احتفالا برباط المجاهدين 2/2 .. مظاهر سلبية تتحدى منظمي موسم مولاي عبدالله : اكتظاظ مروري، مأكولات لا تخضع للمعايير الصحية، لصوص وعاهرات وتجار مخدرات يعيثون فسادا فيه

 

على مستوى البناء والتشييد، فقد شهدت تيط في العهد الموحدي حركة عمرانية هامة، لعل من أبرز معالمها بناء سور ضخم حواليها، حتى غدت أشبه بقلعة محصنة. يفترض بعض الباحثين، في هذا الشأن، أن الشيخ أبا عبد الله محمد أمغار هو الذي شرع في بناء السور في فترة سابقة أو موازية لزمن تسوير مراكش. لكن ألغي مشروعه أو توقف إنجازه، ولم يتم تحقيقه إلا بعد أن أخمد عبد المومن، خليفة ابن تومرت، الفتنة في البلاد حوالي 543هـ/1148م. يؤكد الوارث
وأضاف «كان هذا التحصين من أسباب شهرة (مولاي عبد الله) أمغار، الذي نسب إليه الرباط دون سائر أهله، فسمي: رباط (مولاي عبد الله أمغار)، ولم يكن الرباط قلعة فقط وإنما حاضرة دينية وثقافية كذلك. شاهد ذلك وجود جامعين في الرباط، منذئذ، الأول هو الجامع القديم الذي شيده أبو جعفر إسحاق متصلا بداره، والثاني هو جامع (مولاي عبد الله). كما يؤثر عن هذا الأخير أنه حفر، في الجانب الشرقي من الجامع، بئرا جديدة، أضافها إلى البئر التي حفرها والده أبو جعفر إسحاق، لسد حاجة العدد المتزايد من السكان، مما رفع رباط آل أمغار إلى مستوى المدينة، ولو أنها ظلت تابعة إداريا وقضائيا لأزمور حاضرة دكالة. وثمة إشارات عدة عن الجباة الذين كانوا يفدون بكثرة على تيط لاستخلاص مستحقات الدولة، وأن أحد رؤساء صنهاجة طلب من الخليفة الموحدي الزيادة في قيمة المغارم على سكان تيط، لكن الخليفة رفض ذلك لكون المدينة تعتبر « موضع الشرفاء الصالحين قديما وحديثا»، مما يفيد حصول انتعاش في سبل العيش.
إلى جانب هذا وذاك، رباط تيط مدرسة عليا يتعلم فيها الطالب القرآن العظيم، ومسائل العقيدة والفقه، والمعارف المتعلقة بأمور المعاملات، واشتهرت على الخصوص بتدريس الموطأ والمدونة، حتى إن الرواية الشعبية ما زالت تردد أن رباط تيط كان يضم مائة مامّاس وماماس (مائة امرأة وامرأة) كلها تحفظ المدونة. أما الدليل على المستوى الصوفي الراقي زمن أبي عبد الله أمغار فهو تكوين ما يعرف في تاريخ التصوف المغربي ب: الطائفة الصوفية الأمغارية، نسبة إلى الشيخ أبي عبد الله أمغار نفسه. وقد ظلت هذه الطائفة نشيطة طيلة العهد الموحدي، وباتت تيط بفضلها مركزا صوفيا كبيرا، وصار لهذه الطائفة شعائرها وتقاليدها، يعرف بها أتباعها أينما حلوا وارتحلوا، منها ألوان مميزة لأعلامها. دون أن ننسى جلوس (مولاي عبد الله) في مكان خاص كان بمثابة محكمة للفصل في الخصومات والنظر في النزاعات.
توفي مولاي عبد الله أمغار حوالي الثلث الأخير من القرن السادس الهجري/12م، وقبره شهير جدا بتيط. لكن لا تعرف بالضبط بداية تنظيم الزيارة الجماعية المسماة: موسم مولاي عبد الله أمغار. إنما الأكيد أنها امتداد للزيارات التي كان يقوم بها مريدو الشيخ نفسه إبان حياته، إلى جانب الزوار من المحبين، والراغبين في التبرك بلقائه.
