إيران تهدد بتصفية كبار زعماء إسرائيل وأمريكا تحذر طهران من استهداف أمريكا بسبب دعمها لتل أبيب
هددت وزارة الاستخبارات الإيرانية بالعمل على تصفية واغتيال رؤساء المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، بمن فيهم رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، وذلك بنشر قائمة تضم تسلسلهم القيادي مع عبارة «قائمة الإعدامات للإرهابيين الإسرائيليين».
وعلى غرار القائمة الإسرائيلية التي عرضت صور قادة حزب الله» وحركة حماس الذين أعلن الاحتلال اغتيالهم في الفترة الأخيرة، صدرت قائمة إيرانية تتوعد بتصفية كل من نتنياهو ووزير الحرب يؤآف غالانت ورئيس هيئة الأركان هرتسي هاليفي.
وتضمنت القائمة قائد سلاح الجو الاسرائيلي تومير بار وقائد الجبهة الشمالية يوري غوردين وعدد من القادة العسكريين.
وجاء الإعلان غير العادي باللغة العبرية، بتوقيع من وزارة الاستخبارات الإيرانية، وحمل عبارة «سنصل إليك قريبًا».
في الوقت نفسه، أصدر إبراهيم عزيزي، رئيس لجنة الأمن والشؤون الخارجية في البرلمان الإيراني، تهديدًا أيضًا وقال: «كما ورد في إعلان المرشد الأعلى بعد استشهاد إسماعيل هنية، فإننا نعتبر أنه من واجبنا الانتقام لدماء ضيفنا. سنأخذ بثأر قاسٍ ومؤلم، لكن التوقيت والمكان في أيدينا. وسوف نتصرف بحكمة وعلى حين غرة».
والأربعاء، أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أن هجمات بلاده الصاروخية ضد إسرائيل «انتهت» وأنهم لا ينوون الاستمرار «إلا إذا حصل إجراء انتقامي» من تل أبيب.
وأوضح عراقجي في حديثه للتلفزيون الرسمي الإيراني أن بلاده عقب الهجمات الصاروخية أمس على إسرائيل أرسلت رسائل تحذيرية لواشنطن عبر السفارة السويسرية لإحالتها للأمريكيين.
وأضاف أنهم لم يقدموا معلومات قبل الهجوم، لكن بعد الهجمات أبلغوا واشنطن أنهم لا ينوون الاستمرار «إلا في حال حصل رد إسرائيلي».
وأكد عراقجي أن الهجمات الإيرانية كانت «دفاعية» استنادا إلى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، محذرا من أنهم سيستهدفون القوات الأمريكية في المنطقة في حال التدخل الأمريكي.
وتابع: «حذرنا القوات الأمريكية من عدم التدخل وإلا ستواجه رد فعل قوي. كما قدمنا تحذيرات أيضا لجميع الأطراف عبر اتصالاتي الهاتفية (مع نظرائه في بريطانيا وألمانيا وفرنسا ودول أخرى) «.
سفيرة أمريكا بالأمم المتحدة تحذر
بدورها، حذرت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، أول أمس الأربعاء، إيران والجماعات المسلحة الموالية لها في المنطقة من استهداف الولايات المتحدة على خلفية دعمها لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وذلك بعد مشاركة واشنطن في صد الهجوم الإيراني على «إسرائيل».
وقالت السفيرة الأمريكية، وفقا لتصريحات نقلتها وكالة رويترز، إن «على مجلس الأمن أن يتحرك ويندد بالهجوم الإيراني ويفرض عقوبات على الحرس الثوري الإيراني».
وأضافت أن «الهجوم الصاروخي كان تصعيدا كبيرا من جانب إيران»، مشيرة إلى أن طهران ستتحمل المسؤولية عن أفعالها، حسب تعبيرها.
وحذرت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، «طهران ووكلاءها من استهداف أمريكا بسبب دعمها لإسرائيل»، وفقا لوكالة رويترز.
والثلاثاء، أعلنت إيران أنها أطلقت عشرات الصواريخ على دولة الاحتلال ما تسبب في إصابات بشرية وأضرار مادية وإغلاق المجال الجوي، فيما هرع ملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ بينما دوت صفارات الإنذار في كامل البلاد.
