الشاعر أمال حجي يغادرنا وفي دمه قصائد تلوح من بعيد

 

غادرنا منذ يومين، الشاعر والمناضل المغربي أمال حجي، وصديق الملحق الثقافي لجريدة «الاتحاد الاشتراكي» حيث كانت آخر قصيدة منشورة له بالملحق في منتصف هذه السنة بعنوان «شيماء».
شغل الشاعر أيضا مهام ديبلوماسية بكل من بيروت والقاهرة وبعض البلدان الإفريقية قبل أن يعود إلى مدينة سلا ليواصل حلمه ببناء مجتمع الديمقراطية والعدالة والكرامة.
في تأبين صديقه الراحل، كتب الكاتب أحمد نشاطي :
«مات الرفيق أمال حجي وأوراق الشعر مبعثرة بالقرب من جثمانه، مات الثّمل دائما بلوثة الشعر، منذ كنا شبابا يافعا ينظم الأمسيات الشعرية ليقول للعالم إن لدينا مبدعين، وليلتقط بعض الأنفاس من وعثاء المسير في الحلم بالثورة من أجل الديمقراطية الذي كان يتملّكنا…
كان يتحدى المرض ويلغي الخوف من الموت من حسبانه، فنتواعد ونلتقي في مقهى شاردة قرب محطة القطار سلا المدينة، ليراود الشعر، ونصقل النسخة النهائية لديوانه الشعري الثاني، الذي يحمل عنوان «أنا الإله الجبار في العشق.. وأنتِ كاهِنَتي، فيه»..
ظل أمال، اليوم كما كان، ذلك الحالم بالحب والثورة ومجد العنفوان، لطالما تأبط حبه وعاش في عدد من البلدان، في العمل الديبلوماسي، الذي أبلى فيه بلاء حسنا من لبنان ومصر إلى بلدان أفريقية، وفي ساحل العاج، حكاية طويلة مع الحرب والانقلاب أبَان فيها شاعرنا وفقيدنا ورفيقنا أمال حجي عن شجاعة قل نظيرها.
بقي هناك رغم القلاقل والهزات حيث لا صوت كان يعلو فوق صوت النار… وفي كل ذلك، كان مناضلا، وبقي مناضلا، ومات مناضلا حالما بالحرية والدمقرطة والعدالة والكرامة والتقدم والتنمية…
ومن بيروت إلى القاهرة إلى أبيدجان إلى سلا اليوم، ظل أمال حجي يتنفس الشعر، يسكر بالشعر، يتحدث بالشعر، ورغم مرضه، كان يتحامل على نفسه، ويعاند آلة التنفس التي يحملها معه خارج البيت».
وقد سبق للشاعر الراحل أن أصدر ديوانه الأول: «ديدان تقتات من أشيائي السفلى»، هذه السنة ووقعه بالدورة الأخيرة للمعرض الدولي للكتاب بالرباط (2024) يومي 16 ماي و19 منه.
يقارب ديوان «ديدان تقتات من أشيائي السفلى»، أدق القضايا الوجودية على المستوى النفسي، مشحونة بتراجيديا إنسانية، ومصحوبة بأقصى درجات التشاؤم، الموت، الفقد، النسيان التام للعالم الخارجي وعدم الاعتراف به أصلا. أيضا، تصادم الروح والعدم، وغياب أي رغبة في المقاومة، بل وأي استعداد لمواصلة الحياة.
تتخلل القصائد من فينة لأخرى حالات من الانتفاض الداخلي، ومحاولة القبض على خيوط الجمال والخيال السردي، في شكل مقاومة، قد تمنح شكلا من الشرعية لمواجهة التآكل الداخلي، ومواصلة الرقص و»الهذيان» بين الحروف والكلمات.
رحل الشاعر حجي وفي جارور الحلم، ديوانه الثاني “أنا الإله الجبار في العشق.. وأنتِ كاهِنَتي، فيه” الذي انتهى من مراجعته في يوليوز الماضي 2024، لكن القدر لم يمهله لينهي إعداد ديوانه الثالث «التراكتاتوس”  الذَّبَّاح»، في غشت الجاري…
تعازينا الحارة لعائلته الصغيرة والكبيرة في هذا الفقدان الجلل. وإنا لله وإنا إليه راجعون.


بتاريخ : 26/08/2024