وعن إقامة موسم مولاي عبد الله امغار أكد الأستاذ الوارث أن الموسم، في شكله الحالي، ينظم دوما في فصل الصيف، في شهر غشت غالبا، ولا يقدم عنه أو يؤخر إلا إذا صادف شهر رمضان، ويدوم أسبوعا كاملا. ولعل أهم ما تميز به الموسم، بعد زيارة مقامات آل أمغار، هو ما يسمى: التبوريدة. وأهم ما يمكن أن نستحضره بالمناسبة هو: كتاب دلائل الخيرات وشوراق الأنوار في الصلاة على النبي المختار، الذي جمع فيه صاحبه الشيخ امحمد بن سليمان الجزولي المروي من ألفاظ الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، وعن غيره من فضلاء أمته، والاقتداء بهم…». نستحضره هنا لأن صاحبه، هو خريج رباط تيط، حيث مكث في صحبة شيخه أبي عبد الله أمغار الصغير، مدة بلغت أربع عشرة سنة، يتلو خلالها من بين ما يتلوه كتابه دلائل الخيرات، حتى كمل حاله.
وقد وافق رحيله عن الرباط اشتداد الغزو الإيبيري لسواحل المغرب، فانخرط وأتباعه في الأعمال الجهادية لتحرير الثغور المحتلة. و «كانوا مواظبين على (دلائل الخيرات…)، مستصحبين له تبركا به في حروبهم. ثم صار الكتاب حاضرا محتفى به في الأوساط الشعبية بالمغرب من خلال ما يعرف بالتبوريدة. إذ المعلوم أن الخيّالة بعد ارتدائهم للملابس الخاصة بالمناسبة يعلقون في أعناقهم محافظ تحوي من بين ما تحويه: كتاب دلائل الخيرات للشيخ الجزولي، تبركا وتيمنا وطلبا للحفظ والأمان من جهة، وتقليدا للمجاهدين في حربهم على البرتغاليين والإسبان، من جهة أخرى، وكأن في الأمر إعادةُ تمثيلٍ لتلك الملاحم الجهادية.
في المقابل يؤكد أحمد الوارث»لا نملك نصا يصف أنشطة الموسم، إلى حدود مرحلة الحماية الفرنسية على المغرب، من ذلك مراسلات تنقل أخبار هذا الموسم السنوي، في جريدة السعادة (Saada) الصادرة، زمنئذ، في الرباط. أولها مراسلة عنوانها: موسم الولي الصالح الشيخ مولاي عبد الله أمغار بقلم مكاتب الجريدة، في العدد2150، ليوم الجمعة 26-10-1920م /16 صفر1339ه، ص4، العمود الثاني والثالث. نصها: «لمولاي عبد الله أمغار مناقب كثيرة وكرامات شهيرة. وقد جرت عادة القبائل الدكالية الاحتفال بموسمه كل سنة. وفي الأسبوع الماضي وقع الاحتفال بهذا الموسم فاجتمع فيه عدد كثير من الناس وضربوا خيامهم على شاطئ البحر وجاء إليه قواد دكالة الشمالية والبعض من قواد دكالة الجنوبية بخيل جياد وسروج مزركشة وأقاموا به ستة أيام وهم ينزلون للميدان كل يوم ويظهرون من المهارة في اللعب على متون الخيل ما يعجب الحاضرين ويتحدث به الركبان. وفي أثنائه حضر هناك السادات الحكام بالناحية، وقد ختم والحمد لله بكل أمان ولم تقع فيه سرقة ولا مشاجرة ولا ما يكدر الصفاء، وما ذلك إلا من حسن الإدارة وتشمير القواد عن ساعد الجد في تنفيذ الأوامر المخزنية. نطلب من الله تعالى أن يعيد هذا الموسم وأمثاله بكل خير ورخاء وهناء تحت ظل مولانا السلطان أيد الله ملكه. آمين».