وجاء الهجوم الصاروخي ردا على اغتيال رئيس المكتب السياسي السابق لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، في العاصمة الإيرانية طهران نهاية تموز/ يوليو الماضي.
كما جاء ردا على اغتيال حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله، والقائد بالحرس الثوري عباس نيلفروشان، في غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت في 27 سبتمبر الماضي.
وفي تصريحات صحفية، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان إن «الهجوم الإيراني على إسرائيل يبدو أنه غير فعال»، مشيرا إلى أن واشنطن «نسقت عن قرب مع الإسرائيليين اعتراض الهجوم».
تهديدات متعاكسة
إلى ذلك، نقلت شبكة، «سي إن إن» عن مندوب دولة الاحتلال بالأمم المتحدة، جلعاد أردان، قوله إن «مجلس الحرب لن يقف مكتوف الأيدي إزاء هجوم إيران، وهو يدرس خيارات الرد».
وأضاف أن «الرد الإسرائيلي سيحدث قريبا، وسيكون قويا ومؤلما للغاية»، زاعما أن «الإيرانيين يعرفون قدراتنا في الوصول إلى أي وجهة بالشرق الأوسط».
وأشار إلى أن «أمر الرد على الهجوم الإيراني متروك لنا لنقرر طبيعته وما نستهدف فيه».
وفي وقت سابق، كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، عن مشاورات مكثفة تعقد على المستويين السياسي والأمني؛ استعدادا لهجوم على إيران من المحتمل تنفيذه في الأيام المقبلة.
وقالت الصحيفة، إن «الرد على إيران قد يشمل أكثر من خيار، وليس بالضرورة أن يكون عبر ضربات جوية»، كما نقلت عن مصدر مطلع قوله «إنه يجب على تل أبيب ألا تذهب بعيدا جدا في ردها، لكنه سيكون أقوى بكثير من الرد على هجوم أبريل الماضي».
وأضاف المصدر، أن هذا القرار الإسرائيلي ليس مؤكدا أن تتفق معه الولايات المتحدة، لكن واشنطن -وفق المصدر- تعلم أنه يتعين على تل أبيب الرد.
من جانبها، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر سياسية قولها -نقلا عن المجلس الوزاري الأمني- إن الرد الإسرائيلي على إيران «سيكون قاسيا، لكنه لن يؤدي إلى حرب إقليمية».
وأشارت إلى أن عوامل عدة تؤثر على الرد المتوقع، بينها الانتخابات الأمريكية، وأوضحت أن المستويين السياسي والأمني يعقدان في الأثناء مشاورات حول طريقة الرد على إيران.
في المقابل، قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، إن بلاده تريد السلام، لكن إذا رد الاحتلال على الهجوم الذي شنته بلاده فسيكون رد طهران أقسى.
وذكر بزشكيان خلال مؤتمر صحافي مشترك مع أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني في العاصمة الدوحة، الأربعاء: «نحن ضد إراقة الدماء بشكل مطلق، قلنا دائما إننا نريد السلام. لا نريد سفك الدماء في أي بلد. لكن إسرائيل تجبرنا على القيام بذلك».
وأضاف أن «دولة الاحتلال باغتيالها ضيفنا أجبرتنا على الرد، قامت بذلك في ليلة أدائي اليمين الرئاسي، لا يمكن لأي دولة أو جهة أن تقبل بذلك، لا يمكن لأي دولة أن تتطور أو تزدهر في ظل الحرب”.
وحول احتمال قيام الاحتلال بالرد على الهجوم الإيراني، أكد بزشكيان أنه “إذا قامت إسرائيل بالرد، فسيكون ردنا أقسى”.
وقال موقع «أكسيوس» إن «إسرائيل وإيران الآن أقرب من أي وقت مضى إلى فتح جبهة جديدة وأكثر خطورة في الحرب التي اجتاحت الشرق الأوسط، بعدما هددت إيران بأنه إذا ردت إسرائيل بالقوة على ما يقرب من 200 صاروخ أطلقتها، فإنها ستهاجم مرة أخرى».
