حسناء فيريرا،‮ ‬مغربية تطوع قطع الشوكولاتة

 

«‬كان لي‮ ‬الشرف أن أجعل من حلمي‮ ‬شغفي‮ ‬وأيضا مهنتي‮». ‬بهذه الكلمات،‮ ‬تعبر حسناء فيريرا عن فخرها بمسيرتها الفريدة التي‮ ‬مكنتها من اقتحام النادي‮ ‬المختار لصانعي‮ ‬الشوكولاتة في‮ ‬فرنسا‮.‬
وتدير حسناء حاليا علامتين تجاريتين في‮ ‬مدينة بوردو بجنوب‮ ‬غرب فرنسا،‮ ‬وتسعى لتوسيع أعمالها دوليا،‮ ‬وخاصة في‮ ‬الدار البيضاء،‮ ‬مسقط رأسها‮. ‬وتقول في‮ ‬حديثها لوكالة المغرب العربي‮ ‬للأنباء إنها جربت‮ «‬العديد من المهن‮» ‬بعد وصولها إلى فرنسا قبل أن تجد‮ «‬طريق الشوكولاتة‮».‬
وأضافت صانعة الشوكولاتة المغربية،‮ ‬وهي‮ ‬أم لطفلين‮: «‬اخترت هذه المهنة لأنني‮ ‬ذواقة وأقدر هذه المادة التي‮ ‬أعتبرها رائعة‮».‬
لكن‮ «‬المحفز الحقيقي‮»‬،‮ ‬كما تقول،‮ ‬جاء مع ولادة ابنتها الكبرى،‮ ‬حيث دعمها زوجها الذي‮ ‬كان‮ ‬يعمل مصمم جرافيك في‮ ‬مسيرتها،‮ ‬ولم‮ ‬يتردد في‮ ‬الانضمام إليها في‮ ‬هذه المغامرة العائلية مساهما في‮ ‬تصميم العبوات التي‮ ‬تحتضن إبداعاتها‮.‬
وفي‮ ‬إطار البحث عن تغيير مهني،‮ ‬كانت حسناء،‮ ‬التي‮ ‬بدأت مسيرتها كعارضة أزياء،‮ ‬مترددة بين أن تصبح طاهية أو تعمل في‮ ‬مجال الأزهار،‮ ‬مدفوعة برغبتها في‮ ‬استكشاف‮ «‬منتج نباتي‮». ‬لكن في‮ ‬عام‮ ‬2012،‮ ‬استقرت على عالم الشوكولاتة بعد مشاركتها المميزة في‮ ‬برنامج‮ «‬ماستر شيف‮»‬،‮ ‬مسابقة الطهاة الهواة ذات الجمهور الواسع على التلفزيون الفرنسي‮.‬
وتقول حسناء‮ «‬كنت قد أنجبت ابنتي،‮ ‬ولم‮ ‬يكن من الممكن التوفيق بين العمل في‮ ‬المطاعم وحياة الأمومة الجديدة‮. ‬في‮ ‬النهاية،‮ ‬شغفي‮ ‬بالشوكولاتة حسم قراري‮ ‬المهني‮».‬
ومن مشاركتها في‮ «‬ماستر شيف‮»‬،‮ ‬تتذكر حسناء تلك التجربة باعتبارها‮ «‬تجربة جميلة‮» ‬حيث كانت أول احتكاك لها بفن الطهي‮ ‬الفرنسي،‮ ‬قبل أن تحصل بعد عام على شهادة الكفاءة المهنية في‮ ‬صناعة الشوكولاتة والحلويات‮.‬
وأشارت إلى أن المسابقة مكنتها من‮ «‬تعلم المزيد عن كيفية فهم النكهات والمذاق‮» ‬في‮ ‬فرنسا،‮ ‬البلد المعروف عالميا بفن الطهي‮ ‬وأسلوب الحياة‮.»‬لقد كانت تجربة‮ ‬غنية جدا بفضل التواصل مع متسابقين آخرين ومحترفين‮»‬،‮ ‬تضيف حسناء التي،‮ ‬بعد فترات تدريب مع أبرز صانعي‮ ‬الشوكولاتة الفرنسيين،‮ ‬أطلقت في‮ ‬عام‮ ‬2014‮ ‬علامتها الخاصة في‮ ‬بوردو‮:
(‬Hasnaâ Chocolats GrandsCrus‮(.‬
وسرعان ما صنعت حسناء لنفسها اسما في‮ ‬المجال،‮ ‬وحظيت بتقدير نظرائها في‮ ‬فرنسا‮. ‬وفي‮ ‬عام‮ ‬2016،‮ ‬حصلت على جائزة أفضل صانعة شوكولاتة للسنة،‮ ‬والتي‮ ‬تعادل ثلاث نجوم ميشلان في‮ ‬مجال الشوكولاتة،‮ ‬ثم توالت الجوائز الرفيعة بعد ذلك‮.‬
ورغم كل تلك الجوائز،‮ ‬تظل جائزتا‮ «‬نساء الاقتصاد‮» ‬التي‮ ‬تكرم رئيسات المقاولات في‮ ‬فرنسا،‮ ‬و«جائزة مغاربة العالم‮» ‬التي‮ ‬حصلت عليها هذا العام في‮ ‬مراكش،‮ ‬الأقرب إلى قلبها‮.‬
فما هو إذا سر نجاحها؟ تقول حسناء إنه‮ ‬يرجع بالأساس إلى أصالة إبداعاتها وتميز نهجها في‮ ‬التعامل مع المادة الخام‮.‬