أخيرا، رغم تعدد المشايخ في رباط تيط، لايزال (مولاي عبد الله) يعد واسطة عقدهم، و» شيخ المشايخ من الإسكندرية إلى سوس الأقصى… «، كما يعقد موسم كبير يسمى باسمه في رباط لا يزال يحمل اسمه أيضا.
احتفالات الحصاد التي حولت مولاي عبد الله أمغار إلى أكبر تظاهرة وطنية
من يسمع عن موسم مولاي عبد لله أمغار، يخال إليه أن الأمر لا يعدو أن يكون موسما تقليديا كما يتصوره عامة الناس إلا أن الموسم السنوي الذي يجذب أكثر من مليوني زائر على مدى ثمانية أيام، على اعتبار أنه أكبر موسم في المغرب، أصبح في تطور مستمر من أجل بناء موسم يجمع بين ما هو ديني تقليدي ومراسم الفرجة والاحتفالات العصرية من خلال تنظيم محكم .فقد عرف انعقاده هذه السنة نصب أكثر من 30000 خيمة ويشارك فيه 2000 فارس وفرس منتظمين في أزيد من 120 سربة سيحضرها، بناء على تكهنات المنظمين، 50000 متفرج يوميا فيما سيزوره ما يناهز أربعة ملايين زائر، حسب نفس الخلية.
ويعتبر موسم مولاي عبد لله أمغار من أهم التظاهرات الدينية والثقافية على الصعيد الوطني، إذ شكل على مدى عشرات السنين لقاء سنويا لقبائل دكالة احتفاء بالولي الصالح مولاي عبد لله أمغار.
فإضافة إلى الطقس الديني المتبع، منذ سنوات طويلة، والذي ينطلق بتلقي الهبة الملكية ويمر عبر ذبح الذبيحة وصولا إلى توزيع الجوائز، أضيفت السنة الماضية مرافق جديدة للترفيه يحرص المنظمون على أن تناسب هذه المرافق جميع الفئات العمرية.
وتقوم طبقا لمعايير الشكل الجديد المستحدث في تنظيم المهرجانات، حيث تقوم اللجنة المنظمة بمهمة تنظيم الموسم بطقوسه وتقاليده وندواته الدينية وسهراته الفنية وتظاهراته بتنسيق مع السلطات الإقليمية وجماعة مولاي عبد لله أمغار.
ويروم المنظمون أن تكون الدورة الحالية التي انطلقت قبل أيام، أنجح دورات الموسم، وذلك عن طريق جذب أكبر عدد ممكن من الزوار، كما يسعون إلى جعل منصات الحفلات موازية لمنصات كبريات المهرجانات التي تنظم في المغرب اليوم، حيث من المتوقع أن يرتفع عدد الزائرين هذه السنة، وهو ما جعل موسم مولاي عبد لله أمغار يمر إلى مرحلة أخرى بناء على ما تم إنجازه طيلة السنوات الماضية من طرف المشرفين عليه « الشركة، الجماعة، المجلس الإقليمي والشركاء»،
وتهدف الاستراتيجية العامة للتنمية الثقافية بالجديدة، إلى إعادة الموسم إلى طبيعته الأصلية، على اعتبار أنه موسم ديني، وكذلك اعتبارا أن قلعة مولاي عبد لله كانت ومازالت محجا للعلماء والمريدين الذين كانوا يتوافدون عليه. وتم إغناء البرامج الدينية والعلمية كما تم استحداث مسابقات واستشارات دينية لفائدة الزوار، الهدف منها خلق فضاء للحوار مع اعتماد أسلوب جديد في اختيار المواضيع وطرق معالجتها.
وتسعى الجهة المنظمة، خلال هذا الموسم، إلى العمل على تكريس أسلوب الاحترافية الذي انتهجته منذ سنوات، والذي سهرت على تطويره بما يتناسب مع هذه التظاهرة التي تعتبر الأكبر من نوعها على الصعيد الوطني. ولهذه الغاية تم وضع كناش تحملات خاص بالجانب الإعلامي والتواصلي والتنشيطي فضلا عن البرنامج الديني وبرنامج فنون..