وأضاف الموقع: «إذا حدث ذلك، يؤكد المسؤولون الإسرائيليون أن جميع الخيارات ستكون على الطاولة، بما في ذلك الضربات على المنشآت النووية الإيرانية».
الضربة كسرت نتنياهو
أكد الخبير بالشأن الإسرائيلي، الدكتور سليمان بشارات، أن «الضربة الإيرانية في توقيتها وفي شكلها بالتحديد نزعت النشوة التي حاول بنيامين نتنياهو أن يستعرض من خلالها القدرات الذاتية لشخصيته في إدارة هذه المرحلة».
وتابع: «عندما تأتي الرشقة الصاروخية من طهران، فإن ذلك يُعيد للذاكرة الإسرائيلية السابع من أكتوبر الذي أحدث هزة في المنظومة الرادعة وفي المنظومة الاستخباراتية وفي الحالة النفسية الإسرائيلية الداخلية».
ولهذا السبب يعتقد بشارات «أن تأثير هذه الهجمة حتى وإن لم توقع أي أضرار- على الرغم من أنه وفقا للمشاهد فإن هناك عددا كبيرا من الصواريخ يبدو أنها سقطت فعليا وتجاوزت الاعتراضات- فإن الواقع النفسي والاستخباراتي والعسكري والهيبة الإسرائيلية، وهي الأهم بالنسبة للاحتلال، عادت لتهتز مرة أخرى».
ويرى أن «إسرائيل في كل مرة تحاول أن ترمم فيها هذه الصورة، تعود لتتهشم مرة أخرى، وهذا الأمر حدث في أكثر من محطة منذ السابع من أكتوبر، ومنها عندما ذهبت طهران للرد على قصف القنصلية الإيرانية في دمشق، وغيرها من المحطات».
وحول ما إذا كانت الضربة الإيرانية قد كذبت وعد نتنياهو بأنه سيوفر الأمن لكل سكان «إسرائيل»، قال بشارات: «نعم بالضبط، وهذه النقطة الثانية، وهي أن الأهداف التي يضعها في كل مرحلة من مراحل الحرب لا يستطيع حتى هذه اللحظة أن يحققها أو أن يجد أرضية لتحقيقها».
وأضاف: «وهذا الأمر تابعناه في الحرب على قطاع غزة ونتابعه الآن، ففي بداية الحرب على قطاع غزة وُضعت أهداف، وهي إعادة الأسرى الإسرائيليين، والقضاء على حركة حماس، وإعادة المستوطنين إلى مستوطنات الجنوب، لكن لم يتحقق ذلك، ووسع نتنياهو من أهدافه وذهب إلى عملية إبادة وتدمير في قطاع غزة».
ولفت إلى أن «نتنياهو قبل انطلاق العملية العسكرية في الشمال وضع هدفا سياسيا متمثلا في إعادة المستوطنين إلى المستوطنات هناك، لتأتي هذه الضربة الآن لتقول إنه حتى وإن فكرت أو وضعت أهدافا في ما يتعلق بذلك فإن باقي الإسرائيليين في قلب المدن الإسرائيلية غير محميين».
وأكمل: «بالتالي عندما نتحدث الآن عن حالة عكسية كليا للأهداف التي يضعها، فإن هذا ربما يؤثر أو يضرب المصداقية والقدرة عند نتنياهو على أن يُقدم شيئا مكتمل الأركان للمجتمع الإسرائيلي».
وردا على سؤال: «كيف سيكون رد الاحتلال بعد رفع نتنياهو سقف تهديداته لطهران؟»، قال بشارات إن «الأمر يعد سهلا، وهذا الشيء ربما لاحظناه، فالمعادلة الآن في غاية الحساسية سواء في ما يتعلق بـ»إسرائيل» أو حتى للضربة الإيرانية وما قبل ذلك».
وأضاف: «إيران كما قال الرئيس الإيراني استخدمت سياسة ضبط النفس والصبر الاستراتيجي لفترة طويلة جدا، وأنها حاولت أن تعطي مساحة للوساطات الدبلوماسية الدولية، لكن إسرائيل في نهاية المطاف لم تتعاط وتتعامل مع كل ذلك وأصرت على الذهاب أبعد من ذلك».
