فوضى أوراش البناء ببوزنيقة.. صمت قانون التعمير و «تلكؤ» تدخل مصالح المراقبة .. مواطنون يشتكون من ضجيجها المستمر ومن تداعياتها المتعددة

 

أضحت العديد من الأحياء، في الدارالبيضاء وفي غيرها من المدن المجاورة لها، عبارة عن أوراش بناء مفتوحة بفعل التوسع العمراني الذي دفع إلى إحداث تجزئات وتجمعات سكنية جديدة، يقطن ببناياتها المحدثة العديد من المواطنين الذي يقتنون شققها قبل أن ينتهي البناء والتشييد في التجزئة ككل، التي تظل بها بقع فارغة، وقد لا يتم الشروع في حفرها وتشييد المنازل بها إلا لاحقا.
وضعية لا تقف عند حدود الأحياء الجديدة بهذه المدن، بل تشمل كذلك تلك التي تغيرت تصاميمها العمرانية، وغيرها من التي تحتضن دورا متداعية للسقوط التي تتطلب وضعيتها إما هدما كلّيا أو جزئيا بتدعيمها، مما يجعلها تتحول هي الأخرى إلى أوراش، قد تغيب عنها كل أو جلّ أو بعض الشروط القانونية المنصوص عليها، من قبيل وضع سياج محيط بالورش مع احترام المسافة، وعدم التطاول على كل أجزاء الزقاق أو الشارع وعموم الملك العمومي، وكذا لوحة عند مدخله تبين رقم الرخصة وتاريخ تسليمها، وعدد الطوابق، والمساحة المغطاة، واسم صاحب المشروع، والمهندس المكلف بتتبع الأشغال، وغيرها من التفاصيل الأخرى التي تنعدم في العديد من الأوراش، خاصة تلك التي تكون داخل تراب جماعي قد يكون أغلبه حضريا وبعضه قرويا، هذا الأخير الذي قد تنتعش فيه بعض هذه الممارسات إذا ما انعدمت المراقبة بشكل كلّي أو جزئي، وأصبح المجال مفتوحا لكل شيء، وفي ظل تدبير قد يكون «مزاجيا» في التعامل مع ضمان تطبيق واحترام القانون، انطلاقا من عون السلطة وصولا إلى رئيس الملحقة الإدارية، مرورا بقسم التعمير في الجماعة ثم العمالة، وعموم المتدخلين في المجال؟
اختلالات تشمل كذلك غياب دفتر الورش، وإجراءات الحماية التي يجب أن يتوفر عليها العمال، وما تنص عليه بشكل عام المادة 59 المتعلقة بضوابط البناء، وما يرتبط كذلك بمواقيت العمل، هذا العنصر الذي تم تغييبه بشكل كلّي عن مقتضيات قانون التعمير، مما يجعل عددا من المنعشين ورغبة في تسريع تشييد بناياتهم لاعتماد أسلوب «العطش»، الأمر الذي يؤدي إلى مواصلة الأشغال ليل نهار وطيلة أيام الأسبوع، وفي حالات أخرى الشروع في أشغال الحفر والبناء وما يرافقهما انطلاقا من الساعة صباحا إلى غاية منتصف الليل، وخلال السبت والآحاد وأيام العطل المختلفة. هذا الوضع بتفاصيله المختلفة يتسبب في أذى كبير وإزعاج عارم للساكنة المحيطة بتلك الأوراش التي تجد نفسها في مجموعة من الحالات وحيدة أمام هذه الفوضى، غير المؤطرة بالقانون، رغم تدخلات اللجان المختلطة والسلطات المحلية في بعض الحالات لحث صاحب الورش على العمل من الساعة الثامنة أو التاسعة صباحا إلى غاية الخامسة مساء، الأمر الذي لا يتم تطبيقه ولا احترامه في الكثير من الحالات؟
وتتعدد مظاهر الفوضى التي تتسبب فيها أوراش بناء في عدد من الأحياء، وفقا لشكايات نقلها لـ «الاتحاد الاشتراكي» عدد من المتضررين، كما هو الحال بالنسبة لتجزئة مندرونا بتراب جماعة بوزنيقة، الذين اشتكوا من كل الممارسات المشار إليها سابقا إلى جانب التسبب في الإضرار بالبنية التحتية للحي، من إسفلت وأرصفة ومساحات خضراء، من طرف بعض المقاولين، إضافة إلى إشكال آخر يتمثل في خطوة تشييد «بيوت بالآجور المصفف بالمحاذاة مع البنايات التي يتم حفر أساساتها، والتي تتحول ليلا إلى فضاء لمعاقرة الخمر بالنسبة للبعض وللصخب واستعمال الموسيقى وغيرها من الممارسات، ليكون السكان أمام خيار، إما التعايش مع استمرار الأشغال في كل وقت أو الصبر على سلوكات من هذا القبيل، وهما معا وضعان يجب التدخل من طرف المصالح المختصة للقطع معهما وضمان احترام حق الساكنة في النوم وفي الراحة، هاته الأخيرة التي تصبح مفتقدة في كثير من الحالات!


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 09/09/2024