أكثر من 1500 أمني يؤمنون الموسم

لموسم مولاي عبد لله أمغار إشعاع وطني كبير أمام الركود الذي تعرفه المنطقة طيلة السنة، ويصادف انعقاده هذه السنة نقص حاد في المحصول الزراعي، ويتميز موسم هذه السنة بتوفره على بنية تحتية لا بأس بها كوفرة الطرق المعبدة الموزعة بين أرضية الموسم، مما يسهل عملية التنقل عكس السنوات الأخرى السالفة… ووفرة الإنارة العمومية حيث تم نصب كاشفات الضوء وتوفير المياه الصالحة للشرب بشكل لا مركزي، كما تم توزيع صنابير المياه بكل أرجاء الموسم. كما أن الأشغال التي تجري على قدم وساق ستؤهل مركز مولاي عبد لله أمغار ليكون من بين أهم المراكز السياحية بالإقليم
ويبقى السير والجولان نقطة سوداء خلال انعقاد موسم الولي الصالح مولاي عبد لله، نظرا للسرعة المفرطة التي ينهجها أصحاب سيارات الأجرة والحافلات، مما يتسبب في حوادث السير وإرباك حركة المرور، حتى أن الذهاب إلى مولاي عبد لله أثناء انعقاد الموسم يصبح محفوفا بالمخاطر. وإذا كان مسؤولو الموسم يعتبرون في خطاباتهم أن موسم مولاي عبد لله موسم ديني لإعادة إحياء حلقات الذكر وتعليم علوم الدين وممارسة التصوف، فإنه أيضا فرصة للصوص والعاهرات وتجار المخدرات والمشروبات الكحولية ومرتعا لارتكاب جرائم الشرف رغم المجهودات التي تقوم بها الجهات الأمنية الموكول لها أمن الموسم.
اعتمدت القيادة الجهوية للدرك الملكي للجديدة، استراتيجية أمنية محكمة، يساهم فيها حوالي 1500 دركي، ضمنهم من يعملون لدى المقاطعات الدركية، التي تم توزيعها على تراب الموسم؛ والمركز القضائي، ومركز البيئة، وكوكبات الدراجات النارية، والتعزيزات والدوريات المختلطة، المعبأة، ناهيك عن الاستعانة بطائرات مسيرة من نوع «درون»، لتأمين وتعزيز الحماية المقربة.
هذا، وقد ارتفع حاليا عدد الدركيين الذين يزاولون مهامهم في كل مقاطعة من المقاطعات الثمانية بموسم مولاي عبد الله، في ظل الإنزال والتعزيزات الأمنية غير المسبوقة، إلى ما بين 30و40 دركيا، بعد أن كان هذا العدد يتراوح، قبل سنتين ما بين 7 أو 9 دركيين. وما يضمن السرعة والنجاعة المتوخاة، التدخلات الدركية والأمنية التي تؤمنها الدوريات الراكبة والراجلة في فضاءات الموسم، طولا وعرضا، وليل – نهار، على امتداد 24 ساعة / 24 ساعة.
ومن جهة أخرى، قد ساهمت الإنارة العمومية وتعميم «البروجيكتورات»، التي وفرتها السلطات الجماعية والجهات المعنية في فضاءات الموسم، وعلى طول شارعه الرئيسي، الممتد على الشاطئ الصخري، والشوارع المتفرعة عنه، وفي «المحرك»، وعلى مقربة من الضريح، من توفير الأجواء الملائمة للمواطنين وزوار الموسم مغاربة وأجانب، لمتابعة فعالياته، التي توصل، في ظروف جيدة، النهار بالليل، والليل بالنهار…

بعض المعروضات في حاجة إلى رقابة

مولاي عبد لله لابد له أن يبرمج تناول وجبة لحم مشوي تحت خيام مهترئة مصحوبا بشاي منعنع في أواني لا تحمل من ذلك سوى الاسم لتكتمل هذه الوجبة بهجمة شرسة للذباب المنتشر في كل مكان… وإذا كانت المنطقة المخصصة للمشويات من بين أكبر المناطق داخل الموسم، فإن أصحاب العربات المدفوعة التي حولها أصحابها إلى ما يشبه محلات الأكلات الجاهزة يعرضون هم أيضا ما يشبه النقانق وما يشبه اللحم المفروم. وأشياء أخرى تشم منها فقط رائحة اللحم دون أن تستطيع التوصل إلى محتواها. والغريب أن هذه المعروضات العجائبية تتناولها شرائح متعددة من الزوار، فهي في متناول الجميع. والغريب في هذه المأكولات أنها لا تخضع لأي معيار صحي أو مراقبة طبية، فأصحابها ومتناولوها لا يعرفون شيئا اسمه مكتب حفظ الصحة أو المراقبة القبلية لهذه المواد من طرف مختصين، مما يؤكد أن لا مجال بموسم مولاي عبد لله (للتحكار) في تناول المواد الغذائية، فالولي الصالح يحفظ الزائرين من كل داء…؟!
كما أن للصبار «الكرموس الهندي» مكانة خاصة رفقة الحريرة والشاي والبيض حيث يعتبر طعام الفقراء، إذ يقبل عليه العديد من الزوار كوجبات أساسية.
أصوات موسيقية شعبية تملأ المكان وتتخللها أدخنة كثيفة متصاعدة من محلات الشواء والأكلات الخفيفة. طلقات البارود وألوان من الفولكلور والفنون الشعبية تصدر أصواتها من جميع الاتجاهات. أضواء عجلات السيرك الضخمة وخيم الألعاب البهلوانية تتلألأ من بعيد فتلبس المنطقة ألوانا مزركشة تخفي بياضها الذي فرضته خيام الزوار «مقاه» و»مطاعم» تصدح بموسيقى الشيخات والأجواق وباعة الأشرطة السمعية البصرية هنا وهناك، فتختلط الموسيقى بأصوات الحلايقية والباعة الذين يعرضون، تحت أضواء قنينات الغاز، سلعهم على الزوار مستخدمين مكبرات صوت قوية… أصناف عديدة من المأكولات والحلويات والمشروبات وألعاب سرك بهلوانية عديدة وطاولات القمار، إلى جانب حلقات أخرى في علم التنجيم والتنبؤ بالغيب تصيبك بالذهول. هذا هو مولاي عبد الله أمغار في جانبه الخفي.

