الناتج الخام للفرد المغربي لا يتعدى 3600 عوض 16 ألف دولار التي حددها النموذج التنموي

الهوة الشاسعة بين الجهات في خلق الثروة تسائل السلطات حول مصير «الجهوية المتقدمة»

 

يكشف التقرير الذي أنجزته المندوبية السامية للتخطيط عن الحسابات الجهوية لسنة 2022 أن الاقتصاد الوطني مازال أبعد ما يكون عن خلق التكافؤ في إنتاج الثروة والقيمة المضافة سواء بين الجهات أو عبر الأفراد، حيث ما زال الناتج الداخلي الخام للفرد بعيدا كل البعد عن الأهداف التي رسمها النموذج التنموي الجديد الذي يطمح إلى بلوغ 16 ألف دولار في أفق 2035، في حين أن الناتج الداخلي الخام للفرد لا يتعدى اليوم 3630 دولار (أي 36284 ألف درهم)
الناتج الخام للفرد المغربي بعيدا عن 16 ألف دولار فلأن تحقيق هذا الرقم مشروط بعدة متطلبات غير متوفرة اليوم من بينها على الخصوص تحقيق نسبة نمو سنوية متوسطة تفوق 6 في المائة، في حين أن الاقتصاد الوطني في ظل هذه الحكومة يحقق معدلات نمو جد ضعيفة، وهو ما يجعل المغرب عاجزا حتى الآن عن خلق التحول نحو اقتصاد منتج ومتنوع يخلق القيمة المضافة ومناصب شغل ذات الجودة، عبر تأمين المبادرة المقاولات وتوجيه الفاعلين الاقتصاديين نحو الأنشطة المنتجة، وإحداث صدمة تنافسية، وإرساء إطار ماكرو اقتصادي في خدمة النمو.
ويزداد التفاوت حدة إذا تم أخذه في السياق الجهوي. فعلى الصعيد الوطني، فقد سجلت خمس جهات ناتجا داخليا إجماليا حسب الفرد يفوق المعدل الوطني، ويتعلق الأمر بكل من جهة «الداخلة-وادي الذهب» (80996 درهم)، جهة «العيون-الساقية الحمراء» (71246 درهم)، جهة «الدار البيضاء-سطات» (54997 درهم)، جهة «كلميم-واد نون» (44432 درهم)، جهة «الرباط-سلا-القنيطرة» (43124 درهم). أما في باقي الجهات، فقد تراوح الناتج الداخلي الإجمالي الجهوي للفرد بين 22730 درهم، مسجلا بجهة «مراكش-آسفي»، و35641 درهما بجهة «طنجة-تطوان-الحسيمة». وقد عرف تشتت الناتج الداخلي الإجمالي حسب الفرد انخفاضا طفيفا، إذ انتقل متوسط الفارق المطلق من 14617 درهم سنة 2021 إلى 14552 درهم سنة 2022.
ويفضح تقرير الحسابات الجهوية الهوة الشاسعة في خلق الثروة بين الجهات ، وهو ما يسائل السلطات حول أسباب فشل تنزيل «الجهوية المتقدمة» التي كان من المفروض أن تخلق نوعا من التوازن في توزيع الثروة إنشاء واستهلاكا، حيث أظهرت الحسابات الجهوية لسنة 2022 تباينا لمعدلات نمو الناتج الداخلي الإجمالي بالحجم بين الجهات. إذ تمكنت أربع جهات من تسجيل معدلات نمو أكبر من المتوسط الوطني (%1,5). ويتعلق الأمر بكل من جهة « سوس- ماسة» (%7,5) وجهة «الرباط-سلا-القنيطرة» (%5,2) وجهة «مراكش-آسفي» (%4,6) وجهة «العيون-الساقية الحمراء» (%2,9). وقد سجلت ست جهات معدلات نمو موجبة أصغر من المتوسط ​​الوطني (1,5%)، حيث تراوحت بين )1,3%) في جهتي « كلميم – واد نون» و « درعة- تافيلالت « و(0,2%) «بجهة الدار البيضاء- سطات». فيما سجلت جهتان معدلات نمو سالبة بلغت ناقص4,7% بجهة «بني ملال – خنيفرة» وناقص 1,9% بجهة «فاس – مكناس».
أما بالأسعار الجارية، فقد حققت الجهات الثلاث «للدار البيضاء-سطات» و»الرباط-سلا-القنيطرة» و»طنجة-تطوان-الحسيمة» 57,9% من الثروة الوطنية، بنسب بلغت 31,4% و16,1% و10,4% على التوالي. فيما أنتجت خمس جهات ما يعادل ثلث الناتج المحلي الإجمالي) %33,5 (: ويتعلق الأمر بجهة «مراكش- آسفي» 8,3%، جهة «فاس -مكناس» 7,9%، جهة «سوس- ماسة» 6,6%، جهة «بني ملال -خنيفرة» 6,1% والجهة الشرقية 5,1%. في حين ساهمت جهة «درعة-تافيلالت» والجهات الجنوبية الثلاث بنسبة 7,9% من القيمة الجارية للناتج المحلي الإجمالي، بنسبة 3% و4,9% على التوالي.
وفي ظل هذه الظروف، زادت الفوارق في تكوين الثروة بين المناطق. إذ ارتفع متوسط ​​الفارق المطلق (متوسط ​​الفارق المطلق بين الناتج المحلي الإجمالي لمختلف المناطق ومتوسط ​​الناتج المحلي الإجمالي للجهات) من 72 مليار درهم سنة 2021 إلى 73,1 مليار درهم سنة 2022.
ولتجاوز هذه الإشكالية، يقترح النموذج التنموي الجديد خارطة طريق مبنية على خمسة خيارات استراتيجية على رأسها تأمين المبادرة الخاصة بهدف القضاء على كل العوائق التنظيمية والحواجز الإدارية واقتصاد الريع، وتوجيه الفاعلين الاقتصاديين نحو الأنشطة الإنتاجية ذات القيمة المضافة المرتفعة بواسطة منظومة متكاملة للدعم والتحفيز، وكذا إحداث صدمة تنافسية قصد تخفيض تكاليف عوامل الإنتاج وتحسين جودتها بالإضافة إلى وضع إطار ماكرو-اقتصادي في خدمة التنمية، وأخيرا السماح ببروز الاقتصاد الاجتماعي كدعامة جديدة للتنمية.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 05/09/2024