون درهم على سنتين، لكن ورغم كل الأموال التي تضخ لهذه الغاية فإن الإشكال يظل حاضرا وبقوة؟


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 24/07/2024