وأوضح الخبير بالشأن الإسرائيلي أن «إسرائيل ربما هي الأخرى لديها حسابات، صحيح أنه قد يكون هناك بعض الأصوات داخلها تقول إنه الوقت المناسب الآن لتعزيز فرضية الذهاب إلى ضرب إيران والمنشآت النووية الإيرانية بغطاء دولي من أمريكا وتحت ذريعة الرد على هذه الإطلاقات الإيرانية».
وتابع: «لكن أعتقد أن هناك أيضا حسابات أخرى، فهل أمريكا والعالم ككل مستعدون للذهاب إلى حرب إقليمية إذا ما ردت إسرائيل على الضربة؟ وهل المجتمع الإسرائيلي مستعد لدفع ثمن أكبر مما دفع في السابق؟».
ولفت إلى أنه «عندما كان الحديث يجري عن الحرب على قطاع غزة والثمن الذي كان يُدفع إسرائيليا، فهو كان يُدفع من داخل الجيش وفي صفوف المؤسسة العسكرية، لكن الآن المُستهدف قلب المدن الإسرائيلية، ونحن نتحدث عن ما يزيد على 2- 3 ملايين إسرائيلي أصبحوا ضمن دائرة الاستهداف، وهذا سيشكل عبئا كبيرا على الحكومة الإسرائيلية وعلى بنيامين نتنياهو».
ولهذا السبب يعتقد بشارات أن «الحسابات الإسرائيلية ستكون بالغة الحساسية والدقة، بمعنى أنه إما الذهاب إلى رد ربما يكون مضبوطا ومحاولة البقاء ضمن توازن الردع والردع الاستراتيجي والتفرغ للجبهة الشمالية وإلى استمرارية الحرب في قطاع غزة….».
والخيار الثاني وفقا لبشارات «الانتظار إلى أن تحين الفرصة لتنفيذ عمليات موضعية كعمليات الاغتيال التي شاهدناها بما فيها اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وبالتالي محاولة رد الصفعة -كما يقال- إلى طهران بشكل أو بآخر».
وأوضح أن الخيار الثالث المحتمل للرد هو أنه «ربما تصمت تل أبيب عن كل ذلك تحت إطار المطالب السياسية من قبل أمريكا والموقف الدولي، ومحاولة الإبقاء على الخطوط التي هي ما زالت تعمل عليها على الجبهة الشمالية وفي قطاع غزة».
وحول سبب توحد الجبهة الداخلية الإسرائيلية على الحرب مع حزب الله، على عكس ما كانت عليه في حرب غزة، قال بشارات: «الموقف الإسرائيلي في ما يتعلق بالجبهة الشمالية مُوحد منذ اليوم الأول للحرب على قطاع غزة، وجميع الأصوات كانت تطالب بضرورة تنفيذ ضربات إلى حزب الله على اعتبار أن جبهة الشمال هي ذات أولوية أكبر وخطر أكبر من خطر قطاع غزة».
وأضاف: «التوحد الإسرائيلي على الجبهة الشمالية المختلف عن الموقف على الجبهة الجنوبية مرتبط بوجود أسرى إسرائيليين، وبالتالي فقد كانت المطالب دائما في ما يتعلق بقطاع غزة أن يتم تبديل الأولويات والأهداف، بمعنى أن يكون الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في أي صفقة، ومن ثم العودة إلى استكمال الحرب، وبالتالي هنا أنه كان الخلاف أو التباين في وجهات النظر الإسرائيلية».
وأوضح أنه «بالمقابل على الجبهة الشمالية لا يوجد أسرى إسرائيليون، وبالتالي فالهدف الأول والأساس هو تنفيذ الحرب على حزب الله ومحاولة القضاء على قدراته وتقديم الهدف السياسي المتمثل في إعادة المستوطنين إلى مستوطنات الشمال، وهذا بالمناسبة هو جزء من وحدة الداخل الإسرائيلي خلف نتنياهو، إضافة إلى أن المؤسسة العسكرية استعدت أكثر لهذه الجبهة بعد حرب عام 2006».