وأوضحت صانعة الشوكولاتة،‮ ‬التي‮ ‬تروج لفلسفة‮ «‬من الحبة إلى اللوح‮» ‬Bean to bar‮«‬،‮ ‬أن‮ «‬النهج الذي‮ ‬أردت تقديمه من خلال تأسيس شركتي‮ ‬هو إبراز طابع الشوكولاتة الطبيعي‮ ‬وتقدير المادة الخام النبيلة دون تشويهها كثيرا‮».‬
وتعد شركتها واحدة من القلائل التي‮ ‬تصنع جزءا كبيرا من إنتاجها مباشرة‮ «‬من الحبة إلى اللوح‮»‬،‮ ‬مع الحرص على عدم إضافة أي‮ ‬مواد قد تؤثر على طبيعة الشوكولاتة‮. ‬ويأتي‮ ‬الكاكاو المستخدم في‮ ‬وصفاتها من أسواق مشهورة في‮ ‬أمريكا اللاتينية‮ (‬البرازيل ونيكاراغوا وبيرو‮)‬،‮ ‬وكذلك من آسيا‮ (‬الفلبين والهند‮) ‬وإفريقيا‮ (‬أوغندا وتنزانيا‮)‬،‮ ‬وهي‮ ‬مناطق وثقافات استطاعت اكتشافها بفضل الشوكولاتة‮.‬
بالإضافة إلى الألواح‮ «‬من الحبة إلى اللوح‮»‬،‮ ‬التي‮ ‬تعد منتجات مميزة لعلامتها،‮ ‬توسع عرضها ليشمل مجموعة كلاسيكية من حلوى الشوكولاتة والغاناش والبرالين،‮ ‬فضلا عن مجموعة من الحلويات مثل الفواكه المسكرة المغطاة بالشوكولاتة والدهنات،‮ ‬ومنها واحدة تعتمد على زيت الزيتون المغربي‮. ‬فهي‮ ‬طريقة تقديم لمسة مغربية في‮ ‬إبداعاتها التي‮ ‬يقدرها زبائنها الأوفياء في‮ ‬بوردو،‮ ‬والذين‮ ‬يثمنون جرأتها في‮ ‬دمج مكونات تعكس أصولها مثل الكزبرة واليانسون‮.‬
وترى حسناء أن هذه الرغبة في‮ «‬استرجاع ذكريات الطفولة‮» ‬لابتكار منتجات جديدة أمر طبيعي‮ ‬للغاية،‮ ‬قائلة‮: «‬عندما أتعامل مع منتج ما،‮ ‬يعود ذهني‮ ‬تلقائيا إلى ذكريات الطفولة‮. ‬هذه المكونات محفورة في‮ ‬ذاكرتي‮. ‬لذلك لا أستطيع العمل على وصفات دون دمجها‮».‬
وتخطط حسناء لابتكار‮ «‬إبداعات خاصة‮» ‬لافتتاح متجرها الجديد في‮ ‬الدار البيضاء،‮ ‬الذي‮ ‬تأمل أن‮ ‬يتم افتتاحه بحلول نهاية العام أو في‮ ‬ربيع‮ ‬2025‮ ‬على أبعد تقدير،‮ ‬وهي‮ ‬فترات الذروة في‮ ‬بيع الشوكولاتة‮.‬
وتعتمد على هذه المنتجات الجديدة،‮ ‬التي‮ ‬تحتوي‮ ‬على الأركان وزهر البرتقال والتمر،‮ ‬لإثراء مجموعتها ولتسويقها في‮ ‬كل من فرنسا والمغرب‮. ‬كما تعمل على تطوير ألواح شوكولاتة مبتكرة،‮ ‬بما في‮ ‬ذلك واحدة تحتوي‮ ‬على‮ «‬كعب الغزال‮»‬،‮ ‬والتي‮ ‬لا تزال في‮ ‬طور التصميم‮.‬
ومع اقترابها من استكشاف أسواق جديدة،‮ ‬بما في‮ ‬ذلك اليابان والولايات المتحدة،‮ ‬تؤكد حسناء أن طموحاتها‮ «‬ليست مجرد طموحات مالية أو اقتصادية‮»‬،‮ ‬بل إن استراتيجية شركتها تستند أولا إلى‮ «‬الشغف والرغبة في‮ ‬تطوير الشركة بطريقة مستدامة ومستقرة لمواجهة تحديات الحياة‮».‬
وهذا الإيمان‮ ‬يسمح لها بمواجهة المستقبل بثقة والشعور بأنها اتخذت القرار المهني‮ ‬الصحيح‮.‬
وتؤكد حسناء في‮ ‬هذا الصدد‮: «‬الشوكولاتة هي‮ ‬المادة التي‮ ‬أعادتني‮ ‬إلى حب العمل،‮ ‬وفتحت لي‮ ‬أبوابا لم أكن أتصورها‮. ‬من خلال العمل في‮ ‬الشوكولاتة،‮ ‬لم أكن أتوقع أن أكتشف العديد من البلدان وأتعلم الكثير‮».‬
وتختم صانعة الشوكولاتة المغربية قائلة‮: «‬إذا كان لدي‮ ‬شيء لأقوله لمن‮ ‬يبدؤون مشروعا جديدا أو‮ ‬يغيرون مهنتهم،‮ ‬فهو أن‮ ‬يواصلوا الإيمان بأنفسهم،‮ ‬والأهم من ذلك أن‮ ‬يكونوا متوافقين مع قيمهم الشخصية‮. ‬هذا مهم جدا لأن الزبناء‮ ‬يقدرون هذه الصدق والنزاهة‮».‬


الكاتب :  آمال التازي

  

بتاريخ : 20/08/2024