الجانب الشرعي حاضر بقوة في الموسم

مشهود لرباط تيط بغزارة العلم و المعرفة نظرا للعلماء والرجال المتصوفين الزاهدين، الذين تتلمذوا على الشيخ مولاي عبدالله أمغار، و عليه فسيشرف المجلس العلمي المحلي للجديدة بتنسيق مع المندوبية الإقليمية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، على تأطير مجموعة من الدروس الدينية لزوار الموسم، مع تنظيم مسابقات قرآنية وليلة المديح والسماع، وقد اشتهر الشيخ مولاي عبد الله أمغار بغزارة علمه وسعة اطلاعه وكانت تتوافد عليه الوفود برباط تيط من كل حدب و صوب لاستشارته والتزود بنصائحه و أغلب الأولياء و الصالحين بساحل دكالة من تلامذته أو تلامذة أولاده وأحفاده. للأمغاريين مكانة بارزة في التصوف المغربي، فسند مولاي عبد الله هو امتداد لسند أبي شعيب أيوب سعيد (السارية) والجنيد ثم الشاذلي بواسطة أبي يعزى فأبي مدين فعبد الرحمان المدني الزيات وابن مشيش.كما يعتبر موسم مولاي عبد الله واحدا من أهم التظاهرات الدينية و الثقافية على الصعيد الوطني. ينظم منذ مئات السنين برباط تيط (مركز مولاي عبد الله حاليا) من طرف قبائل دكالة احتفاء بالولي الصالح مولاي عبد الله أمغار.

حضور دائم للقواسم البيازة

يشارك هذه السنة، حسب آخر إحصاء للجنة المنظمة، ما يناهز الألف وخمسمائة فارس من مختلف الجهات، إلا أن لدكالة حصة الأسد بما يقارب النصف، إضافة إلى فرقة نسائية التي تعتبر الأبرز على المستوى الوطني،، فضلا عن مشاركة فرقة أطفال تنتمي هي الأخرى لجهة دكالة، حيث أن الانطباع السائد هو أن الفروسية التي يتابعها عدد لا يستهان به من الزوار المحليين والأجانب، تولد فرجة راقية وممتعة تعجز خرافات أخرى عن تحقيقها رغم ما ينفق عليها من ميزانية.
وإذا كان البارود وحده يكسر صمت مولاي عبد لله خلال النهار، فإن ليله هو الآخر يحول ملعب الفروسية إلى مكان لنصب طاولات القمار، وكراء الدراجات النارية والعادية وإقامة الحلقات التي كان مولاي عبد لله يتميز بها، إلا أن السنوات الأخيرة عرفت غياب العديد من روادها إما بسبب الوفاة أو المرض، كما هو الحال بالنسبة للطاهر زعطوط وولد قرد وغيرهم الذين ظلوا لسنوات طويلة روادا من روادها والفكاهيين الذين يتابع سردهم المئات من المواطنين ولم ينتبه لهم أي أحد لا من المسؤولين ولا المجتمع المدني أثناء مرضهم.
الصقر ملح الموسم
يشارك هذه السنة فريق من الشرفاء القواسم المشهورين على الصعيد الوطني والدولي بتربية الصقور الخاصة بالصيد وترويضها، حيث يقومون بتنشيط الجمهور الذي يتابع فقرات الموسم بأكثر من عرض يوميا… وهي العروض التي يتابعها العديد من المغاربة والأجانب. إلا أن الغريب في أمر القواسم أنهم يتحملون وازرة حضور الموسم من مالهم الخاص أو بناء على العطايا التي يقدمها أبناء المنطقة ممن لهم غيرة على تربية الصقور السائرة في طريق الانقراض.
على صوت البارود وأنغام الطرب الشعبي، انطلق موسم هذه السنة الذي شاركت فيه إلى حدود يوم الاثنين الماضي تاريخ إنجاز هذا «الروبورطاج» أكثر من 120 سربة من أجود الخيول المغربية، حيث أتحفت الناظرين بألعاب نارية نالت إعجابهم وتصفيقهم.


الكاتب : إنجاز: مصطفى الناسي

  

بتاريخ : 14/08/2024