محمد العرابي يلهو بـ «الطين والغيم»

عن دار النشر «خطوط وظلال» صدر مختارات شعرية عالمية من ترجمة الشاعر والمترجم المغربي محمد العرابي بعنوان»الطين والغيم».
عن هذه المختارات كتب محمد العرابي: «جَرَتِ الكَلِمَاتُ فِي هَذِهِ النُّصوصِ المُخْتارَةِ كَمِيَّاهِ النَّهْرِ، تَنْسَابُ أَحْيانًا فِي وَدَاعَةٍ، وأحيانًا تَنْزِلُ كَتَيَّارٍ؛ وَفِي سَبِيلِي لِمُوَاكَبَةِ هَذِهِ المِيَّاهِ، كنتُ أَنْحُو إِلَى قِرَاءَةِ صَفْحَةٍ مَطْوِيَّةٍ بِاليَأْسِ، قَدْ تُشْرِقُ فِي أَيِّ لَحْظَةٍ لِتُطَوِّقَ ذِكْرًى نَائِمَةً قُرْبِي، كَمَا قَدْ تَنْطَفِئُ مِثْلَمَا يَحْدُثُ عِنْدَمَا تُجَدِّفُ الحَيَاةُ بَعِيدًا. دَائِمًا كَانَتْ إِيقَاعَاتُها، مِثْلُ دَوْخَةٍ، تَقُودُنِي إِلَى مَرْفَأٍ، لَا أَعْرِفُ هَلْ هُوَ نِهَايَةُ المَطَافِ، أَمْ فَاتِحَةُ غَرَقٍ فِي رَوَائِحَ وَأَعْشَابٍ تُقَاسُ عَلَيْهَا الكَلِمَاتُ وَالشِّعْرُ. كَثِيرًا، كُنْتُ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْفِزَ عَلَى مَعَاَنٍ تَسِيلُ فَوْقَهَا أَحْجَارُ النَّصِّ، دُونَ أَنْ أَكُونُ قادرًا عَلى تَنْوِيرِ حَرْفٍ أَوِ الإِمْسَاكِ بِغُبَارِهِ الدَّاخِلِيِّ أَوْ بِضَوْئِهِ وَهُوَ يَخْتَرِقُ حُجُبَ القَلْبِ. كُلَّمَا هَمَمْتُ بِهِ، وَقُلْتُ سَأَنْجَحُ هَذِهِ المَرَّةَ وَأَذْرُو مَا تَبْقَّى مِنْ رَمَادِهِ عَلَى جُرْحِي، غَافَلَنِي وَتَرَكَ الأَشْجَارَ تَسْخَرُ مِنِّي.
بِبُطْءٍ، وَدُونَ أَنْ يَخْتَفِيَ الدُّوَارُ الَّذِي يَعْصِفُ بِالدِّمَاغِ، تُومِضُ مِنْ رَأْسِي المَفْلُوجِ ثَرْثَرَاتٌ تُذْكِي عَدَمَ الثِّقَةِ فِي القَوَامِيسِ وَالأَفْكَارِ الَّتِي تَسْكُنُهَا وَتَجْعَلُهَا فِي مَنْأىً عَنِ الطُّوفاناتِ الَّتِي لَا تَتْرُكُ زَاوِيَةً مِنْ ذَاتِي إِلَّا عَصَفَتْ بِهَا».


بتاريخ : 05/10/2024